مصر تسير على الخطى البرتغالية فى الإصلاح الاقتصادى الظروف الاقتصادية للبلدين تجبرهما على التقشف ووضع سياسات اقتصادية صعبة البرتغال تنجو من كبوتها الاقتصادية ومصر تدرس التجربة الأوروبية الفريدة خبراء الاقتصاد: التجربة البرتغالية مفيدة لمصر تمر مصر خلال المرحلة الحالية، والتى أعقبت ثورة 25 يناير 2011، بأزمة اقتصادية شديدة، ما اضطرها إلى طلب قرض من البنك الدولى لمنحة قدرت بحوالى 12 مليار دولار، تصل على أربع دفعات، شريطة بعض الإصلاحات الاقتصادية، كان من أهمها اعتماد ضريبة القيمة المضافة، والسماح بتحديد سعر الصرف من خلال قوى السوق، وتخفيض الدعم غير الكفء على الوقود والكهرباء. وقد لاقت الخطوات التى قامت بها الحكومة المصرية، وفقا لملاحظات صندوق النقد نفسه، رد الفعل إيجابيًا من جانب المستثمرين الأجانب وغير المقيمين؛ ففى الستة أشهر الأولى من 2017 كان صافى التدفقات الوافدة من استثمارات الحافظة أعلى بنحو 17 مليار دولار أمريكى مما كان عليه فى نفس الفترة من العام الماضي، كذلك حدث ارتفاع كبير فى الاستثمار الأجنبى المباشر وتحويلات العاملين فى الخارج، كما أن هناك تعافى مبدئيًا فى قطاع السياحة، كما توجد دلائل تعافٍ قوى فى قطاع الصناعات غير البترولية – وهو مساهم أساسى فى خلق فرص العمل، وفى الوقت نفس، تم اتخاذ إجراءات متنوعة لحماية الفقراء من الآثار السلبية لعملية التصحيح الاقتصادي. وفى سبيل خروج مصر من أزمتها الاقتصادية التى تمر بها، لجأت الحكومة إلى دراسة بعض التجارب الغربية الناجحة التى استطاعت الخروج من أزمتها الاقتصادية وتحقيق فائض كبير فى النمو الاقتصادي، وقد اتخذت مصر النموذج البرتغالى الذى عانى فى 2010 من أزمة اقتصادية مشابهة ثم نهض من كبوته الاقتصادية مؤخرًا، كنموذج مثالى لدراسته للتعافى من الكبوة الاقتصادية التى تمر بها البلاد خلال هذه المرحلة. وأكد خبراء الاقتصاد، أن مصر تسعى للتغلب على كل مشكلاتها الاقتصادية مثلما فعلت دول عانت من ويلات أزمات مالية طاحنة، لافتًا إلى أن هناك تجارب واضحة مثل البرتغال. وسبق وأن استعانت مصر بالبرتغال، خاصة فى تجربتها الصناعية الناجحة مذ أكثر من 20 سنة، حيث استعانت ب"البيرتو سنتانا" مؤسس برنامج تحديث الصناعة البرتغالية. وطالب خبراء الاقتصاد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالاستفادة من خبرات البرتغال فى مجال الإصلاح الإدارى والاقتصادى وتطوير القطاع العام وترشيد الإنفاق الحكومى، وتشكيل لجان لتطبيق "التجربة البرتغالية" فى مصر. وفى إطار ذلك، تستعرض "المصريون" التجربة البرتغالية فى تعافيها من أزمتها الاقتصادية وهل تستطيع مصر الاستفادة منها أم لا؟ البرتغال.. من الأزمة إلى النمو الاقتصادي فى أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، مرت البرتغال بأزمة اقتصادية طاحنة، بدأت فى 2010 وعاشت تحت تهديد الدائنين الدوليين، وعانت من ديون بلغت 129% من الناتج المحلى الإجمالى، ووصلت نسبة البطالة إلى 18%، وفى تلك الفترة لم يجد أكثر من نصف مليون برتغالى سوى الهجرة، ملاذًا له هربًا من البطالة وتردى الأوضاع الاقتصادية فى البرتغال. وقد عانت البرتغال بما عرف ب"أزمة الديون السيادية" وفقدت القدرة على الاستدانة من الأسواق، مما اضطرها إلى اقتراض 78 مليار يورو من الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى، وذلك مقابل تنفيذ برنامج إصلاحات اقتصادية وتقشف مالى صارم. واضطرت البرتغال لاتخاذ تدابير تقشفية حادة، وتطبيق إصلاحات اقتصادية وإدارية وهيكلية فورية، وترشيد الأجور والعمالة فى القطاع الحكومى، واتجهت نحو التصدير لإنعاش الاقتصاد، إلى أن تمكنت من استعادة عافيتها، وبدأت فى تحقيق النمو الاقتصادى من جديد، وذلك كله خلال أربع سنوات. وكانت كلمة السر فى نجاح التجربة البرتغالية فى سرعة التأقلم السريع للجميع على الوضع الجديد، واتخاذ الجميع قراره بالمشاركة من أجل تنفيذ سياسات الإصلاحات، فتطورت الصناعات، وطرحت المنتجات بأسعار منخفضة لزيادة الصادرات، وتطورت الزراعة كذلك وحققت نهضة كبيرة، وتم استصلاح الآلاف الأفدنة، حيث تحولت الأراضى الصحراوية الجرداء إلى حقول زراعية، وتم منح العديد من الامتيازات والتسهيلات للمستثمرين لتشجيع الاستثمار، وسرعة إنجاز التصاريح اللازمة، وغير ذلك من أمور تجذب الاستثمار. ورفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتمانى، علامة الديون السيادية للبرتغال، وخرجت بذلك هذه الديون من خانة الاستثمارات الخطرة التى انحدرت إليها منذ أن لجأت البلاد إلى خطة مساعدة دولية فى 2011، وأشارت إلى أن السبب وراء قرارها هذا هو "آفاق نمو أفضل" و"تقدم ثابت" أحرزته البرتغال على طريق ضبط الموازنة العامة و"مخاطر أقل" فيما يخص شروط التمويل. وبلغ معدل نمو اقتصاد البرتغال فى الربع الأول من العام الحالى 2.8 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضى، وهو أقوى نمو له فى عشر سنوات، وأصبحت البرتغال بمثابة "المثل الأعلى" فى مقاومة ويلات سياسة التقشف وفى الإصلاح الاقتصادى والإدارى، واستعادة عافية اقتصادها فى سنوات قليلة. مصر تستعين بالتجربة البرتغالية ونظرًا لتشابه الظروف بين مصر والبرتغال فقد قررت مصر الاستعانة بالتجربة البرتغالية، وعقدت الدورة الأولى للجنة "المصرية- البرتغالية" المشتركة، خلال الشهر الحالى بحضور وفد برتغالى لمصر يترأسه وزير الخارجية البرتغالي. وطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، الاستفادة من خبرات البرتغال فى مجال الإصلاح الإدارى والاقتصادى وتطوير القطاع العام وترشيد الإنفاق الحكومى، وتشكيل لجان لتطبيق "التجربة البرتغالية" فى مصر، وذلك عقب لقائه وزيرة الدولة للتحديث الإدارى البرتغالية، غراسا فونسيكا، خلال زيارتها الحالية للقاهرة. وخلال اللقاء، استعرض السيسى وفونسيكا تطورات الإصلاح الاقتصادى والإدارى فى مصر، وما تم اتخاذه من إجراءات تهدف إلى دفع التنمية وإصلاح الجهاز الحكومى فى الدولة. وعرضت الوزيرة البرتغالية، تجربة بلادها فى تعزيز مشاركة المواطنين فى اختيار المشروعات التى تنفذها الحكومة، وذلك من خلال السماح للمواطنين من مختلف المحافظات بالمشاركة فى اختيار تلك المشروعات، وفقًا لاحتياجات كل محافظة. ورحب السيسى