تفوق طلاب معرض مكتبة الإسكندرية للعلوم والهندسة في مسابقة ريجينيرون    أسعار البقوليات اليوم الأحد 19-5-2024 في أسواق ومحال محافظة قنا    قانون إدارة المنشآت الطبية.. النائبة إيرين سعيد للحكومة: شيلنا عنكم هم الإدارة هتقدروا تراقبوا المستثمر؟    «الإسكان»: طروحات جديدة ضمن مبادرات الإسكان الاجتماعي و«سكن لكل المصريين»    الوادي الجديد: توريد أكثر من 300 ألف طن قمح داخل وخارج المحافظة    القنوات الناقلة لمباراة إنتر ميلان ولاتسيو في الدوري الإيطالي 2024    محافظ قنا يطمئن على سير امتحانات الشهادة الإعدادية    بالصور.. تكريم سلمى أبو ضيف في مهرجان كان السينمائي    الدكتورة مايا مرسي تشارك بفعاليات افتتاح الدورة الثانية لملتقى التمكين بالفن    النائب أحمد العوضي يطالب بتأجيل تطبيق زيادة رسوم تذاكر العيادات الخارجية بالمستشفيات الحكومية    رغم إعلان نيتهما الانضمام للدعوى.. جنوب أفريقيا: مصر وتركيا لم تتواصلا معنا بعد    باحثة ب«المصري للفكر» تنتقد عجز مجلس الأمن عن إلزام إسرائيل بالانسحاب من غزة    رئيس «المصريين الأحرار»: لن يخرج فائز من الحرب على قطاع غزة    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    وزارة العمل: توعية في مجال السلامة والصحة المهنية بمحطة توليد كهرباء بشمال سيناء    مجلس النواب يحيل 10 مشروعات قوانين للجان المختصة    تصل ل45 درجة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال6 أيام المقبلة    بسبب لهو الأطفال.. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    السجن ل8 متهمين باستعراض القوة وقتل شخص وإصابة 5 آخرين في الإسكندرية    تداول 704 آلاف طن بضائع عامة بمواني البحر الأحمر خلال أبريل الماضي    وزير الإسكان: مصر سوق واعدة للاستثمار العقاري    تعرف على شروط مسابقة «التأليف» في الدورة ال 17 لمهرجان المسرح المصري    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    في ذكرى وفاته.. محطات بارزة في تاريخ حسن مصطفى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    وزير التجارة والصناعة يبحث سبل تنمية المنطقة الصناعية بأبو زنيمة    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    نصائح مهمة من صحة كفر الشيخ لمواجهة الموجة الحارة.. تعرف عليها    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    رئيس النواب: الحق في الصحة يأتى على رأس الحقوق الاجتماعية    وزيرة التضامن تبحث ريادة الأعمال الاجتماعية مع نظيرها البحريني    افتتاح دورة تدريبية عن تطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    أحمد أيوب: مصر تلعب دورا إنسانيًا ودبلوماسيًا لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة    شهادات تقدير لأطقم «شفاء الأورمان» بالأقصر في احتفالات اليوم العالمي للتمريض    مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعًا لبحث العملية في رفح    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    "اليوم التالي" يثير الخلافات.. جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو بسبب خطة ما بعد الحرب    القومي لحقوق الإنسان يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة لمناقشة التعاون المشترك    رضا عبد العال: الأهلي حقق المطلوب أمام الترجي    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    خالد بيبو: التعادل في رادس نتيجة خادعة    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    مصرع فتاة أسفل عجلات جرار زراعى بالمنوفية    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بعثة الأهلي تغادر تونس في رحلة العودة للقاهرة بعد التعادل مع الترجي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    «لهذا السبب انفعلت على الحكم».. أول تعليق من كولر بعد تعادل الأهلي أمام الترجي    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوة الناعمة والعلاقات الدولية
نشر في المصريون يوم 10 - 01 - 2018

إن استخدام القوة الناعمة في العلاقات الدولية بات من المواضيع ذات الأهمية البالغة في الأوساط الدولية، فأسلوب التهديد بالأسلحة النووية واستخدام الأسلحة التقليدية في الحروب بدأ يواجه انتقادات لأسباب عدة أهمها التكلفة التي تتكبدها الدول جراء الحروب والأسلحة النووية عالية جداَ هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن مستوى الدمار الذي ينتج كبير جداً ولا يتلاءم مع القيم والمبادئ الحديثة التي تؤمن بحقوق الإنسان واحترام الروح البشرية، لاسيما إن القوة الناعمة من الممكن أن تؤدي نفس الدور أو التأثير المطلوب فيما يتعلق بتغيير سياسة دولة ما لصالح دولة أخرى تجلي هذه الأهمية في التطور الذي تشهده العلاقات الدولية, حيث لم تعد الدبلوماسية التقليدية الرسمية وحدها كأداة تنفذ فيها السياسة الخارجية,
وإنما أصبح هناك فاعلون جدد يشاركونها في تنفيذ أهداف وأولويات السياسة الخارجية باعتبارهم طرف مهم وفاعل على الساحة الدولية. وهي آلية الدبلوماسية الموازية غر الرسمية عبر وسائلها المختلفة من دبلوماسية برلمانية ومنظمات غير حكومية ووسائل الإعلام وتأثير الرأي العام والقوة الناعمة وجماعات الضغط والمنظمات الدينية وتأثيرها الديني والروحي...الخ، وهذا احد الأسس التي تقوم عليها الحروب واغلب الصراعات المسلحة، إن عملية صنع سياسة خارجية فاعلة ليست مسئولية الرئيس وحده, أو الحزب الحاكم وحده, وإنما هي عملية وطنية تشاركية لابد أن تشارك في صناعتها وصياغتها مؤسسات متعددة, أغلبها قائمة بالفعل لكنها بحاجة للتطوير والتفعيل, وبعضها بحاجة للإنشاء والتأسيس وفقاً لرؤية واضحة ومحددة. فالدولة
(أ) ترغب في تغيير سياسة الدولة
(ب) تجاه شأن سياسي معين، مثل الصراعات حول مناطق متنازع عليها، أو اختلاف جهات نظر البعض حول صراعات دولية تصب في مصلحة البعض من جهة وتضر دول من جهة أخرى.
