ليس معنى أنك مررت بتجربة زواج فاشلة أو ظالمة أن عليك أن تقومي بإسقاط تجربتك على الأخريات فتبدعي في كتابة منشورات ساخرة مستهينة بالزواج والأزواج ..ليس عليك أن تقومي بتخويف الفتيات بشبح تجربتك فيصبح لديهن هواجس مرضية وهي تقوم بالتحقيق والتفتيش بحثا عن عيوب مدفونة وتمر بها السنوات وهي لا تزال تبحث عن كامل الأوصاف ..ليس عليك أن تقومي بعملية شحن لصديقتك الراضية الصابرة وأنت تصفيها بالخنوع والسلبية والاستسلام لمجرد أنها لا تريد أن تغير منكر بمنكر أكبر منه أو لأنها تضحي لأجل استقرار أسرتها ..وفق لمعتقداتك سيدتي فإن زوج المجادلة التي أنزل الله فيها قرآنا يتلى لم يكن ليستحق أن تجادل عن حياتها معه فما فعله لم يكن إلا استهتارا بالحياة الزوجية أنه حتى لم يتحمل مسئولية السؤال ناهيك عن الجدال مع النبي صلى الله عليه وسلم لعلاج ما أفسده . تتبعت الحياة الشخصية لكثيرات ممن يطلق عليهن النسويات في الشرق والغرب هؤلاء اللاتي يبدو ظاهرهن أنهن يدافعن عن المرأة وحريتها وكرامتها ورفع الظلم عن كاهلها فوجدت أنهن مررن بتجارب زواج بائسة أو فشلن في تكوين حياة زوجية من الأساس أو لديهن عقدا نفسية قد تصل لحد المرض ويكفي في هذا السياق تأمل الحياة الشخصية لسيمون دي بوفوار تلك التي تتلقف عنها النسويات العربيات الأفكار الملهمة وصاحبة أشهر مقولة في تاريخ الفكر النسوي (المرأة لا تُولد امرأة وإنما تُصبح كذلك) هذه الجملة التي تشبه العقيدة المقدسة عند النسويات، والتي على أساسها تم رفض كافة الفروق البيولوجية وما يترتب عليها من فروق في الدور الاجتماعي، هذه الكاتبة الكبيرة التي باع كتابها "الجنس الثاني" عند صدوره في الخمسينيات مليوناً ومئتي ألف نسخة في طبعته الفرنسية، وترجم إلى 27 لغة، كانت سيدة شاذة بطريقة مقززة بل ومستغلة لأقصى درجات الاستغلال (ومع أن الفرنسيين كانوا يعلمون في السابق أن شيئاً من ذلك كان يحصل في علاقة سيمون دو بوفوار، بجان بول سارتر، إلا أن دو بوفوار كانت تنكر باستمرار أن يكون لها علاقات مثلية، وهذه العلاقات تتأكد الآن على ضوء الوثائق الخطية التي تفيد أنها كانت تتبادل وتتقاسم مع سارتر عشيقات صغيرات السن) (1 ). هذه العلاقات المقززة الشائنة لا يمكن فصلها عن كتاباتها النسوية الملهمة، هذا الواقع الذي لا تريد النسويات في بلادنا أن يعرفه أحد لأنه يفضح العوار في المرجعية الفكرية العليا لهم . إنه فكر خاطئ لأنه لا يراعي الحاجات الحقيقية الواقعية للإنسان، ومن ثم يتسبب بتطرف أصحابه بطريقة مختلة في محاولة لإشباع دوافعه النفسية، وتتسع الفجوة أكبر بين سلوكيات همجية استغلالية وأفكار تكرس للبراءة وتحلق في المثاليات! المتتبع للحياة الشخصية للكثير من النسويات في الشرق والغرب لابد أن تعتريه الدهشة بين الكلمات العنترية التي تلقى في وجوه النساء من أجل الثورة على الظلم الذي يمارسه الرجال بينما يمارسن في الخفاء سلوكا ملتويا للحصول على حب رجل في حالة من الازدواجية النفسية المقيتة وها هي زعيمة الحركة النسوية في العالم دي بوفوار والتي كانت تعاني من فراغ نفسي رهيب بسبب فكرها المتصادم مع الفطرة الإنسانية السوية فلقد ( نشرت الصحافة الفرنسية مراسلاتها مع عشيقها الأميركي نيلسون الغرين. في إحدى رسائلها إليه تبدي رغبتها العارمة بالالتحاق به، وبالزواج منه، مقدمة إليه أقصى خضوع ممكن لامرأة من أوروبا أو من الغرب.فقد كتبت إليه بعد عودتها من الولاياتالمتحدة إلى فرنسا: "إني مستعدة لأن أطبخ لك يومياً، وأن أكنس المنزل، وأغسل الصحون. أريد أن أكون لك زوجة عربية مطيعة)( 2). الكاتبة الكبيرة على استعداد إذن أن تلقي بمشروعها الفكري خلف ظهرها وتمارس الوظائف التقليدية للمرأة بخضوع يشبه طقوس العبودية لمجرد أنها أحبّت رجلا ما وأرادته، إنه التناقض الرهيب الكامن في أعماق هؤلاء النسويات بين أطروحة المساواة الكاملة العقيمة والتي على أساسها يتم تأليب النساء وبين المشاعر الفطرية الطبيعية الموجودة في داخل كل أنثى تريد أن تتكامل مع الرجل، لا أن تعيش معه حياة ندية شرسة. هذه ليست دعوة للقبول بأي زوج ولا للاستسلام للظلم أثناء الحياة الزوجية وإنما هي دعوة للانتباه لكثير مما ينشر ويبدو في ظاهره دفاعا عنك أيتها المرأة بينما يحمل في باطنه إسقاطا لفشل شخصي قد يصل لحد الحقد سواء حدث هذا بصورة واعية أو غير واعية فكوني حذرة ! ///////////// (1 ) جهاد الفاضل، ربع قرن على غياب سيمون دي بوفوار ..العلاقات المشينة مع سارتر ومع ما سواه، جريدة الرياض (2 ) متعب القرني، الحياة السرية لمفكرين وفلاسفة، صراعات وجنس وخيالات مازوشية، مجلة الفيصل، بتصرف.