أعتذر بداية عن إرجاء الحديث فى سلسلة "رمضان الشهر والعام والعمر"، وأستأذن القارئ أن أنحاز إلى اهتمامه بجراح الوطن، وأن أشاركه مشاعر الحزن لفقد رجال كانوا يؤدون واجبهم وهم صائمون، فامتدت يد الغدر الخسيسة لتغتال حياتهم، وهم يتناولون فطورهم. • الأقدار علمتنا وتعلمنا دومًا أن الشهداء دائماً مستعدون، وهم تحت الطلب، كلما احتاجهم الوطن ليعيش بكرامة وحرية، وهذا هو قدرهم. • ومن مزايا ثورة 25 يناير أنها كانت سلمية بامتياز، وأنها بهرت العالم بأدائها الثورى والحضارى، لكن هذه الميزة يمكن أيضاً أن تكون عيبًا، فالوضع فى مصر كان يحتاج إلى شىء من الحزم فى معالجة ظاهرة الفلول والثورة المضادة، وكان على ثورة مصر أن تضرب على أيديهم، وأن تكسر أصابعهم حتى لا يعبثوا بأمن مصر. • كل الثورات كانت تواجه أعداءها بحزم وقوة حتى لا تترك مجالا للردة. • الحالة المصرية بعد الثورة لم تكن مهيأة للتعامل بقوة القانون مع العابثين، ومضى عام ونصف والوضع فى مصر لا يسر، فلا أمان ولا استقرار ولا إنتاج، والقوى الوطنية لم تلتفت لخطورة الأوضاع، وإنما كانت مشغولة بتقسيم التورتة السياسية فى وطن يئن من الفوضى. • أظن أن الحدث المؤلم والمؤثم والمجرم، الذى وقع فى سيناء يكشف عن رغبة من يتمنون الشر لمصر أن لا يقر لها قرار، وألا تحظى بعملية تحول ديمقراطى يتم وفق الرؤية الإسلامية، وتسلم فيه السلطة بسهولة ويسر. • ما حدث قرب رفع يجب أن يدفع كل القوى الوطنية لتتخلى عن المطامع الخاصة، ولو كانت لصالح هذا الحزب أو ذاك، والقضايا العاجلة التى تهدد سلامة الوطن واستقراره يجب أن تحظى بكل الأولويات المطلقة. • فما حدث ليس مصادفة، وإنما هى مؤامرة تستهدف تعطيل الحياة السياسية، وتنال من سيادة الوطن، وتنتقص من شخص الرئيس وهيبة مؤسسة الرئاسة، ولذلك وجب على كل شرائح الوطن وتياراته المختلفة أن تهب لدفع هذا العبث والضرب بيد من حديد على من وراءه فى الداخل والخارج، ولا يجب أن نسمح أن يكون مستقبل الوطن فى مهب الريح لأن مجموعة الفلول ليست راضية على الثورة ولا على مسار التحول الديمقراطى. • الصمت هنا يشكل مشاركة فيما يحدث، كما أنه يسقط مهابة الدولة، ويمنح العابثين فرصًا جديدة لاستمرار العبث بأمن مصر وسلامتها. • الأجهزة المعنية عليها أن تقدم الفاعل الحقيقى أو تستقيل وتعلن عجزها، فالموقف لا يحتمل التمييع، وقبل ذلك ضربت الطائرة المصرية القادمة من أمريكا، والتى كانت تحمل مجموعة من القادة الضباط المصريين وسكت النظام ولم يعلق ببنت شفة. • الناس كلهم والدنيا كلها لابد أن تعلم أن هذا العهد قد انتهى إلى غير رجعة، وذلك يكون بالفعل لا بالقول فقط. • الرجال الذين فقدتهم مصر فى ذلك الحادث الأليم هم رديف الثوار الذين ضحوا بحياتهم فى ثورة 25 يناير لتعيش مصر وشعبها، وبعضهم فقد أعضاءه ِِلَيْسلمَ الوطن، والبعض الآخر فقدوا عيونهم لترى وتفرح عين الوطن بأعلام الحرية ترتفع فى ميادينه وفوق أسطح منازله. • الحدث الجلل، الذى أصاب قلب الوطن لا يجوز أن يمر بغير مراجعة أو حساب. • البحث عن الجناة وتحديد الجهات، التى حرضت على الجريمة ليس فقط واجب الوقت، وإنما أضحى ضرورة مستقبلية لحماية أمن الوطن ممن يعبثون به ويستغلون حالة السيولة السياسية، وما يصاحبها من عدم الاستقرار لتهديد الوطن. • الدعوات التى حرضت على العنف والفوضى على فضائيات تبث من أرض مصر يجب أن يحاسب من أطلقها مهما كانت مكانته. • والتيارات السياسية كلها يجب أن تتوحد وأن تتوارى تماما كل