من المعلوم من الكتب التى كتبت تاريخ الإخوان، وأغلبها للإخوان أنفسهم، أنه حين أسّس حسن البنا، الإخوان عام 1928م فى الإسماعيلية، ثم انتقل إلى القاهرة عام 1932م، وانتشرت جماعة الإخوان فى معظم مدن ومديريات وقرى مصر؛ كان هناك هيكل تنظيمى للجماعة على رأسه المرشد ومكتب الإرشاد، وتحته الهيئة التأسيسية (مجلس الشورى العام)، والأقسام المركزية (الطلبة والمهن والأسر والعمال وغيرها). كما كان يوجد هياكل المحافظات من مكاتب إدارية، ومجلس شورى المحافظة، ومناطق وشُعَب وأُسَر، إلى أن شكّل البنا تنظيمًا آخر سريًّا شبه عسكري سُمِّيَ "النظام الخاص"، لا يعلم به إلا المرشد، وعدد قليل من أعضاء مكتب الإرشاد. واختلف المؤرخون حتى من الإخوان فى أشياء كثيرة حوله بدءًا من تاريخ تأسيسه، هل هو عام 1939م أم عام 1940م، وكان على رأسه طالب بكلية الآداب هو "عبد الرحمن السندى"، وكان معه خمسة فى قيادة النظام الخاص وهم (مصطفى مشهور - أحمد حسانين - كمال السنانيرى - محمود الصباغ - أحمد زكى حسن)، فضلًا عن قيادة القاهرة ممثلة فى أحمد عادل كمال. وأكد المهندس أبو العلا ماضى، رئيس حزب الوسط فى ذكرياته التى نشرها على حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أن الخلاف بين المؤرخين حول الهدف من النظام الخاص، فجزء من مؤرخى الإخوان يقول: إن النظام الخاص كان يهدف إلى مقاومة الاحتلال الإنجليزى للخروج فى مصر، وللمقاومة فى فلسطين فقط، والمؤرخون من خارج الجماعة يقولون: إن هدف النظام الخاص هو اغتيال خصوم الجماعة والمساعدة فى الوصول للحكم بالقوة. على كل حال، أثار النظام الخاص مشكلات ضخمة للجماعة قديمًا، وخاصة حوادث الاغتيال للقاضى الخازندار، ولرئيس الوزراء فى ذلك الوقت محمود فهمى النقراشى؛ والتى أدت بعدها بأيام إلى اغتيال البنا نفسه يوم 12/2/1949م، وقد سبق اغتيال النقراشى بأيام بعد قراره بحل جماعة الإخوان. وأضاف "ماضى"، أنه منذ ذلك التاريخ أدرك عدد كبير من قيادات الجماعة بتشكيلاتها الطبيعية أو ما عرف بعد ذلك ب"النظام العام"، تمييزًا لهم عن النظام الخاص، خطورة أفعال رجال النظام الخاص. وأوضح "ماضى"، أن محمد فريد عبد الخالق، أخبره شخصيًا وقد كان من أقرب المقربين إلى "البنا"، أن الأخير أخبره قبل اغتياله، قائلًا: "لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما أنشأت النظام الخاص"، حيث بدأ يشعر بتضخم شخصية عبد الرحمن السندى وتعامله مع البنا بندِّية، وخروجه عن السيطرة. واستطرد قائلًا: "فما بالك بتعامله مع المستشار حسن الهضيبى الذى تولَّى قيادة الجماعة بعد اغتيال حسن البنا بأكثر من سنتين ونصف كمخرج من هذا الخلاف، ولِكَوْنِ الرجل قاضيًا كبيرًا، ليغيِّرَ وجه الإخوان الذي تلوث بصورة الجماعة الخارجة عن القانون بسبب أفعال النظام الخاص، وحاول الرجل أن يسيطر على النظام الخاص؛ تمهيدًا لتفكيكه، ولم ينجح تمامًا حتى الصدام الأخير مع نظام يوليو في أكتوبر 1954م". الخلاف بين قيادة السرية للإخوان بدأت مبكرًا منذ تأسيس الجماعة زمن المرشد الأول حسن البنا، وهو ما أقر به محمود الصباغ فى مذكراته عن النظام الخاص وعلاقة صلاح شادى بالبنا وبعبد الرحمن السندى. وأكد فى شهادته، أن "صلاح شادى" كان ضابطًا من ضباط البوليس استجاب مبكرًا لدعوة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين "حسن البنا"، وترقى حتى صار رئيسًا لقسم الوحدات، وهو قسم من شأنه نشر الدعوة بين رجال البوليس. عند علم صلاح شادى بوجود تشكيل عسكرى داخل صفوف الجماعة، رغب أن يشارك فى مسئوليته، وعرض على البنا ذلك، والذى أخذه إلى منزل عبد الرحمن السندى، المسئول العام عن تكوين النظام الخاص "السرى" لجماعة الإخوان المسلمين. وفى الاجتماع طرح "البنا" رغبة "شادى" إلى الانضمام لمجموعة قيادة النظام الخاص، حيث اعترض "السندى"؛ بحجة أن هذا الطلب غير موافق لقواعد الانضمام إلى النظام الخاص. كما أوضح "السندى" وقتها، أن إحضار المرشد للضابط صلاح شادى إلى "السندى" يعد مخالفًا لقواعد قيادة النظام العام. وقد مرّ هذا اللقاء دون عواقب، لكن بعد مقتل "البنا" وتولى "الهضيبى" المرشد الثانى للإخوان المسلمين، كان صلاح شادى من أقرب المقربين إلى الهضيبى، ولم ينسَ رفض "السندى" له للانضمام إلى النظام الخاص، ما أدى إلى صراع داخل جماعة الإخوان، ووجود أجنحة داخلية منذ وجود مؤسسها الأول، والتى لم تنتهِ حتى الآن.