غلق باب التصويت في لجان الاقتراع بسفارات وقنصليات مصر بنيوزيلندا وأستراليا وكوريا والابان.. وبدء الفرز    المشاط: التمويلات التنموية الميسرة للقطاع الخاص ترتفع إلى 17 مليار دولار منذ 2020    رانيا المشاط ل «خارجية الشيوخ»: اقتصاد مصر دخل مرحلة تحول حقيقى منذ مارس 2024    هل يمنح اتفاق تبادل الأسرى هدوءاً نسبياً لليمن؟.. ترحيب عربى ودولى.. تبادل 3000 أسير ومختطف برعاية الأمم المتحدة.. توقعات بأن يشمل الإفراج عن قيادات بارزة بحزب الإصلاح.. مجلس الأمن: ندعم السلام فى اليمن    كأس أمم أفريقيا، تألق نجوم الدوري الإنجليزي في الجولة الأولى    انتشال آخر جثة لسيدة من أسفل أنقاض عقار إمبابة المنهار    تفاصيل انفصال الإعلامية لميس الحديدى وعمرو أديب    محافظ كفر الشيخ: خطة متكاملة لتوفير السلع وضبط الأسواق ب15 مجمعًا استهلاكيًا    الذهب يختتم 2025 بمكاسب تاريخية تفوق 70% واستقرار عالمي خلال عطلات نهاية العام    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    قطع المياه عن المنطقة المحصورة بين شارعي الهرم وفيصل غدا    رئيس جامعة طنطا يجري جولة تفقدية موسعة لمتابعة سير أعمال الامتحانات    العربية لحقوق الإنسان: اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على المسيحيين نتيجة للتغافل الدولي ضد الفصل العنصري    «القاهرة الإخبارية»: 5900 طن من المساعدات الغذائية والطبية والبترولية تدخل قطاع غزة    جيش الاحتلال يعلن اغتيال أحد أبرز عناصر وحدة العمليات بفيلق القدس الإيراني    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    أشرف حكيمي يدعو كيليان مبابي وديمبيلي لحضور مباراة المغرب ضد مالي    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    محافظ الفيوم يعتمد جدول امتحانات النقل لمدارس التعليم الفني    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    محافظ الغربية يتفقد المرحلة الثانية لتطوير كورنيش كفر الزيات بنسبة تنفيذ 60%    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    وزير الثقافة: المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في الأنشطة الداعمة للمواهب والتراث    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



افتقار البشرية لهداية الوحي الرباني
نشر في المصريون يوم 06 - 07 - 2018

لم يتفق الفلاسفة من مختلف التوجهات والأمم والأعصار كاتفاقهم على نقص الإنسان وعجزه من جهة، وعلى استحالة اتفاقهم على الأصول الكلية اعتمادا على معارفهم وعلومهم وإلهامهم وحواسهم وحدسهم، وهو ما يؤكده الواقع ويشهد به التاريخ.
وقد شهد تاريخ البشرية في القرون الماضية تصاعدا في العلوم التقنية وتيسّر وسائل الانتقال والاتصال والتواصل بشكل رهيب وذلك بعد فصل العلوم التطبيقية عن الفلسفة اليونانية وعن علوم الكنيسة التي مزجت كثيرا من علوم ومعارف اليونان في التوراة والأناجيل، وفي شروحاتهما، وبعد الاعتماد على المنهج التجريبي الذي تلقوه من المسلمين في جامعات الأندلس خصوصًا، إلا أن الغرب، وبقية العالم، لا يزالان يعانيان من الفوضى والصراعات والحروب والظلم، فضلا عن إدمان المخدرات والانتحار والقلق والاكتئاب والأمراض النفسية والجنسية، ولم تصل البشرية في ظل هذا التقدم المادي للسعادة والأمان الذي تحلم به لقصور العقل والحس!
وكان من أعظم الإنجازات الفلسفية في العصور الأخيرة ظهور نظرية المعرفة كأساس للتقدم والتنوير، حيث أصبحت الفلسفة الحديثة تقوم على ثلاثة مباحث أساسية هي: الوجود، المعرفة، القيم، ويعد مبحث المعرفة أهم مباحثها، ومصادر المعرفة فيها هي: العقل والحس والحدس، وتعتمد على التجربة، ولذلك فهي تتعامل مع العلم المادي فقط، وهذا هو سبب نقصها وقصورها لأن العلم والعالم لا يقتصران على الجانب المادي فقط، وهذا الإنكار غير العقلاني للجانب غير المادي في العلم والعالم كان سبباً لظهور مذهب الشك والسفسطة في الفلسفة القديمة والحديثة التي أنكرت كل الحقائق! وبالمقابل فإن الحواس والعقل يمكن خداعهما أو لا يكونان مصيبين ودقيقين في نتائجهما، وهو ما تثبته التراجعات والتصحيحات العلمية أو النظريات والفلسفات الجديدة والمناقضة للمعروف والسائد.
