السيدة نفيسة.. الوسطاء يمتنعون.. «السيدة زينب».. الصور مع النقود.. "نظرة ومدد" جمعة: ارتفاع دخل الصناديق من 7 إلى 20 مليون جنيه طايع: أكثر من 200 مسجد به صناديق نذور على مستوى الجمهورية "والنبي يا ست تقبلي مني دي وتنجحي لي الواد"، والنبي يا سيدنا تقبل مني واجيب عيل".. وغيرها من الدعوات التي تتردد على الألسنة، وعلى قدر أمنيتك تخرج ما في جيبك، لتضعه في صندوق النذور، المنتشرة خصوصًا في مساجد آل البيت، وعلى رأسها مسجد السيدة زينب، ومسجد سيدنا الحسين، ومسجد السيدة نفيسة، وغيرها. ربما هناك اعتقاد لدى البعض بأن هذه العادة المرتبطة في مخيلة المصريين بقضاء حوائجهم قد اندثرت بمضي السنين، وأنه لم يعد هناك من يفعل مثل هذا، لكنه في الواقع لازالت قائمة، حيث ووضع الصدقة في الصندوق في اعتقادهم هو الطريق الأسرع للاستجابة للدعوات. وبغض النظر عن أن هذه الفكرة غير صحيحة، وأنه ليس بينك وبين الله حجاب أو وسيط، إلا أن السؤال الملح على الأذهان هو أين تذهب تلك الأموال؟ ومن صاحب التصرف فيها؟ وفيمَ ستُصرف؟. وتنتشر المساجد التي تضم أضرحة وصناديق نذور على مستوى الجمهورية، وأشهرها مسجد الإمام الحسين، الذي يعد من أكثر المساجد التي يتم إيداع الصدقات في صندوق النذور الخاص به، ويخضع لإشراف الجهاز المركزى للمحاسبات بحسب قانون 10 لسنة 2007. أيضًا، هناك مساجد السيدة نفيسة، والسيدة زينب، والنور بالعباسية، والذي يوجد به أكثر من ستة صناديق لجمع التبرعات، ومسجد عمر مكرم. وبحسب أحد العاملين بالمسجد، فإنه من أكثر المساجد التي يتردد عليها الأغنياء وكبار الدولة، ويتجاوز دخل المسجد شهريًا أكثر من مليون جنيه. إلى جانب مسجد والعارف بالله السيد أحمد البدوي بطنطا، وسيدي عبدالرحيم القناوي في قنا، والعارف بالله إبراهيم الدسوقى فى كفر الشيخ بمدينة دسوق، والمرسى أبو العباس، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، والناصري بمدينة المنصورة. وتمتاز صناديق النذور بأنها ذات حجم كبير وخشب سميك وطلاء أسود قاتم، وهي كبيرة الشكل متينة الهيئة، تحيط بها بعض السلاسل الحديدية الغليظة، ودائمًا ما تكون بجوار المقام. السيدة نفيسة يعد مسجد السيدة نفيسة من المساجد التي يرتادها المتعلقون بمساجد آل البيت، والمسجد يوجد به صندوق بجوار المقام، مقسم إلى نصفين، نصف في جهة النساء، والآخر جهة الرجال، وهناك ساتر فاصل بينهما. وكُتبت على الجدران المحيطة بالمقام العديد من التحذيرات؛ بعدم منح الأموال لأي شخص، وأن يتم وضع الأموال المراد التبرع أو التبرك بها داخل الصندوق فقط، وأغلب الزائرين بلا استثناء يقومون بوضع أموال بالصندوق رغبةً في التبرك بصاحبة المقام. وعندما سألت سيدة تتبرك بالمقام بعد أن قبّلت الأموال التي ستضعها بالصندوق، قالت وهي تبكي: "يارب تتوسط لي عند ربنا ويستجيب لدعائي، أنا ما ليش غيره وهي بركة إن شاء الله تتوسط لي عنده". وسألت أخرى: "هو في كرامات للصندوق؟"