"عباءة وشال وأريكة خشبية وبطانية مهلهلة" هو كل ما تملكه السيدة العجوز داخل فرشها لبيع الفاكهة، تستخدمها لحمايتها من برد الشتاء القارس، تقضى نهارها في بيع الفاكهة وليلتها على أريكتها بجوار أقفاص بضاعتها، ولقمة العيش كانت دافعًا قويًا لتحملها البرد. تجلس بائعة الفواكة بعينين تملؤهما الدموع، وقلبٍ منفطر لتروي قصتها بداية من وفاة زوجها، حتى تعرضها لقسوة أبنائها: "أنا هنا منذ أن توفى زوجى وترك لى أولادى ال5 من25 سنة وأنا في الشارع بشتغل علشان أربى أولادى بدأت ببيع الجرائد وتركتها لأبيع الفاكهة، فصول السنة كلها سواء لا فرق بين حرارة صيف وبرد شتاء لقمة العيش لا تفرق بين أيام وأخرى". وأكدت صاحبة ال55 سنة، أن لقمة العيش واحتياجات أبنائها كانت دافعًا قويًا لجلوسها منذ الصباح الباكر حتى الليل لتبيع الفاكهة وتعطى أولادها أموالاً يقضون بها مصالحهم، مؤكدة أن موجة البرد التي تشهدها البلاد رغم قسوتها لكنها لم تجبرها على الهروب من جلسة الشارع والاحتماء بجدران المنزل. وأضافت أن زوجها رحل عنها منذ 25 سنة وترك لها 4 أطفال (ولدان وبنتان) وهو ما يعد حملاً ثقيلاً، وأنها رفضت الزواج بعده وفضلت العمل على تربية أولادها وبناتها، ولم تجد عملاً سوى بيع الجرائد التي لم تستمر فيها لوقت طويل لضعف عائدها المادي، فقررت بيع الفاكهة من خلال فرش أنشأته على ناصية الشارع الذي تسكن فيه، وفضلت هذا المكان رغم قلة زبائنه عن سوق ستوتة "أحد الأسواق الشهيرة في طنطا" والذي يستمر على مدار الأسبوع، وذلك من أجل أن تكون بجانب أبنائها لتباشر مصالحهم أثناء عملها. خلف تلك الملامح الهادئة تروى "أم محمد" قصتها، قائلة إن أبناءها يعاملونها بقسوة والمشاكل بينهما أصبحت كثيرة وهى لم تعد تتحمل في هذه السن، ما جعلها تترك المنزل وفضلت المبيت في فرشها بجوار أقفاص الفاكهة غير عابئة ببرد الشتاء القارس، موضحة أنها لا تخاف من المبيت في الشارع ولا من برد الشتاء القارس وأنها فضلت المبيت بجوار عملها بسبب أن أبناءها لم يحنوا عليها.