إلا أن تحديات العلاقات الدولية المحيطة بنا تفوق بكثير الفرص المتاحة والمستجدة؛ أثرا عن ميراث ثقيل من التخلف والتبعية والانقسام. وخلاصة أهم هذه التحديات:
1-وقوف قوى كبرى دولية وإقليمية دون قيام نموذج ديمقراطي حقيقي في مصر، أو قيام تحالف عربي أو إقليمي مستقل الإرادة.
2-استمرار السياسات الدولية ثابتة المصالح متنوعة الأدوات، والتي تضع في أولوياتها أمن العدو الإسرائيلي وضمان سيطرتهم على النفط العربي والممرات المائية والجوية العربية.
3-استمرار التعامل مع مصر من خلال الدور المرسوم لها منذ كامب ديفيد باعتبارها عاملا مساعدا في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
4-استمرار موجة العولمة وسياساتها، واشتداد صراع الرأسمالية من أجل البقاء، خاصة مع تحرك مركز القوة الاقتصادية نسبيا باتجاه آسيا.
5-التحولات الكبرى في الأدوار السياسية لدول مثل روسيا والصين، واحتمالات التوجه نحو قطبية ثنائية نسبية سياسيا اقتصاديا؛ وهي ساعتها يمكن أن تكون مواتية لدور مصري فعال أكثر منه في ظل أحادية الهيمنة الأمريكية.
6-انهيار النظام العربي التقليدي بغير بديل يظهر في الأفق؛ الأمر الذي يصعّب على السياسة الخارجية المصرية مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني، خاصة مع اندراج قوى عربية وإقليمية في تياره ضمن برنامج "التسوية" الذي بات يعني إنهاء القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي عند النقطة الراهنة: اللادولة، واللامقاومة.
ومن تجليات ذلك في الحالة الإقليمية والدولية وتحدياتها:
1-انفجار الطائفية في مصر والجوار، وتكريسها بابا للضغوط الدولية.
2-الصعود الإسلامي في الثورات العربية واحتمالات الاتكاء عليه لمحاصرة مصر والمنطقة بهالة من التهديدات والضغوط التي توقف نمو التجربة الجديدة.
3-تفجر الأوضاع في المنطقة وبالأخص حول مصر منذ ما قبل الثورات العربية 2011، واستفحالها فيما بعد النجاح المبدئي لثورتي تونس ومصر.
4-تحكم الغرب بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها في مسار الثورتين الليبية والسورية.
5-حوض النيل والسودان وخروجه عن القدرة المصرية على احتواء الأزمات أو الترتيبات الإقليمية الجديدة، بعد التخاذل الذي أرساه نظام مبارك في هذا الملف.
6-الملف الإيراني يمثل معضلة مركبة من الناحيتين العالمية التي تقودها الولايات المتحدة، والإقليمية في موقف كل من إسرائيل ودول الخليج من عدوان مرتقب على إيران.
7-تعاظم القوة السعودية في ظل استمرار موضعها من الاستراتيجية الأمريكية من جهة، وموقفها المجافي للثورات العربية والمصرية بخاصة، ومن ورائها دول كالإمارات.
8-استمرار منطق تقسيم المنطقة وقواها السياسية إلى أجنحة معتدلة مرضي عنها وأخرى متطرفة أو متشددة مغضوب عليها.
ضرورة التفات صناع السياسة الخارجية المصرية في مرحلتها الجديدة إلى أهمية الأدوات الثقافية خاصة ما دخل عليها من فواعل وأبعاد جديدة صارت تعرف في أدبيات العلاقات الدولية (بالقوة الناعمة) و(القوة ما بعد الناعمة) و(القوة الذكية)، فبدءًا من الأدوات الثقافية التقليدية في السياسة الخارجية المصرية كالأزهر، والتعليم، والفن كالدراما وغيرها، إلى مؤسسات وأدوات أثبتت فعاليتها عبر السنوات الأخيرة مثل: الدبلوماسية العامة والشعبية، القنوات الفضائية، ومنها ما أثبت فعاليته بشكل أكثر كثافة بعد الثورة كالمؤسسات الإغاثية ولنا مثال في الدور الذي تقوم به حاليًا في سوريا، وقبل في الصومال وغيرهما.
