على الرغم من أن الإلحاد ظاهرة إنسانية قديمة ، فإن الإلحاد الجديد أو ما يسمى بالإلحاد الجديد (New atheism) ..أصبح يشكل تيارا عالميا جديدا يروج له مجموعة من العلماء المتخصصين في العلوم الطبيعية Hard Sciences و العلوم الإنسانية Soft Sciences ومنهم ريتشارد دوكنز ، و سام هاريس ، و كريستوفر كيتشنر .. حتى إن ستيفن هوكنج أعلن أكثر من مرة عن إلحاده في بعض كتبه ومنها كتابه الأخير Grand Design ..حيث قال بطريقة مراوغة : "One can't prove that God doesn't exist, but science makes God unnecessary." . و على الرغم أيضا من أن هناك الكثير من العلماء قديما وحديثا يؤمنون بوجود الخالق ، فإن الإعلام الآن يصر على تقديم نماذج أحادية التوجه مفادها :أن هناك تعارضا بين الدين و العلم ، و أن النصوص المقدسة تتعارض مع الحقائق العلمية . و هذا مؤشر خطير على أن هناك خلطا لدى الجهات الإعلامية بين محاربة التطرف و الإرهاب ومحاربة الدين نفسه . فإذا كنا نقف معا في خندق واحد لمحاربة الأفكار المنحرفة، فإننا لن نسمح بالتطاول على الرموز و النصوص المقدسة بدعوى حرية الفكر . و من المثير للدهشة أن تلك الفضائيات تستضيف بعض (المشايخ) للرد على النظريات الكونية التي يستند إليها الملحدون في ادعائهم أن ثمة تعارضا بين العلم و النص. و على الرغم من الضحالة العلمية و السطحية الفكرية الواضحة لدى هؤلاء (المبتدئين علميا ) فإن المشايخ الذين تستضيفهم الفضائيات ليسوا بأفضل حالا ،فالطرح الفقهي و العقدي التقليدي و الساذج لا يصلح في مواجهة (الدعاوى العلمية ). إن استضافة (مشايخ) للدفاع عن وجود الخالق يحمل رسائل مبطنة وخبيثة تشي بأن الدين مجرد (إرث فقهي )لا (قضية كونية) . و كان الأجدر أن تستضيف القنوات متخصصين في علوم الطبيعة حتى يبينوا للمشاهدين تفاهة و سطحية دعاوى الإلحاد ، فهناك الكثير من التزييف و الكذب وقليل من العلم تنطق به ألسنة هؤلاء الملحدين دون أن يلفت ( المشايخ) نظر المشاهدين إلى تلك الأخطاء العلمية في كلام من يدعون أنهم ألحدوا باسم العلم ،فالعلم الحقيقي لا يمكن أن يتصادم أو يتعارض مع النص المقدس قطعي الدلالة . العلم هو محاولة اكتشاف القوانين التي وضعها الخالق لضبط المنظومة الكونية ، و اكتشاف القوانين لا يلغي خالقها و مبدعها . و إذا كان ثمة تعارض بين ما هو علمي و ما هو ديني ،فهذا يعني أن ذلك (العلم) مجرد فرضية أو نظرية في طريقها للتطور و التعديل و التصحيح حتى تصل إلى الانسجام و التوافق مع المعتقد الديني.فنظرية التطور مثلا ليست نظرية واحدة بل هي عدة نظريات بعضها صحيح و بعضها (كأصل الأنواع مثلا ) ليس حقيقة علمية كما يدعي البعض ..بل هو فرضية أدحضها كثير من العلماء و يدحضها الواقع و المشاهدة . وقد نشرت مجلة التطور evolution عام 2006 مانشيت يقول : Over 500 Scientists Proclaim Their Doubts About Darwin's Theory of Evolution أكثر من 500 عالم يعلنون عن شكوكهم في نظرية التطور لداروين . و قد أصدر هؤلاء العلماء المتخصصين بيانا يحمل توقيعهم ..وقد وصفوا النظرية بأنها غير علمية : “We are skeptical of claims for the ability of random mutation and natural selection to account for the complexity of life. Careful examination of the evidence for Darwinian theory should be encouraged.” " نحن متشككون من مزاعم تتعلق بقدرة الطفرات العشوائية و الانتخاب الطبيعي لتفسير البنية المعقدة للحياة . وينبغي مواصلة التحقق من نظرية داروين. ثم يخرج علينا ملحد تافه وكذاب ليقول إنها حقيقة علمية و لا يوجد عالم واحد يرفضها . كفي عبثا بعقول ووعي الأمة ..فهذا ليس طريق محاربة الإرهاب بل على العكس من ذلك ، فهذا (الاستهبال) الفكري هو أحد طرق تفريخ الإرهاب .