"جراج العبور".. منفى النقل العام للعمال المعاقبين

"المنفى" ليست كلمة مطلقة المقصود بها إبعاد شخصٍ من موطنه ومنع دخوله مرة أخرى، أو حتى منعه السفر من المكان الذي أُبعد إليه، ولكن في مصر يتخذ المنفى صورةً أخرى، فهو مكان ناءٍ يتم نقل المغضوب عليه إليه، ليبتعد عن أسرته وعن عائلته وموطنه.
وفي كل مؤسسة حكومية منفاها المعروف لدى العاملين بها فقط، وهو كل من تجاوز أو أخطأ أو مغضوب عليه يتم إبعاده إلى منطقة نائية أو محافظة بعيدة يدفن بداخلها، ويبتعد عن الترقيات، ويتم تخفيض حوافزه، وكل الامتيازات التي يحصل عليها مثيله.
ومن بين هذه الهيئات هيئة النقل العام، التي تختار "جراج العبور" ك "منفى" – بحسب تعبير العمال - لمعاقبة المقصرين.
وقال محمد مصطفى، عامل بهيئة النقل العام، تنقَّل فى عدة جراجات، وفى النهاية تم إبعاده من كل الجراجات القريبة إلى جراج العبور، إنه تمت معاقبته بعد أن نشر عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، انتقد من خلالها أداء الهيئة، وأن هناك بعض المخالفات الواضحة، وتواصل مع وسائل الإعلام، فما كان منهم إلا أن نقلوه إلى هذا المكان.
وأضاف، أن أكثر من 80% من العاملين فى هذا الجراج منقولون بسبب عقوبات إدارية.
وقال عمال في "جراج العبور"، إنهم عُوقبوا لأسباب مختلفة، وإن سبب اختيار هذا المكان للعقاب، هو أنه مكان متطرف لا وجود لقطع غيار، والسيارات تتحرك دورة واحدة، فبالتالي تقل الزيادات التي يحصلون عليها، وأشاروا إلى أنه بنسبة بسيطة قد تصل حوافز العامل في أي جراج آخر إلى 2500، أما في "العبور" فتصل إلى 1000 جنيه.
وأشار العمال إلى أن الوقت الذي يصلون فيه إلى العمل في حدود ساعتين في الذهاب، ومثلهما في العودة، ولا يوجد عمل، لذا يعتبره العمال منفى.
"أنا أخشى الذهاب إلى النكسة"، بهذه العبارة، بادر "باسم"، سائق أحد أتوبيسات النقل العام، قائلاً إنه لا يرغب في التحدث خوفًا من إرساله إلى "جراج النكسة"، وإن كل من تسول له نفسه أن ينشر أى خبر على صفحة العمال أو حتى يقول أى كلمة؛ فيتحول إلى هذا الجراج، والذى نُفي فيه الكثيرون من العمال.
حاولت "المصريون" التواصل مع رئيس هيئة النقل العام؛ ليرد على هذه الاتهامات، إلا أنه لم يستجِب للرد على الهاتف.