الخلافات السياسية أمام التحدى الجديد. • نعرف أن البلد تعانى من حالة فوضى فى مجالات متعددة، ونعرف أن وراء هذه الفوضى قوى ارتبطت مصالحها بالنظام المخلوع، لكن التحدى الجديد بقتل جنودنا بدأ يأخذ منحى خطيرا يجب أن تحشد فى مواجهته كل الجهود حتى يتم القبض على الجناة ومعرفة من وراءهم. • الشعب المصرى لن يقبل بتصريحات طمأنةٍ من الأجهزة المعنية تفيد أن الموقف تحت السيطرة، وأن كل شىء على ما يرام، فزمن التصريحات المفبركة قد ولى وراح، والشعب الآن يتمتع بقدرة عالية على تمييز الكلام الجاد من كلام الليل المدهون بزبدة، فإذا طلعت عليه الشمس ذاب وتبخر، لأنه ليس إلا فبركة للاستهلاك المحلى والضحك على الذقون. • خصوم الوطن وأعداؤه فى الداخل والخارج يجب أن يعلموا وبدروس عملية أن مصر تغيرت، وأنها لن تفرط فى حق أبنائها، ولن تتسامح مع من يعبث بأمنها أبدًا. • أول الدروس العملية يبدأ من الشارع المصرى بالقضاء على كل مظاهر الفوضى السياسية والإعلامية، التى تسود الشارع المصرى ويقودها موتورون لا خلاق لهم ولا وطنية لديهم، ولا يجيدون فى الحياة إلا صراخ الحناجر والهذيان بكلام لا معنى له. • يجب أن يبدأ الحزم السريع الرادع ليدرك العابثون أن العقوبة تنتظرهم، وأنهم لن يفلتوا من العقاب، وأن العدالة لها أنياب ومخالب، وأنها ستجرح بالقصاص وبشدة قلوب من يغتالون أبناء مصر وجنودها البواسل، وعلى الجميع أن يدرك أن دماء المصريين لم تعد رخيصة كما كانت من قبل. • مصر اليوم لديها وزارة جديدة، ولديها وزير عدل نثق فى كفاءته ووطنيته ونزاهته وشرفه، ولديها أيضاً وزير داخلية ننتظر منه الكثير. • جهود كل المؤسسات الأمنية وبقية مؤسسات الدولة يجب أن تنتظم فى سلك واحد لمقاومة الفوضى، وفى مقدمتها البلطجة السياسية، التى يمارسها البعض، كما يجب أيضًا أن تتخلص مصر من النفايات الإعلامية قبل التخلص من نفايات الشوارع التى تحولت إلى حواجز إعاقة تزكم الأنوف وتعيق حركة سير الأشخاص والمركبات. • ننتظر من وزير الداخلية أن ينهى حالة الصياعة التى تمارس فى الشارع المصرى من قبل البعض وتتعدى على الأفراد ومرافق الدولة. • فريق الوزير يجب أن يكون جاهزًا، ومن ليس على استعداد عليه أن يتقاعد فورا ويذهب إلى بيته. • فوضى التحريض فى فضائيات الفلول وعلى لسان بعض العابثين ممن لهم أهداف وأجندات خارجية له صلة بذلك الحادث المؤلم، والنائب العام المدنى والعسكرى، يجب أن يبدأ التحقيق معهم فورا وهم معروفون جيدًا. • مصر اليوم فى حاجة إلى الحزم والحسم حتى تنتهى الفوضى. • نعلم أن الدموع تملأ عيون كل المصريين الآن، لكن الحزن لا ينسينا البحث الجاد عمن فعل الجريمة، ومن المستفيد منها؟ ولصالح من فى هذا الوقت بالذات؟ • بشاعة الجرم تحتم على كل القوى أن تتوحد اليوم قبل الغد، وأن تنسى كل خلافاتها وتقف خلف قيادتها لتثأر وتنتقم. • نباتات اللبلاب السياسى، التى تتاجر بجراح الوطن ودماء الشهداء فى أسواق النخاسة الفضائية يجب أن تخرس وبالقانون، وإذا كان البعض لا يفهم لغة الأخلاق، فإن العقاب يجب أن يكون جاهزًا ورادعًا، وبعض الناس لا يفهم إلا هذه اللغة. • رحم الله الشهداء الضحايا، وعزاؤنا لأهليهم ولكل الوطن الجريح، وعلى أبنائه الشرفاء أن يتحاملوا على جراحهم، وأن يطهروا مصر من اللبلاب السياسى المتسلق، وأن يغسلوا سماءها وفضاءها من القمامة الإعلامية، التى دأبت على نشر نجاستها ورجاستها وفحش قولها فى ماخور الفضائيات المستأجرة، واللهم إنى صائم. Email: [email protected]