إضافة لدور صناعة المعلومات ونقلها بين الداخل والخارج، ودور الغرف التجارية والصناعية ودور الجالية المصرية بالخارج في صناعة أصدقاء لقضايانا، وكذا تأسيس مراكز بحث وفكر في دول خارجية، ودور وكالات الأنباء.
فجميعها أدوات –ذات أبعاد ثقافية وحضارية إنسانية-تنطلق من مفهوم غير تقليدي للأمن القومي، وتنجدل مع أدوات القوة الأخرى، ومحالها ملفات ذات مردود كبير لخدمة السياسة الداخلية والخارجية، وهي لا تتطلب موارد مالية كبيرة بقدر ما تتطلب إعادة بناء علاقات شبكية منظوميه في إطار شراكات بين قوى مجتمعية متعددة. وهي الشراكات التي تتطلب رعاية وزارة الخارجية ومركزية دورها في تصميم وتنفيذ هذه الشراكات تجاه الملفات الساخنة المفتوحة.
وحتى نضمن كفاءة وفعالية هذه الأدوات وتطويرها بشكل مستمر، فلابد أن تستند هذه الأدوات على قاعدة أساسية من (التقارير الرصدية) تقوم بها جهات معنية مسئولة عن رصد كل ما يصدر عن الغرب تجاه القضايا محل الاهتمام من المسلمين، بما يؤدي في النهاية لأن تكون أفعالنا ومواقفنا قائمة على المبادرة وليس رد الفعل.
وبالرغم من تعدد وتنوع وتكامل هذه الأدوات المختلفة التي تطرح إجابات عملية عن التساؤل السابق الذي تم طرحه, إلا أنها في ذات الوقت تطرح تساؤلاً آخر مفاده "من المسئول عن استخدام وتفعيل هذه الأدوات "وإذا كانت فاعلية عملية صنع السياسة الخارجية تبدأ بإصلاح المؤسسات الفاعلة في هذه العملية, فإنه لابد من البحث في الموجود, لإيجاد المفقود, وصولاً وتحصيلاً للمقصود, ولقد أشار السادة الحضور إلى العديد من المؤسسات المهمة القائمة بالفعل ولكنها عانت من الإقصاء والتهميش والتقويض, ومن ثمّ فهي بحاجة لإعادة التشغيل والتفعيل,
اتفق علماء السياسة على أن الدولة هي الإطار الذي يتوج البنيان الاجتماعي منذ الفلسفة اليونانية مرورا بالفكر الإسلامي ووصولا للفكر الحديث، حيث استقر القول بأن اكتمال الإنسان الأخلاقي لا يتم إلا في ظل الدولة، ومن هنا استمدت طبيعتها التي تنفرد بها وسيادتها على جميع أشكال التجمعات الأخرى. فالدولة في أحد تعريفاتها المستقاة من نظريات العقد الاجتماعي والمستلهَمة من تاريخ الفكر السياسي الإسلامي نظام معياري للقيم العامة في المجتمع. وهو ما يعلو على الدولة ككيان مؤسسي وبنية قانونية وإدارية، والدولة كسلطة حاكمة.
لم يكن غريبا أن تسعى الدولة القومية إذن لأن تكون فاعلا أخلاقيا كي تكون لها الهيمنة على المرجعية السياسية وتنزعها من المؤسسات الدينية من ناحية والاجتماعية من ناحية أخرى، وتؤسس بذلك سيادتها في مواجهة جميع الأطراف في الداخل والخارج، محتكرة المجال الرمزي والثقافي بقدر ما احتكرت أدوات القوة. والحقيقة أن قدرة الدولة تعني بالأساس القدرة على تنفيذ الأهداف الرسمية والتعبير عن مصالح القوى الاجتماعية، عوضا عن التصور الخاص باستمداد الدولة قوتها من التغلب على المعارضة القوية.
ومن ثم فإن العلاقة بين الدولة والمجتمع هي نتاج التفاعل بين الفاعل القومي والفاعل الاجتماعي رغم أن العلاقة بينهما غير متكافئة. ومن ثم فإن الدولة الضعيفة تكون غير قادرة على تنفيذ السياسات العامة وتفتقد الاستقلالية في مواجهة النخب الاجتماعية المهيمنة. كما أن الدولة الضعيفة تفتقد وجود إدارة قائدة تمتلك السلطة الكاملة على عملية صنع القرار، كما أن أجهزتها ليس لديها المعلومات الكاملة ولا تتسم بالمهنية. ومن ثم فإن قوة الدولة ترتبط بوجود إدارة متناغمة وقوية لديها تماسك في رؤيتها لعملية صنع السياسات، ولديها مهارة توظيف المنهج التفاوضي والتشاركي عند اتخاذ القرار. كما أن هذه الإدارة القوية تمتلك المعلومات الكافية بداخلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.