لازال الموقف السوداني بقيادة الرئيس عمر البشير, تجاه مصر فيما يخص قضية سد النهضة الإثيوبي, يثير التساؤلات, خاصة بعد تردد أنباء عن رفضه دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي, لحضور قمة ثلاثية في القاهرة يحضرها هيل ماريا ديسالين، رئيس الوزراء الإثيوبي, لحل أزمة السد، والاتفاق على الأطر الحاكمة للفترة القادمة, بما لا يأتي على مصالح أي من الأطراف. وعلي الرغم من العلاقات التاريخية بين مصر والسودان، نظرًا للارتباط الجغرافي والعربي, إلا إن خبراء قالوا إن موقف السودان في أزمة سد النهضة يعتمد على أسس سياسية بالأساس, ولا يعتمد علي أسس فنية, تتعلق بالسد وخواصه وتأثيراته, ولا تنفصل بأي حال من الأحوال عن الصراع الدائر بين السلطة الحالية في مصر, وجماعة "الإخوان المسلمين"، نظرًا لارتباط الرئيس السوداني بصلات وثيقة بها. وقال حسام رضا, الخبير المائي, إن "الموقف السياسي لدولة السودان فيما يخص أزمة سد النهضة, مخالف تمامًا للموقف الفني, إذ أن السودان قد يتعرض لنفس المشاكل الفنية التي ستتعرض لها الدولة المصرية في حال استكمال بناء سد النهضة على نفس وتيرته الحالية دون النظر إلى رأي المكتب الاستشاري". وأضاف رضا في تصريح إلى "المصريون": "على السودان أن يعي بأن مواقفه الأخيرة تجاه مصر, يعرضها لتحويل بحيرة ناصر الملحقة بالسد العالي في أسوان, إلى مصرف بسبب انخفاض منسوب المياه, ورجوع مخلفات الزراعة في الأراضي السودانية على مصر". وأوضح أن "كافة تصريحات القيادة السودانية غير صحيحة ويجب مراجعتها". وقال نور أحمد نور, الخبير المائي, إن "موقف الرئيس السوداني مثار استغراب, في ظل الروابط العربية والتاريخية بين البلدين, وبخصوص قضية في غاية الأهمية للمصريين تتعلق بالمياه", ملمحًا إلى "ضغوطات وأزمات إقليمية على الطرفين المصري والسوداني، وتباين الرؤى ووجهات نظر المختلفة إزاءها". وأضاف ل"المصريون": "السودان حصل على مزايا ووعود عدة من الحكومة الإثيوبية, ليكسبها في صفه أثناء المفاوضات الثلاثية, وتتعلق بإمدادهم بالكهرباء, وإنشاء ترعة تزود نسبة السودان من المياه, الأمر الذي لم ينساه السودانيون, بأن مصر خالفت اتفاق المياه في اتفاقية إنشاء السدود عام 1959, ويحاولون الكسب من كافة الجهات, مستغلين الموقف الضعيف للحكومة المصرية في مفاوضات سد النهضة". وفي 12 نوفمبر الماضي، أعلنت مصر تجميد المفاوضات الفنية مع السودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة، في ختام اجتماع ثلاثي بالقاهرة، إثر رفض الأخيرة تعديلات اقترحها البلدان على دراسات المكتب الاستشاري الفرنسي حول السد وملئه وتشغيله، وسط تحرك من مصر دوليًا لطرح تفاصيل الأزمة في محادثات أوربية وعربية ثنائية. وتتهم القاهرةالخرطوم بدعم أديس أبابا في ملف سد النهضة، الذي تخشى أن يؤثر سلبًا على حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب. وتقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد، لا سيما في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يلحق أضرارًا بدولتي المصب، السودان فيما نفى وزير الري السوداني، معتز موسى، أن يكون السودان قد يتآمر على مصر في قضية بناء سد النهضة، وأضاف في مقابلة بثها "تلفزيون الشروق" الشهر الماضي: "كان السودان واضحًا في مواقفه، ويستند في حديثه عن القضايا الخلافية المتعلقة ببناء السد، على المستندات القانونية". وأردف "السودان قدم مقترحًا بمخاطبة المكتب الاستشاري لسد النهضة، لإدراجه نقاطاً، لم تكن من بنود العقد الذي وقعته معه الدول الثلاثة". واتهم المكتب الاستشاري بإدراج نقاط في تقريره الاستهلالي، تصب لصالح الجانب المصري، "لا أساس قانوني لها، وفقًا للعقد مع المكتب". وتنص اتفاقية مياه النيل عام 1959 على حصول مصر على 55,5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنوياً، بينما يمنح السودان 18,5 مليار متر مكعب.