وبرغم كل هذا التقدم المادي إلا أن العجز عن الإجابة عن الأسئلة الوجودية ملازم لهذه الفلسفات الوضعية على مر العصور والدهور، وعبّر عن ذلك ارتيلمي سانت هيلير بقوله: "هذا اللغز العظيم الذي يستحث عقولنا: ما العالَم؟ ما الإنسان؟ من أين جاء؟ من صنعهما؟ من يدبرهما؟ ما هدفهما؟ كيف بدآ؟ كيف ينتهيان؟ ما الحياة؟ ما الموت؟ ما القانون الذي يجب أن يقود عقولنا في أثناء عبورنا في هذه الدنيا؟ أي مستقبل ينتظرنا بعد هذه الحياة العابرة؟ وما علاقتنا بهذا الخلود؟ هذه الأسئلة لا توجد أمة ولا شعب ولا مجتمع؛ إلا وضع لها حلولا جيدة أو رديئة، مقبولة أو سخيفة، ثابتة أو متحولة".
ودائما تكون نتيجة المعرفة المادية لعالم الغيب الفشل، وهو ما يعترف به الكثير من الفلاسفة الماديين، فيقول كانط: "إن عقل الإنسان مركب تركيباً يؤسف له، فإنه، مع شغفه بالبحث في مسائل لا تدركها حواسنا، لم يستطع أن يكشف معمياتها".
وهذا العجز بالاعتماد على مصدرَي العقل والحس للمعرفة دفع كثيرا من الفلاسفة لاختراع أديان من عند أنفسهم لتعويض النقص والعجز والفقر مثل "كونت" الذي تصوّف ثم أخذ يؤسس ديناً جديداً، لكن الجنون والموت قطعا عليه الطريق!
ومن أمثلة افتقار البشرية للوحي كمصدر للمعرفة وعجز العقل والحس عن تمام المعرفة بمفردهما، ما نشعر به ونكاد نلمسه من وجود عالَم مغاير للعالم المادي وهو عالم الغيب، فالروح التي نحيا بها هي مِن عالم الغيب، ولكننا نجزم بها برغم عدم خضوعها للحس والتجربة ولا يمكن للفرضيات العقلية من التعامل معها!
وقصور العقل البشري عن إدراك المحيط العام من حولنا هو ما يسبب ظهور مشاكل جانبية مهلكة لكثير من القرارات البشرية التي لم تدرك الأخطار الكامنة والتبعات الكارثية خلف سلوكنا على غرار مشكلة الأوزون، بسبب الإفراط في استهلاك الطاقة أو الأمراض الجنسية نتيجة انفلات الشهوات والغرائز!!
كما أن تحديد الخير والشر في الأفعال والسلوك والأشياء لا ضابط صحيحا له بالاقتصار على مصدري العقل والحس للمعرفة، ولذلك تقوم الصراعات حولها بين مذاهب الفلاسفة بدايةً ثم تنشأ عنها الحروب والمعارك الطاحنة.
من هنا تظهر الحاجة لسد افتقار البشرية من خلال اعتماد الوحي الرباني كمصدر للمعرفة فيما عجز عنه العقل والحس والحدس البشري عبر التاريخ، فالوحي الرباني المستند لعلم الخالق العليم البصير الخبير هو ما يكمل الدائرة ويقدم علم اليقين عن عالم الغيب وعن أخبار الماضي وعن أحوال المستقبل، كما أن الوحي الرباني هو المصدر الوحيد الذي يقدّم الوصفة الصحيحة لسعادة البشرية والأحكام السليمة لإقامة الشعائر الدينية والمعاملات الدنيوية للبشرية.
منهج الوحي يقرر أن لهذا الكون خالقا عظيما عليما، خلق الخلق بحكمة ودقّة ولِحكمة، خلق الكون بحكمة ودقة لا يزال العلم يكشف عن جوانب عظيمة منها، بعضها في غاية الدقة والرقة كما في خفايا الذرة والنواة، أو في غاية الضخامة والعظمة كحال المجرّات والنجوم قال تعالى: "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين" (الأنبياء: 16).
وبناء على هذا الأصل العظيم يقرر منهج الوحي أن لهذا الخلق حكمة وغاية وهدف، قال تعالى: "وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون" (الذاريات: 56).
ويكشف لنا الوحي أن الإنسان لما خالف أمر الرحمن بعدم الأكل من الشجرة في الجنة أُخرج منها وأرشد لطاعة الوحي الرباني ليسعد في الدنيا، وحتى يستطيع العودة للجنة في المستقبل، قال تعالى: "اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى" (طه: 123).
وفي هذا الوحي الرباني الخاتم، وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، الهداية الكاملة للأسئلة الوجودية التي أعجزت الفلسفات والأديان الوضعية والأديان المحرفة، وفيها خريطة الطريق السليمة التي تحقق الحياة الدنيوية الصحيحة.
ما هو الوحي؟ وما هي أشكاله؟ وما هي علاقته بالعقل والحس؟ هذا ما سنستعرضه في المقالات التالية بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.