كان معبد الإله "منتو" بمدينة أرمنت الحيط جنوب غرب الأقصر، منذ 100 عام، شاهدًا على تاريخ مصر عبر عصورها الممتدة، قبل أن يقرر مصنع السكر بالمدينة، بناء المصنع بأحجار الأعمدة الخاصة بالمعبد، ليحطموا تاريخًا ظل أبد الدهر، حيث تحوّل المعبد إلى مشاع لكل البشر والحيوانات، حتى بدا الآن كجبل ثقيل يعانى أهل أرمنت من وجوده بينهم، هذا فى أحسن أجزائه، أو مقلبًا للنفايات فى جزئه الأسوأ، والذى لم تشفع لهذا الجزء إزالة التعديات عليه فى يوليو 2017. "المصريون" زارت معبد "منتو" القابعة أحجاره الباقية بوسط أرمنت الحيط، محاولة الصمود لتواجه حاضرا بغيضا ومستقبلا مجهولا مستندة بماضٍ عريقٍ ممتد منذ الأسرة الحادية عشرة الفرعونية، حين بنى المعبد فى عصر منتوحتب الثاني، وبعصر توهجه إبان حكم كليوباترا السابعة وابنها بطليموس الخامس عشر، حيث أقاما بيت الولادة وبحيرة مقدسة تم تتويجه بها ملكًا على مصر، ولكن صمودها هذا قارب على الرضوخ، حيث أكلت المياه الجوفية منها، وأرهقتها الكلاب الضالة، وغيرت معالمها من أثر النفايات. المعبد الذى أعادت له حملة من مجلس المدينة مساحة 250 مترًا لحرمه فى يوليو 2017، كان قد اتخذها أحد التجار مكانًا لشادر خضار منذ 40 عامًا، شعر أن هناك مستقبلاً يلوح فى الأفق، ولكنه الآن بدا حين زيارتنا له كبائس لا يملك الأمل، فتلك قطعة أخرى استخدمها تجار الشادر لرمى نفاياتهم، وأصبح مرتعًا لكلابهم، فى حين لن تستطيع الدولة إعادة أحجاره التى شيد بها مصنع سكر أرمنت، فى بداية القرن التاسع عشر، حيث لم يكن وقتها يهتم بناة المصنع بأمر الآثار ولم يدروا مدى أهميتها. ويواجه المعبد خطر المياه الجوفية ومياه الري، التى تجعل منتصفه خلال أشهر الصيف بركة من المياه، حيث إنه محاط من جميع جوانبه بمنازل أهالى أرمنت بخلاف العشوائيات، بالإضافة إلى كونه يعانى من وجوده بمنطقة منخفضة، ما يجعله عرضة أيضًا لمياه الرى المتسربة من رى زراعات القصب القريبة من المعبد. المعبد يحتاج لخفض منسوب المياه الجوفية، وإزالة المبانى المحيطة به، والذى يتطلب مبالغ طائلة، حسبما يراه أثريون، وهو ما يجعل تطويره وتطوير معبدى الطود وكومير فى هذا الوقت أقرب إلى المستحيل. وعلى الرغم من قرار وزارة الآثار بإقامة سور على محيط المعبد، فإن هذا السور اكتفى بجانب واحد وبوابة أصبحت اليوم استراحة لعربات الكارو والحمير. بينما لم تكمل الآثار السور على محيط المعبد، فى حين طالب أثريون باستكمال الحفر حتى يتم إظهار المعبد بشكل كامل، مع الاستعانة بهيئة اليونسكو لتطويره، وإنشاء صرف خاص به لإبعاد وصول المياه الجوفية إلى أحجاره.