على الرغم من الرفض الذي قوبل في أوسط الصحفيين لبعض مواد قانون تنظيم الصحافة والإعلام، ووصف البعض بأنه قانون «إعدام للصحافة»، إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، صدق اليوم على القانون، الذي حمل رقم 180 لسنة 2018، بعد يومين من نشر الجريدة الرسمية له، دون التجاوب مع الاعتراضات. القانون جاء في 110 مادة، حيث نصت المادة الأولى، على «أن يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وتسري أحكامه على جميع الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية، والمواقع الإلكترونية ويستثنى من ذلك، المواقع أو الوسيلة أو الحساب الإلكتروني الشخصي ما لم ينص القانون المرافق على خلاف ذلك». ونصت المادة الثانية على أن «الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية القائمة في تاريخ العمل بأحكام القانون المرافق، أن توفق أوضاعها طبقا لأحكامه ولائحته التنفيذية، وذلك خلال ستة أشهر، من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية». وجاء في المادة الثالثة «يلغى القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة وقانون رقم 92 لسنة 2016 بإصدار قانون التنظيم المؤسسي، للصحافة والإعلام كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون والقانون المرافق». فيما تضمنت المادة الرابعة «يستمر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بتشكيله الحالي في مباشرة مهامه واختصاصاته إلى حين صدور قرار بتشكيله الجديد وفقا لأحكام القانون المرافق». ونصت المادة الخامسة على أن «تصدر اللائحة التنفيذية للقانون المرفق، بقرار من رئيس مجلس الوزراء خلال ثلاثة أشهر، من تاريخ العمل به، وذلك بعد أخذ رأي كل من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، ونقابتي الصحفيين والإعلاميين». وتنص المادة السادسة على «نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره». عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، وصف قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بأنه «يعتبر المسمار الأخير في نعش الصحافة القومية». وقال في تصريح إلى «المصريون»: «كان على الرئيس السيسي، عدم التصديق عليه، والأخذ بمطالب الجماعة الصحفية الرافضة للقانون». أضاف بدر: «القانون يفتح الباب لتصفية ولخصخصة المؤسسات الصحفية القومية، ومن سيدفع الثمن، هم الصحفيون العاملون بالصحافة القومية». وتابع: «سبق وأن قلنا أن القانون هو قانون إعدام الصحافة، وهاجمنا القانون، لكن مفيش حد سامع، والصحافة القومية بعد التصديق عليه ستتجه نحو طريق سيء». وعن أسباب موافقة الرئيس على القانون على الرغم مما أثاره من جدل، ورفض الجماعة الصحفية له، أوضح عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن «القانون يأتي ضمن السبل التي تتبعها الدولة للسيطرة على المؤسسات القومية وفرض سيطرتها بالكامل عليها، ولذلك وافق عليها الرئيس». واستنكر خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات السابق بنقابة الصحفيين، تصديق السيسي، على القانون، واصفًا إياه بأنه «إعدام للمهنة». وكتب «البلشي»، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، قائلًا: «يوم أسود في تاريخ الصحافة.. التصديق على قوانين إعدام المهنة». فيما، قال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، إنه تم «تمرير قانون اغتيال مهنة الصحافة وهامش حرية التعبير، والقتلة والمشاركون في الجريمة يستكملون دورهم بكتابة بيانات التهنئة والتبريكات». وأضاف عبر صفحته على «فيس بوك»: «حرية الصحافة معركة طويلة وممتدة وخسارة جولة ليست الختام، إنه يوم حزين وعار سيلحق بكل الذين باعوا ضمائرهم و خانوا مهنتهم». غير أن، الدكتور محمود علم الدين، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، وأستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة رأى أن تصديق الرئيس على القانون، بمثابة بداية لمرحلة جديدة في تنظيم الصحافة. وأوضح، أن «هذه المرحلة الجديدة تتضمن بعض الاختلافات وبعض الأمور الجديدة عن المرحلة السابقة، فيما يتصل بجوانب العمل الصحفي كتشكيل الجمعيات العمومية وتشكيل مجالس الإدارة وضوابط إصدار الصحف وشرط التأمين ونسبة ال50% على الأقل من النقابيين العاملين في الصحيفة، «فهي ضوابط تنظم العمل الصحفي خلال الفترة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات الصحفية القومية، وتمثل تطبيق متطلبات القانون الجديد»، بحسب تعبيره. وفي تصريحات له، أشار إلى أن «القانون نص على أن توفق المؤسسات الصحفية أوضاعها وفقا للقانون الجديد خلال عام، وهو نص خاص بتلك المؤسسات وليس بالهيئة، التي ليس لها مالك كالصحف، ولا رئيس تحرير ولا جمعيات عمومية أو مجالس إدارات». وتابع: «فلسفة القانون قائمة على أن الجهة المسؤولة عن إدارة الصحافة في مصر تمارس سلطاتها بشكل كامل في الرقابة والتوجيه والمسائلة والمحاسبة، فضلًا عن فكرة قيام الهيئة بمسؤوليات كاملة في كل جوانب متابعة أداء المؤسسات الصحفية القومية بدءً من متابعة الأداء إلى المراقبة والمسائلة والمحاسبة». كان نقيب الصحفيين و14 عضوا سابقًا بمجلس نقابة الصحفيين أصدروا في وقت سابق، بيانًا صحفيًا، تحت عنوان: «لنتوحد جميعًا ضد العصف بحرية الصحافة وحق التعبير»، أعربوا خلاله عن رفضهم لمشروعات قوانين الصحافة والإعلام المعروضة على مجلس النواب، معتبرين أنها تشكل اعتداء على الدستور وردة واضحة على الحريات الصحفية، وتفتح باب الهيمنة على العمل الصحفي. وطالب الموقعون، على البيان، بفتح حوار واسع تحت مظلة النقابة، حول سبل التصدي لما حوته مشروعات القوانين الثلاثة من مواد تشكل عدوانًا على الدستور وافتئاتًا على حقوق الصحفيين والكتاب والقراء والمشاهدين جميعًا، والعمل على تعديلها.