كاميرات مراقبة داخل مؤسسات الدولة.. و20 ألف جنيه غرامة والحبس لمن يضبط أثناء التدخين لم تعد عبارة التحذير الشهيرة: "التدخين ضار بالصحة ويسبب الوفاة"، كافية لردع المدخنين، ولم تعد الصور المطبوعة على علب السجائر، وتظهر الآثار المدمرة للتدخين على صحة الإنسان تحقق الهدف المرجو منها بردع المدخنين، ما جعل الحكومة تنتهج مسلكًا جديدًا بإجراءات عقابية قاسية تتضمن الحبس والغرامة. مؤخرًا، طالبت لجنة مكافحة التدخين بوزارة الصحة، بتطبيق القوانين التي تحظر التدخين في الأماكن العامة، وشملت بعض الأماكن الخاصة بالموظفين، والمنشآت الصحية، لما للتدخين من خطورة على الصحة العامة، وكذلك البيئة. وتنص المادة رقم 87 على أنه يعاقب بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، حال عدم التزام المدير المسئول عن المنشأة بمنع التدخين في الأماكن العامة المغلقة لحكم الفقرة الأولى من المادة 46 من هذا القانون. كما يعاقب بغرامة لا تقل عن 10 جنيهات ولا تزيد على 50 جنيهًا، كل من يدخن في وسائل النقل العام بالمخالفة لحكم الفقرة الثانية من المادة المشار إليها وفى حال العودة تكون العقوبة الحبس والغرامة. وأكدت وزارة الصحة والسكان أنها ستعمل على تعميم تفعيل تحصيل الغرامات على المدخنين في المنشآت العامة، مثل المنشآت الحكومية، والمنشآت الصحية، والمنشآت التعليمية، والنوادي الرياضية والاجتماعية، ومراكز الشباب، فضلا عن وسائل النقل العامة والمواصلات، ولن يسمح بالتدخين داخلها. وبحسب آخر إحصائية، فإن عدد الوفيات الناتجة عن التدخين في مصر يصل إلى 170 ألف شخص سنويًا، أي أن واحدًا من 6 أفراد يتوفى بسبب التدخين، وبحلول عام 2030 سيكون 7 من كل 10 مدخنين في الدول النامية. ووفقًا للأرقام الرسمية حول أعداد المدخنين في مصر، فإن 22.8% من المصريين يدخنون التبغ، فيما يتعاطى 43.6% من الرجال و0.5% من النساء، كما أن أكثر من نصف السكان يتعرضون للتدخين السلبي، و48.9% من المصريين يتعرضون للتدخين السلبي في المنازل، بينما 36.5% في أماكن العمل، و8.7% من المصريين يدخنون الشيشة، و1.2% يدخنون السجائر الإلكترونية. وينفق البالغون أكثر من 410 جنيهات بنسبة 49.2% من دخل الفرد السنوي على التبغ، بينما ينفق الطلاب 109.8 جنيه شهريًا على تعاطي التبغ، ويعد التدخين سببًا رئيسيًا للإصابة بالسرطان وأمراض القلب والشرايين. ووفقًا لتقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن المصريين ينفقون على شراء التبغ 1.8% من إجمالي الناتج المحلي العالمي كل عام، والأثر الاقتصادي غير المباشر المتمثل في الوفيات المبكرة والخسائر في الإنتاجية نتيجة للأمراض المتعلقة بالتبغ يأتي أعلى من تكاليف الرعاية الصحية. بدورها، أعلنت وزارة الصحة أنه تتوفر عيادات للمساعدة في الإقلاع عن التدخين وخط ساخن برقم 16805ويتلقى الخط من 600 إلى 800 مكالمة شهريًا. كما أعلنت الوزارة، حظر جميع أنواع الدعاية والإعلان عن التدخين بكل صورها على أن يخضع المخالفون لعقوبات رادعة. وسيتم وضع صور تحذيرية على علب التبغ لحماية وتوجيه المتعاطين من مخاطر التدخين، حيث إن 38% استطاعوا أن يقلعوا عن التدخين بسبب الصور التحذيرية. من جانبه، قال النائب مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن "تطبيق الغرامة على المدخنين في الأماكن العامة والمنشآت الحكومية آلية معترف بها وموجودة في جميع أنحاء العالم". وأضاف: "التدخين