نقص الأدوية يهدد مرضى الأمراض المزمنة مريض بالكبد: «الداكتون» غير متوافر بالصيدليات منذ شهور سيدة تبحث عن علبة لبن: «أبحث منذ 3 أيام بالصيدليات عن «بيبلاك 2» دون جدوى مريضة بالسكر: أكثر من شهر ولم أجد «أنسولين مكيستارد 100» «شعبة الصيادلة» تستنجد ب«الصحة» لمنع احتكار الشركات تزايدت خلال الأسابيع الماضية، شكاوى العديد من المصريين جراء نقص الأدوية، حتى أصبح من المعتاد أن يلف المرضى وذووهم "كعب داير" من أجل الحصول على دواء غير متوفر في الصيدليات، فتصدمهم إجابة الصيدلي: "غير موجود حاليًا"، ومن صيدلية لأخرى تتكرر الإجابة ذاتها، ويتكرر الألم ذاته. "أشرف. ع" يعاني من تليف في الكبد، ولا يستطيع أن يعيش من غير أن يأخذ الأدوية بصفة مستمرة، وفضلاً عن ظروفه المادية الصعبة التي تزيد آلامه، فإنه ما يشعره في الحقيقة بالقهر، حين يذهب إلى الصيدلية المجاورة لمنزله، فلا يجد أقراص "الداكتون"، نظرًا لأنه يعاني من "الاستسقاء"، الناجم عن التليف الكبدي. يذهب إلى أكثر من صيدلية، عله يجد دواءه الذي يخفف من ألمه، لكنه في النهاية يعود خالي الوفاض، الأمر الذي جعله يعبر بلسان العاجز عن حاله البائس وغيره من يتعاطون هذه الأقراص بصورة منتظمة: "يا باشا.. المخدرات بنلاقيها في الشارع، أما العلاج مش بنلقاه". ربما تكون الإجابة صادمة لكنها الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن يغض الطرف عنها، وهو يرى باعة المخدرات منتشرين في الشوارع يعرضون بضاعتهم على المارة، بينما المريض لا يجد الدواء الذي يكتبه له الطبيب. أمام صيدلية الإسعاف، والتي يقصدها المواطنون من مختلف مناطق القاهرة الكبرى، بحثًا عن العلاجات الناقصة في الصيدليات المختلفة، هناك مأساة من نوع آخر، متمثلة في نقص أنواع من ألبان الأطفال المدعومة، وهذه المعاناة تعيشها الكثير من الأسر، وخاصة ذات الدخل المحدود التي لا تملك شراء الألبان المستوردة بالسعر الحر. تقول "أم فارس"، 35 سنة وهي تقف أمام الصيدلية: "بقالى أكثر من 3 أيام بلفّ على ألبان أطفال "بيبيلاك 2" ومش موجود".. أنا تعبت ومش عارف أروح فين، ولا أجيب اللبن لطفلى منين، لأن هو ده اللبن الوحيد اللى بيرتاح عليه". أحد العاملين بصيدلية الإسعاف يعترف بالنقص في ألبان الأطفال، "فيه نقص فى ألبان الأطفال كلها، واللبن ده على وجه التحديد، ولما بينزل، بينزل بكميات قليلة جدًا، يعنى ممكن الصيدلية ينزل لها علبتين أو تلاتة بالكتير". المشكلة يلقي بها الصيدلي على المواطنين الذين يتصارعون على الحصول على كميات كبيرة من ألبان الأطفال، وهو ما يؤدي إلى حدوث أزمة، "لبن الأطفال بيصرف من غير روشتة، ومن أهم أسباب نقصه، إن بعض الأسر بتشترى 3 أو 4 علب اللى موجدين فى الصيدلية، وممكن ما يضطرش لاستعمال الكمية دى كلها ويركنها عنده فى البيت، وده بيساهم بشكل كبير فى النقص". في منطقة إمبابة، ليس الوضع بأفضل حال، ف "أم صالح"، وهي مريضة بالسكر، والتي تقف أمام صيدلية "إمبابة الكبرى"، وهي تندب حظها، لأنها لا تجد العلاج اللازم متوافرًا "بدور على أنسولين مكيستارد 100 منذ شهر تقريبًا ولم أجده، وهو العلاج الوحيد لضبط نسبة السكر في الدم". المشكلة أنه لا يوجد بديل يمكنها الحصول عليه، بديلاً لهذا الدواء الذي اعتادته "ما ينفعش معاى أى بديل له، وطلبت من أقاربي بأماكن ومناطق متفرقة، البحث عنه ولم يجدوه أيضًا؛ على الرغم من ارتفاع سعره ل55 جنيهًا بعد أن كان سعره 38 جنيهًا". فضلاً عن مرض السكري الذي تعاني منه، تقول السيدة: "أعاني خشونة الرقبة، وأبحث عن مهدئ للأعصاب، ولا أجده أيضًا، وكل ما ادخل صيدلية يقولى أنه ناقص فى السوق يا حاجة، ويبلغونتى بأن معظم الأدوية المهدئة ناقصة لاستغلالها من قبل المدمنين". وبسؤال الصيدلي جوزيف سمير عن سبب كثرة نواقص الأدوية فيرجع ذلك إلى لسببين، أولهما؛ حدوث عجز في استيراد المادة الخام أو