بدراسة تطبيق هذه الأفكار فى مصر، بما يساهم فى تعزيز المشاركة المجتمعية، وخاصة من الشباب، فى عملية اتخاذ القرار. وشهدت البرتغال، خلال السنوات الماضية، ركودًا اقتصاديًا استمر لحوالى 18 شهرًا، تغلبت عليه بإجراءات اقتصادية تقشفية، وبالحصول على مساعدات إنقاذ من الاتحاد الأوروبى بلغت عدة مليارات يورو. وقد التزمت مصر بموجب اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مؤخرًا، بتنفيذ إجراءات مالية تقشفية، فضلًا عن تحرير سعر الصرف، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وخفض دعم المواد البترولية إضافة إلى رفع معدلات الفائدة ب 3% مرة واحدة. البرتغال تشبه مصر فى أزمتها الاقتصادية أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، أن البرتغال تتشابه مع مصر فى مرورها بأزمة اقتصادية، احتاجت لقرارات وإصلاحات إدارية واقتصادية عاجلة، ونجحت بخطوات قوية وإجراء إصلاحات اقتصادية وإدارية استطاعت أن تعيد المؤشرات لحالة جيدة، وانخفضت معدلات البطالة. وأضافت السعيد أن البرتغال اعتمدت على ميكنة تامة لكل الخدمات الحكومية، مع وجود أماكن كبيرة لتقديم كل أنواع الخدمات للمواطنين، فى مكان واحد، وهذه التجربة لها بعُد تشريعى وآخر مؤسسى وثالث فنى. كما أعلنت وزيرة التخطيط عن تشكيل لجنة لدراسة التجربة البرتغالية بشكل دقيق، وكيفية تطبيقها والاستفادة منها فى مصر، وسيتم اتخاذ عدد من القرارات عقب انتهاء أعمال تلك اللجنة وبناءً على ما تتوصل إليه من نتائج. التجربة البرتغالية ضرورية لمصر قال الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن التجربة البرتغالية للتغلب على الكبوة الاقتصادية التى تمر بها مصر حاليًا ضرورية جدًا، فقد فقدت البرتغال القدرة على الاستدانة من الأسواق، مما اضطرها إلى اقتراض 78 مليار يورو من الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولي، وذلك مقابل تنفيذ برنامج إصلاحات اقتصادية وتقشف مالى صارم. وأضاف عامر، أن البرتغال اضطرت إلى اتخاذ تدابير تقشفية حادة، وتطبيق إصلاحات اقتصادية وإدارية وهيكلية فورية، وترشيد الأجور والعمالة فى القطاع الحكومي، واتجهت نحو التصدير لإنعاش الاقتصاد، إلى أن تمكنت من استعادة عافيتها، وبدأت فى تحقيق النمو الاقتصادى من جديد، وذلك كله خلال أربع سنوات. وأشار عامر إلى أن سر نجاح التجربة البرتغالية كانت فى سرعة التأقلم السريع للجميع على الوضع الجديد، واتخاذ الجميع قراره بالمشاركة من أجل تنفيذ سياسات الإصلاحات، فتطورت الصناعات، وطرحت المنتجات بأسعار مخفضة وتم منح العديد من الامتيازات والتسهيلات للمستثمرين لتشجيع الاستثمار، وسرعة إنجاز التصاريح اللازمة، وغير ذلك من أمور تجذب الاستثمار. وتابع، أن مشاكل اتساع المساحة فى مصر، والعدد الهائل من المواطنين، والأمية، كانت مسار الحديث المصرى مع السفيرة البرتغالية، للاستفادة من تجربة البرتغال الثرية، التى قامت بشكل منهجى سليم، مؤكدًا أنه ستكون هناك لجان فنية تتعاون مع مصر لتطوير الأجهزة الإدارية، بالإضافة إلى أن مصر ستقوم بقفزات إصلاحية كبيرة خلال الفترة القادمة.