وقعت الحكومة المصرية والبنك الدولى أمس اتفاقية قرض بقيمة 500 مليون دولار لصالح مشروع دعم إصلاح التعليم فى مصر الذى يهدف إلى تحسين ظروف التدريس والتعلم فى نظام التعليم الحكومى، وقد وقع الاتفاقية عن الجانب المصرى الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، وعن البنك الدولى الدكتور أسعد عالم المدير الإقليمى المسئول عن اليمن ومصر وجيبوتى، وذلك على هامش اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولى وصندوق النقد الدولى. وحضر مراسم التوقيع أيضا الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، والدكتور حافظ غانم نائب رئيس البنك لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.ويهدف المشروع الذى يستمر خمس سنوات إلى الإسهام فى دعم إصلاحات قطاع التعليم فى مصر، وتعقيباً على هذا الإتفاق نسأل : فى حال فشل التجربة الجديدة هل ستتم محاسبة المسئولين الذين تسببوا فى إهدار كل هذه المليارات ؟ أم ستتم " الطرمخة " عليهم ومنع تقديمهم لمحاكمات عادلة ؟ . وما يدفعنا لطرح تلك التساؤلات أن هناك تجربة سابقة لفشل نظام التابلت فى التعليم ، حيث سبق أن تم تطبيقه بالفعل خلال العام الدراسي 2013- 2014 وقت أن كان محمود ابوالنصر وزيراً للتعليم ، وتم توزيع أجهزة تابلت على طلاب المحافظات الحدودية الست، وهي شمال وجنوب سيناء، والبحر الأحمر ومرسى مطروح وأسوان والوادي الجديد. ، وتم تسليم التابلت للطلاب مجانا، وبعد مرور عدة أسابيع ، أدركت الوزارة، بناء على تقارير من المديريات التعليمية، أن التجربة دخلت النفق المظلم، فقررت مضطرة العودة إلى طباعة الكتب بشكل سريع، وتوزيعها على الطلاب، مع احتفاظهم بأجهزة التابلت. نأتى الى جزئية آخرى سوف يتم تطبيقها فى النظام الجديد وهى إلغاء القسم العلمي والأدبي في الثانوية العامة حيث سيدرس الطالب طوال الثلاث سنوات خليطا من العلوم والأنسانيات والآداب لتخريج طالب علي علم وثقافة كافية لسوق العمل . وفى تقديرى الخاص أن هذا الأمر سوف يضيف أعباء أكثر على الطالب وأولياء الأمور ، حيث أننا فى عصر يجب أن يكون فيه إيمان بالتخصص المطلوب بعيداُ عن سياسة " السمك لبن تمر هندى " ، كما أن التحجج فى هذا الأمر بضرورة أن يكون لدى الطالب ثقافة فى مختلف التخصصات لم يعد أمراً حقيقياً خاصة أن الثقافة والمعرفة أصبحت أسهل فى عصر الإنترنت والفضائيات ومواقع الإنترنت والتواصل الإجتماعى ، ولذلك أرى أنه كان من الواجب أن يتم فصل الشعبتين العلمية والأدبية عن بعضهما البعض بداية من الصف الأول الثانوى مع دمج شعبتى العلوم والرياضة فى شعبة واحدة . وفى هذا السياق نشير إلى مهزلة آخرى أعلنت عنها الوزارة ، حيث قررت أن يكون تدريس مادتى العلوم والرياضيات بدءاً من المرحلة الإعدادية باللغة الإنجليزية . الغريب أن هذا يحدث فى الوقت الذى تتعالى فيه الدعوات لتعريب العلوم احتراما واعلاء لتراثنا العلمى العربى ولغتنا العربية التى هى لغة القرآن الكريم ؟ وهنا نسأل : هل تم تدريب المعلمين على الشرح باللغة الإنجليزية ؟ وهل تعتقدون أن دوراتكم " الفنكوشية " يمكن أن تجعل المدرسون قادرون على استيعاب المناهج وشرحها للطلاب باللغة الإنجليزية ؟ . وبالإضافة لما سبق نطرح العديد من التساؤلات منها : لماذا لا يتم تأجيل البدء فى هذا النظام التعليمى الجديد الى العام الدراسى بعد القادم لمزيد من الدراسة وتوفير الضمانات لإنجاح التجربة ؟ ولماذا لا يكون تنفيذ خطة تطوير التعليم تدريجياً أى أن تبدأ منذ الصف الإبتدائى الأول وليس من بداية المرحلة الثانوية ؟ وهل تم اختبار أجهزة " التابلت " التى سيتم توزيعها على الطلاب لضمان عدم تكرار اعطاله وهو ما سيؤثر على المستوى التعليمى لهم ؟ وما الذى يضمن الغاء هذا النظام بعد البدء فى تطبيقه حال استبعاد طارق شوقى وزير التعليم الحالى من منصبه كما هى عادتنا دائما فى مصر ؟ ومتى تكون لدينا سياسة موحدة لا تتغير بتغير الوزراء ؟ والى متى يظل طلابنا حقول تجارب نجرب فيهم وعليهم سياسات نظرية مغلفة بشعارات حنجورية ؟ .وهل تمت مراعاة صيانة الشبكات الكهربائية فى المدارس لضمان عدم انقطاع الكهرباء وتمكين الطلاب والمدرسون من " شحن " أجهزة التابلت أثناء اليوم الدراسى ؟ . ياسادة .. نحن نتحدث عن مستقبل مصر القادم الذى نبنيه الآن ، لذلك يجب ان يتم تأسيس الأجيال الجديدة على أسس ثابتة بسياسات واحدة لا ترتبط بأشخاص حتى لا يحكم على تلك التجربة بالفشل منذ بدايتها ، بل يجب أن يتم ربطها بالواقع المصرى حتى تحقق الأهداف المرجوة منها فى الحاضر والمستقبل .