، فأجابت بحماس: "طبعًا ضعي بس نقودك في الصندوق وإن شاء الله ربنا هيستجيب". «السيدة زينب» لا يدخل زائر إلى المسجد إلا ويضع نقودًا بداخل صندوق النذور الموجود بجانب المقام في جزء منفصل خاص بالسيدات، وهو مستتر عن الجزء الآخر في الجهة المقابلة الخاص بالرجال، ثم يبدأ في الدعاء؛ ظنًا منه أن ذلك سيقربه إلى الله. ويوجد بخارج المقام مقام آخر محاط بصندوق زجاجي كبير، وخُطَّ عليه "مقام سيدي محمد العتريس.. شقيق سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه"، ولا يوجد منفذ بالصندوق لوضع الأموال، وفيما يبدو تم إغلاقه بعد وضع أموال من جميع الفئات، وإن كانت أغلبها من فئة عشرة جنيهات بداخله، وهي تُرى للعيان، وهناك بعض الصور ملقاة بجوار الأموال ربما أراد أصحابها أن ينظر إليهم الله بعين الرحمة من خلال ذلك المبروك الراقد أسفل المقام. بجوار صندوق مقام السيدة، أكدت لي سيدة، أنها تعلم أنه لا حاجب بينها وبين الله، إلا أنها تضع نقودها؛ صدقةً للتقرب إلى الله؛ تبركًا بالسيدة زينب. وقالت لي أخرى: "الفلوس بس صدقة علشان ربنا يستجيب إن شاء الله". وعندما حاولت بعض السيدات، وضع أموال بالصندوق الزجاجي لشقيق الدسوقي، رفض عمال المسجد موجهين الزائرين إلى داخل المسجد لوضع أموالهم بصندوق مقام السيدة زينب. مسجد الحسين لا يوجد حاجز بين الرجال والنساء غير سور حديدي يبلغ طوله حوالي متر، وهو مفرغ بنقوش إسلامية، ووضع التبرعات في الصندوق متاح للرجال والسيدات معًا، إلا أن الدخول للمسجد منفصل، فالرجال لهم باب يدخلون منه وكذلك النساء. ويقول الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إن عدد المساجد التى توجد بها صناديق النذور بلغ 201 مسجد على مستوى الجمهورية، منها 30 مسجدًا فى القاهرة، والتي تعد من أكثر المحافظات التى يوجد بها مساجد للنذور، و26 مسجدًا بمحافظة الغربية، و19 مسجدًا بمحافظة سوهاج، و12 مسجدًا بالإسكندرية وكفر الشيخ والدقهلية، و11 مسجدًا بمحافظة الجيزة، و10 مساجد بمحافظة قنا، و8 مساجد فى أسيوط، و9 مساجد بمحافظة القليوبية، و3 مساجد فى المنوفية، و3 مساجد فى الأقصر والسويس، و4 مساجد فى محافظة البحيرة والبحر الأحمر والفيوم، فيما لا توجد مساجد للنذور فى محافظاتالإسماعيلية، وبورسعيد، وجنوب سيناء. وأضاف أن صناديق الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي يتم فتحها أسبوعيًا، ومسجد عبد الرحيم القنائي يتم فتحه شهريًا، موضحًا أن حصيلة صناديق النذور بلغت منذ الأول من أغسطس الماضي وحتى منتصف سبتمبر الماضي 3 ملايين جنيه، بينما بلغ إجمالي حصيلة ال6 أشهر الأخيرة في 2018 13 مليون جنيه. وذكر أنه يتم فتح صناديق النذور بمعرفة لجنة تضم مندوبًا من مكتب الوزير، ومندوبًا من مديرية الأمن، وموظفًا بديوان عام الوزارة، وإمام المسجد، وصرافًا من أحد البنوك، ومندوبًا من الإدارة العامة للتفتيش بالوزارة، ومندوبًا من مركز المعلومات بالوزارة، وعملية فتح الصناديق يتم تصويرها بالصوت والصورة تنفيذًا لتعليمات الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف. وفي 2016، قال وزير الأوقاف، إن حصيلة صناديق النذور ارتفعت بنسبة 250% عن العام قبل الماضي، و40% عن العام الماضي لتُسجل 17 مليونًا