لم أكن أتصور فى يوم من الأيام إننى سأكون سببًا فى تغيير حياة فتاة، قابلتها مصادفة فى أحد محال الأحذية.. ولكنه القدر.. قدر ليلى.. التى حاولت الانتحار بقطع شريان يديها هروبًا من جحيم أهلها، وتسلط أخيها.. حكت ليلى لى قصتها.. لم أفهم لماذا تحكى لى قصتها رغم أنها أول مرة ترانى، وتعلم إننا لن نكون أصدقاء، كما إننا لن نتقابل مرة أخرى. أعتقد أنها كانت تريد أن تخرج بركانًا يوشك على الانفجار، أو لا تريد أن تكرر تجربة الانتحار.. كان كل ما قالته لى وأنا أحادث صديقتها بائعة الأحذية "كلامك حلو ياأبلة". كنت أتحدث وقتها فى القدر، فأنا إنسانة قدرية بطبعى، وكنت وقتها أشاهد برامج عمرو خالد وأمشى على طريقته. فمن الجائز أن يكون هذا هو السبب فى إعجابها بطريقة حديثى.. مما جعلها تخرج كل ما بداخلها وتحكى لى قصتها. قالت ليلى إنها حاولت الانتحار بسب أهلها وتسلط أخيها.. نظرت إليها متعجبة فطريقة ملبسها لا تدل على أى تسلط، ولكنها أجابتنى بأن أخاها لا يراها، وهى ترتدى تلك الملابس. وأضافت أنها تفعل ذلك انتقامًا منه، فهو يضربها ويتهمها فى شرفها، مما جعلها تشعر بأنها ناقصة، كما أن نظرته إليها تشعرها باحتقار ذاتها، فأصبحت تدنس نفسها من أجله تفعل كل ما اتهمها به. بعد أن سمعت قصتها، قلت لها: إن ما تفعلينه غير منطقى، ولن يعود عليه بالضرر كما تتصورين، ولا سيهتم بك إذا انتحرتِ أو انتهت حياتك، إنما عليكى تطوير نفسك وأن تجعليها شامخة. وقصصت لها قصة سيدنا يوسف، وكيف كان أخوته يضمرون له الشر، وفى النهاية اشتريت لها بعض الكتيبات الدينية وتركتها تذهب.. وبعد مرور عام تقريبًا كنت أصلى صلاة التراويح بالمسجد، ووجدت فتاة تنادينى.. لم أصدق أن هذه الفتاة هى ليلى.. لم أر ليلى من وقتها، ولم أكن أتصور أن كلماتى هذه ستكون ذات أثر.. ولكن فى اعتقادى أن القوة ليس فى كلماتى ولكن القوة كانت لدى ليلى فهى التى كانت تريد أن تتغير، وأنا كل ما فعلته أنى قمت بالضغط على زر التغيير بداخلها.. ليلى مثلها مثل نساء الشرق هى فى حاجة إلى واقع ملموس، فى حاجة إلى يد حانية تعطف عليها، وتقول لها نحن بجوارك، نحترمك، ونقدرك فالمرأة فى مجتمعاتنا لاتزال عرضة للقمع، والتهميش فهى لم تنل كامل حقوقها الشرعية التى كفلها لها دين الله. فنساء الشرق يشعرن أنهن أكثر دنوًا من الرجل فترى الرجال يجحدون دورها، ولا ينظرون إلا لمفاتنها أو لجسدها بعيدًا عن مشاعرها وأحاسيسها.. لذا يتعاظم شعورها بالظلم، والقهر، والتسلط، والنظرة الدونية من حولها بلا سبب أو منطق مقبول! لذلك على المرأة أن تتخلص من إرث الصفات السلبية، التى رسخت فى ذهنها عبر السنين، وتبدأ عملية التغيير من نفسها، وأن تعرف ماذا تريد.. وقتها فقط ستحصل على حريتها الحقيقية.. [email protected]