يبدو أن الأيام القادمة في مصر ستكون حُبلي بأحداث جسام وتطورات مثيرة في الوضع السياسي العام وفيما يخص انتخابات الرئاسة علي الخصوص, فبعد الترشح الدراماتيكي لأحمد شفيق وما تخلله من أحداث انتهت بتنازل بطعم العلقم لأتباعه ومؤيديه ومعارضي السيسي من كل الاتجاهات, مما أصاب الجميع بحالة من اليأس في وجود مرشح قوي يستطيع منافسة السيسي في الانتخابات القادمة, إذا بالفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري السابق يلقي مفاجأة من العيار الثقيل بإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية كمنافس قوي للسيسي, وترشح عنان يمثل صدمة قوية للسيسي لأنه ابن المؤسسة العسكرية التي يعشقها الشعب المصري ويحتمون بها عند الملمات, ووصل للرجل الثاني في ترتيب قيادات الجيش المصري, وكان قائدا للسيسي الذي كان رئيس المخابرات الحربية وقتذاك, وله شعبية قوية هو والفريق طنطاوي داخل أفراد القوات المسلحة وقياداتها بحكم خدمته الطويلة وتوليه أعلي المناصب فيها, وعاصر أحداثا جسام وخطيرة في تاريخ مصر تمثلت في قيام ثورة 25 يناير وإدارته للمشهد وقتها حتى انتهي بتنحي مبارك حتى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي انتهت بتولي مرسي الرئاسة والذي أقاله هو وطنطاوي فيما بعد ويقال أنه كان بالتعاون مع السيسي ليصعد لسدة القيادة, إذن فالرجل ذو خبرة عسكرية كبيرة أضاف لها خبره سياسية بوجوده في قلب أحداث جسيمة وضخمة ووجوده بقرب داهية سياسية وقتها تتمثل في اللواء عمر سليمان وتعامله مع كافة الاتجاهات السياسية وقتها مثل شباب الثورة وجماعة الإخوان والسلفيين والأناركيين والشيوعيين مما كوّن لديه خبرة ومعرفة بطريقة تفكير الجميع, هذا كله ينفي عنه فقد القدرة والسيطرة علي مقاليد الأمور والتحكم في مفاصل الدولة بحكم تاريخه الذي استعرضناه سابقاً. وبهذه المقدمة نستطيع الدخول إلي لب الموضوع وهو خطاب الترشح الذي ألقاه الفريق عنان أمس وفجر فيه مجموعه من القنابل سريعة الإنشطار منها اعتبار ترشحه (واجب قومي لإنقاذ الدولة المصرية التي هي دولة البشر وليس دولة الحجر) في إسقاط ظاهر علي اهتمام السيسي بمشاريع إنشائية عملاقة تستنزف ميزانية البلاد وتؤثر علي حياة الناس بالسلب وقد لا يكون هذا وقتها كبناء العاصمة الإدارية الجديدة.. في مقابل حاجة الناس للطعام والشراب والصحة والتعليم والسكن والذي تدهورت أحوالهم في هذه الجوانب بصورة كبيرة بعد تعويم الجنيه المصري والارتفاع المستمر في الأسعار والذي يهدد حياة الناس بصورة فعليه,ووصف الأمر والواقع الفعلي الآن (بالكبوة والتدهور), ومنها أيضا إشارته للشعب بالشعب المصري (السيد) مما يعطي تفعيلاً لمبادئ الدستور من حيث سيادة الشعب, ومنها تنبيهه لخطورة الإرهاب والإشارة إلي الأوضاع المعيشية السيئة وهو ما يحاول السيسي تلاشيه وتوصيل رسالة للناس أن ما يعانون منه نوع من الإنجاز والإعجاز, وكان من أخطر إشاراته (تآكل قدرة الدولة المصرية في مواجهة مشاكل الأرض والمياه والموارد البشرية!). كذلك اعتراضه علي تغلغل الجيش في الحياة المدنية بكل أطيافها, بناء مقاولات استيراد تصدير مناقصات مما ساهم في إغلاق الباب أمام القطاع المدني للتحرك ولو بصورة ضعيفة مما يعد عسكره تامة للبلاد. وتركيزه علي الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية في ظل حالة التغول الغير مسبوق من السلطة التنفيذية ممثلة في السيسي علي بقية السلطات فمجلس النواب تم تكوينه بأعين المخابرات فصار طيعاً هيناً ليناً يفعل ما يريده السيسي, كذلك تدخل السيسي في ترشيح رؤساء الهيئات القضائية وإصداره قوانين تعطي له هذا الحق بما ينفي مبدأ الفصل بين السلطات حسب الدستور, إشارته إلي الحرية والتعددية التي أصابها الجمود والإحباط والخوف بعد سيطرة الأجهزة الأمنية علي كل هذه المجالات التي يتحرك فيها المجتمع المدني بأحزابه وإعلامه بصحافته وقنواته ومواقعه الالكترونية التي تعاني من الكبت والتضييق والحجب والإغلاق, تعيينه للمستشار هشام جنينه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ، والذي أقاله السيسي بالمخالفة للقانون لإعلانه أن الفساد وصل ل600 مليار جنيه وهو ما أشار السيسي لأكثر من هذا الرقم بعد ذلك، نائباً له لشؤون حقوق ألإنسان ومقاومة الفساد في إشارة معنوية لتركيزه علي هذين الملفين وتحدياً للسيسي بإعادة الاعتبار للرجل, والثاني تعيين الدكتور حازم حسني نائبا سياسيا له ومتحدثا رسميا باسمه وهو اختيار ينم عن احترامه لأهل التخصص وتقديمهم في مجالهم كما كان يفعل مبارك من تقديم أسامه الباز في الأمور السياسية وبخلاف السيسي الذي يعتمد ويثق ببعض مقربيه من قيادات عسكرية فقط حتى في الأمور السياسية كما يظهر للعيان, كذلك دعوته أجهزة الدولة للحياد وقت الانتخابات وعدم الانحياز للسيسي الذي لا يعدو كما قال مرشحاً محتملاً للرئاسة وقد يفقد منصبه بعد 3 شهور وهي دعوة لو استجابت لها أجهزة الدولة لأتت الانتخابات بنتائج غير متوقعه وقد تكون صادمة للسيسي وأجهزته. كما قلنا لو سارت الأمور كما هي ظاهرة الآن فإن الشأن المصري قد ينقلب رأساً علي عقب لأن عنان ليس بالمرشح السهل وسيحظى بتأييد كثير من معارضي السيسي وراغبي التغيير الذي يعتقدون أنه قد قسا بما فيه الكفاية علي الشعب المصري بقوانينه الاقتصادية التي أصابت الشعب بالفقر, وكذلك سيصوت له من يريدون عقاب السيسي وتصفية الحسابات معه كجماعة الإخوان التي تعتبر السيسي عدوها اللدود وعندها ثأر معه, وقد تجدها فرصه للتفاهم مع عنان علي ملفات قابلة للبحث والحل مثل ملفات المعتقلين وأحكام الإعدام وعودة الجماعة للعمل العام وخلافه, الأيام كما قلت حبلي بالأحداث الجسام ومن عاش 4 شهور أخري سيري العجب العجاب! دكتور جمال المنشاوي كاتب مصري