و795 ألفًا، بزيادة قدرها 5 ملايين و260 ألف جنيه. أما في عام 2017، فقال الوزير، إنه بعد إعداد منظومة كاميرات مراقبة لصناديق النذور، والتشديد على عدم فتحها إلا بمعرفة لجنة بالوزارة، زاد دخل صناديق النذور من 7 إلى 20 مليون جنيه؛ ما يساعد على زيادة الموارد، موضحًا أنه تم توفير موارد هذا العام ب60 مليون جنيه لدعم "فرش المساجد". وأعلنت الوزارة، أنه نتيجة لضبط منظومتها، حققت صناديق النذور العام المالي 2017/ 2018م أعلى عائد فى تاريخها، حيث حققت إيرادات قدرها 26 مليونًا و313 ألف جنيه بزيادة قدرها 20% عن العام الماضى، وبنحو 240% عن العام المالى 2013/ 2014م، وكان إجمالى إيرادات النذور 7 ملايين و748 ألف جنيه، وأنه يتم توجيه الإيرادات في عمارة المساجد وصيانتها. وأشار إلى أنه تم تخصيص أكثر من 100 مليون جنيه من مواردها الذاتية بما فيها صناديق النذور لإحلال وتجديد وصيانة وفرش المساجد، مع صرف النسبة المقررة لمشيخة الطرق الصوفية، وقدرها 10% من إجمالي الإيرادات شهريًا. فيما قررت مديرية أوقاف الإسكندرية، منع وضع أي صناديق لجمع التبرعات بالمساجد تحت أي مسمى من المسميات سواء كانت زكاة الفطر أو المال أو كفالة الأيتام أو الصدقات أو التبرعات لعمارة المسجد، وعدم السماح لأي شخص بتشكيل لجنة لجمع المال؛ إلا عن طريق مجلس إدارة معتمد وفقًا لتعليمات الوزارة. وأهابت المواطنين بالإبلاغ الفوري في حالة وجود صناديق لجمع تبرعات بمسجد أو زاوية أو أي مخالفات على الموقع الرسمي لها على شبكة التواصل الاجتماعي لاتخاذ اللازم فورًا. وشدد وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، الشيخ محمد العجمي، على عدم استغلال المساجد أو الزوايا سياسيًا أو حزبيًا أو ماليًا، وأن تكون بيوت الله للعبادة فقط، ومن يتصدر هذا العمل؛ سيعرض نفسه للمساءلة القانونية والجنائية. أين تذهب تلك الأموال؟ ويقول الشيخ محمود صادق حرز الله، إمام وخطيب الأوقاف، إن وزير الأوقاف قال: "ننأى بأنفسنا عن مواضع الشبهات كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إنَّ الحلال بيِّن، وإنَّ الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ مِنَ الناس، فمَنِ اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه". وأضاف "المصريون": "في البداية كانت المساجد تتصرف في أموال الصناديق بتخصيص جزء منها لها، وجزء آخر للمحتاجين والفقراء وتجهيز الأيتام للزواج وعلاج المرضى من الفقراء، إلا أنه الآن يتم التصرف فيها وفق قرار اللجنة المسئولة عن المسجد". وأشار إلى أن "المساجد الكبيرة تحصل حاليًا على موافقة من مديرية الأوقاف أو الوزارة للسماح بتخصيص صندوق داخل المسجد، عبر ويتفق مجلس الإدارة الذي يتكون من 4 أو 5 أفراد فيما بينهم على إنفاق هذه الأموال لمساعدة فقراء أو زواج يتيمات أو غيرها حسبما يتراءى للجنة". وأكد، أنه لا ينكر وجود بعض الأماكن التي تتخذ من هذه الصناديق "لقمة عيش" لها، وهي تعتبر مشكلة يواجهها مفتش الأوقاف عن هذه الأماكن، إلا أنه لفت إلى أن كثيرًا من المساجد تحصل على هذه الأموال بإيصالات.