مواد التصنيع، والثاني احتكار بعض شركات التوزيع بعض الأصناف لتعطيش السوق. فعلى الرغم من نفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، تلك الأنباء التي تُفيد بوجود نقص شديد في الأدوية، إلا أن هناك عجزًا في الأدوية والمستلزمات الطبية بالصيدليات والمستشفيات بشكل كبير. ومن بين تلك الأصناف غير المتوافرة: كبسولات كالسيمات لعلاج هشاشة العظام، تريبتيزول 25 وموتيفال لعلاج حالات الاكتئاب، لاكسين أقراص لعلاج الإمساك، أقراص سينميت لعلاج شلل الرعاش، لاكتيول فورت لعلاج الإسهال، ديكلوفين إس آر 100 لعلاج الروماتيزم والالتهابات، بونستان فورت أقراص لتخفيف الآلام وعلاج الالتهابات، منثو لاكس كملين، ومضاد للتقلصات المعوية، جلوكوزامين مركب لعلاج وحماية المفاصل، ما هو الفوليك أسيد مقويات للحوامل، أقراص برادورال للاستحلاب ومطهر للفم والحلق، سبازموكانيولازد لعلاج الانتفاخ وتهيج القولون وعسر الهضم. أمبولات سيناكتين ديبو كمضاد للحساسية، ديفارول إس أمبولات للعلاج والوقاية من نقص فيتامين"د"، ميثوتريكسات مضادة للروماتيزم والصدفية، تستونون 250 مجم / مل أمبولات ونانديورابولين 25مجم،50 مجم / مل يستخدم للرجال لعلاج الأمراض التى يسببها نقص هذا الهرمون، مثل تأخر سن البلوغ أو العجز الجنسي أو الاختلالات الهرمونية الأخرى كما أنه يستخدم لعلاج سرطان الثدى للسيدات، أوراكيور جيل دواء موضعي لعلاج التهابات الفم واللثة، جى سي مول فوار مسكن وخافض للحرارة وطارد للبلغم، بيبيلاك 2 و هيرو تو نيو ادفانس حليب أطفال للرضاعة. ويقول الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن "نواقص الأدوية بالسوق لا تتجاوز 150 صنفًا، بموجب آخر إحصائية أجرتها وزارة الصحة". وأضاف في تصريحات إلى "المصريون"، أن "نقص الأدوية يرجع إلى أسباب مختلفة؛ أهمها تعطل الإنتاج، بسبب نقص المواد الخام، وذلك بحكم أنها صناعة يحكمها قواعد وضوابط ومعايير جودة شديدة الرقابة بشكل أكبر من غيرها؛ لكونها ترتبط بصحة وسلامة الإنسان. وعن توافر "المخدرات" وسط نقص للأدوية المزمنة، أشار عوف إلى أن "الأدوية لا يمكن أن تُباع دون عبوة، كي يُدون عليها بعض الإرشادات الخاصة بطريقة الحفظ وتاريخ الصلاحية، إضافةً إلى تحذيرات الاستخدام حال وجودها". في حين أكد الدكتور حاتم بدوى، سكرتير شعبة الصيادلة باتحاد الغرف التجارية، أن "أزمة نقص الأدوية بالسوق لن تُحل إلا إذا تدخلت الدولة ممثلة في وزارة الصحة، وأجبرت الشركات على سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، وإنتاج الأدوية الناقصة بالسوق". وكشف بدوى ل "المصريون"، عن أن "هناك 222 صنفًا ناقصة بالسوق، ومعظمها أدوية لعلاج أمراض السكر والضغط والقلب، وهى الأمراض التى تصيب أغلب المصريين". وتساءل: "لماذا لم يتم فصل ملف الدواء عن وزارة الصحة؟ خاصةً بعدما فشلت فى إدارته ورضخت لشروط الشركات المحلية والعالمية، ورفعت الأسعار بشكل عشوائي وفق النسب التى حددتها الشركات". وطالب سكرتير شعبة الصيادلة، منظمة التتبع الدوائي بمتابعة صناعة الأدوية منذ بدايتها، وهى مواد خام حتى تحولها لأقراص، ومعرفة الأعداد الحقيقية التي تنتج، وأين ذهبت، ومن هنا نقلل الاحتكارية من قبل الصيدليات والموزعين. وعن دور الشعبة في حل هذه الأزمة، أوضح أن "الشعبة ليست جهة تنفيذية؛ وإنما علينا إخطار الوزارة بمشكلات واقتراح الحلول المناسبة". وقال بدوي، إن "المخدرات تباع في أسواق موازية وبالشوارع، لذا فهي تتوافر بشكل كبير عكس الأدوية. ووفقًا لما قاله محمود فؤاد مدير "المركز المصرى للحق فى الدواء، فإن سبب انتشار المخدرات فى مقابل غياب بعض الأدوية يرجع إلى عدم وجود سعر عادل للدواء فى مصر. وطالب بإنشاء هيئة للدواء مثل كل دول العالم، كي تسعر الدواء وتسجله وتفتش عليه وتراقب الدواء حتى بعد بيعه للمواطن، والوقوف ضد احتكار شركات الأدوية.