السلبي يضر بصحة ملايين المصريين، لذا فإن تطبيق الغرامات سيكون آلية رادعة لتقليل عدد المدخنين في البلاد". وعن كيفية تطبيق هذه الآلية على أرض الواقع، أوضح رضوان ل"المصريون"، أن "ذلك سيكون من خلال تطبيق نظام كاميرات المراقبة في جميع مؤسسات الدولة، والموظف أو العامل الذي سيتم اكتشافه من خلالها وهو يقوم بالتدخين سيطبق عليه الغرامة". وأكد عضو لجنة الصحة بالبرلمان أن "الإجراءات التي تتخذها الدولة لمكافحة ظاهرة الإدمان بشكل عام، ستقلل من عدد المدخنين في مصر، ويزيد من وعي المواطنين بمخاطر التدخين على الصحة". بينما رأى الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء والمتخصص في علاج الإدمان، أن "مكافحة التدخين عن طريق الغرامات والحبس ليس هو الطريقة المثلى لمواجهة ازدياد عدد المدخنين، بل إن ذلك يأتي بنتيجة عكسية". وأضاف ل"المصريون"، أن "هناك إجراءات أخرى تحد من التدخين أكثر فاعلية من تطبيق الغرامات، كتخصيص أماكن للمدخنين فقط، كما هو مطبق في الدول الأوربية، "في هذه الأماكن سيشعر المدخنون بأنهم منبوذون وينفر منهم الآخرون، وهو ما سيساعد على تقليل أعداد المدخنين في مصر". وأشار إلى أنه على الرغم من ذلك فهو يؤيد تطبيق الغرامة كوسيلة غير مباشرة للحد من التدخين، ولكنه لا يعتقد أنها ستطبق في أرض الواقع لأنها ليست الطريقة المثلى. وأوضح أن "سعر السجائر لن يكون عائقًا أمام المدخن أو المدمن، لذا فإن زيادة أسعار السجائر لن تحد من نسب التدخين في مصر، وخير مثال على ذلك أنه عند غلاء عقار "الترامادول" المخدر بحث المدمنون على عقاقير بديلة بأسعار أرخص". وحول أساليب الدعاية لمكافحة التدخين، رأى عضو مجلس نقابة الأطباء أنه "لا يجب تداول صورة المريض من أجل استدرار عطف وشفقة الناس، كما لا يصح تصوير الإدمان بشكل عام على أنه ليس وسيلة للمتعة والإثارة لدى المدمن أو المدخن، لكن لا بد من تسليط الضوء على الأضرار أكثر من الفوائد، وهو ما يعد الدعاية الصحيحة في هذا الأمر". وقال إنه "إذا طبقت آلية الغرامات سيعود هذا الأمر بالنفع على الدولة من نواحٍ عدة؛ أهمها من الناحية الاقتصادية والبيئية، حيث تنفق الدولة الكثير من الأموال على العلاج، بسبب الأضرار الخطيرة للتدخين على الصحة"، موضحًا أن "الحل العلمي هو أننا نحفز المدخن على أن يقلع عن التدخين". في حين قالت بسنت فهمي،عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن "التدخين ممنوع في الأماكن المغلقة بكل دول العالم، وذلك بسبب الأضرار الخطيرة التي تعود على صحة المواطنين من التدخين السلبي". وأوضحت ل"المصريون"، أن "تطبيق الغرامة على المدخنين ليس الهدف منه تحقيق الاستفادة المادية للدولة من وراء هذا، بل الهدف هو الحفاظ على صحة المواطنين، ما يعود بالنفع على الحكومة بشكل غير مباشر، حيث تصرف الدولة الملايين على العلاج". وأشارت إلى أن "الآلية ستطبق بالفعل على أرض الواقع وفي أقرب فرصة ممكنة"، لافتة إلى أن "المصريين لا يتأثرون إلا عند دفع الأموال، فالغرامة هي الحل للحد من التدخين". وتابعت: "الغرامات هي الوسيلة المتعارف عليها في كل دول العالم، لذا لا توجد أزمات أو صراعات بين المواطنين والمسئولين، فإذا أخطأت تطبق عليك الغرامة وينتهي الأمر بسلام". وذهبت إلى القول: "الغرامة هي أنجح وسيلة في مكافحة التدخين في مصر، وستأتي بنتيجة مرضية معهم، لذا تطبيق الغرامة على المدخن هي الطريقة المثلى لمكافحة التدخين".