حقوقيون: "الجمعيات الأهلية" شهادة وفاة للمنظومة الحقوقية بالبلاد الولاياتالمتحدة تضغط ب"المعونة".. ولجنة "حقوق البرلمان": "مصر بعد انقطاع المعونة الأمريكية تسير كما كانت بها" "هيومان رايتس ووتش" و"الأممالمتحدة" تنتقدان القانون رغم إقرار الرئيس السيسي لقانون الجمعيات الأهلية منذ عدة أشهر، ورفع منظمات المجتمع المدني الراية البيضاء حيال هذا القانون، والبدء فى توفيق أوضاعها مع التعديلات، بات الأمر مرهونًا على "فيتو" أمريكي يعيد الأمور لنصابها، لتنظيم عمليات حصول هذه المنظمات على تمويل من مؤسسات خارجية، لاسيما أن حكومة شريف إسماعيل ضربت بقرار تجميد واشنطن لجزء من المعونة العسكرية اعتراضًا على هذا القانون، عرض الحائط. انتقادات لاذعة وُجهت لهذا القانون منذ أن تم عرضه أول مرة تحت قبة البرلمان، سواء من قِبل برلمانيين أو حقوقيين أو مهتمين بالشأن العام، وعلى رأسها أيضًا مجلس الأمن الأمريكي، فضلاً عن حالة القلق والترقب التي سيطرت على حزمة كبيرة من المواطنين المهددين؛ بسبب بعض البنود التي وُردت بالقانون. صدمة تلقاها الحقوقيون جراء تجاهل النظام لاستغاثات ومناشدات الملايين من المتضررين من هذا القانون، والمضي قُدمًا في اتخاذ تلك الإجراءات والقرارات التي تزيد كاهل الفقراء بالمزيد من الأعباء في الوقت الذي تتراجع فيه الحكومة وبشكل ملحوظ عن دورها المجتمعي. ويرى خبراء وحقوقيون أن هذا القانون وضع نهاية شبه حتمية للعمل الخيري في دولة كان يتحمل هذا القطاع الأهلي فيها الجزء الأكبر من التزامات الدولة تجاه مواطنيها الفقراء، أما اليوم وبعد إقرار هذا القانون بات الحديث عن العمل الخيري "صرحًا من خيال فهوى" بحسب تعبيرهم. البرلمان يحاول احتواء الأمر ويدافع عن مواقفه حاول الدكتور علي عبدالعال، رئيس البرلمان، احتواء انتقادات مجلس الأمن الأمريكي لقانون الجمعيات الأهلية بالقول: "القانون من صنع الإنسان وليس قرآنًا أو دينًا سماويًا لا يمكن تعديل بعض مواده". وأشار خلال لقاء وفد البرلمان المصري بأعضاء من مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى أن اللائحة التنفيذية الخاصة به لم تصدر بعد وبالتالي لم يتم تفعيل القانون، وأن مصر وحتى تاريخه تعمل تحت مظلة القانون القديم إلا أن كل المؤشرات لا تتحدث عن تعديل قريب للقانون بل لأن هناك إصرارًا على إبقائه بوضعه الحالي. والكلام ل"عبدالعال": "القانون الجديد للجمعيات الأهلية يتفق والمبادئ الأساسية المتعارف عليها عالميًا، وهى الإفصاح والشفافية والمساءلة ولم يخرج عما هو موجود في كثيرٍ من الدول، مشيرًا إلى أنه إذا ظهر مع تطبيقه معوقات فمن الممكن تعديلها، وهو أمر وارد بعد التطبيق الفعلي، وهو ما يطرح تساؤلاً حول إمكانية تعديل القانون بعد الانتقادات الأمريكية الموجهة للقانون". وفى نفس السياق، قال محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، خلال كلمته في الملتقى السنوي لمنظمات المجتمع المدني، إن المجلس لديه الكثير من التحفظات على قانون الجمعيات الأهلية رقم 70 لسنة 2017، إلا أنه بات ساريًا بموافقة مجلس النواب، وتصديق رئيس الجمهورية عليه. وأوضح أن اللائحة التنفيذية للقانون ربما تصدر وبها بعض القيود التي تعرقل العمل التطوعي، مشيرًا إلى أن وزارة التضامن الاجتماعي تقدمت بمشروع قانون للبرلمان، ولكن تمت الموافقة على قانون آخر، قائلاً: "نأمل أن تضع الدولة في اعتبارها مستقبل المجتمع المدني في اللائحة التنفيذية للقانون حتى تتلاشى سلبياته". كما تلزم الجمعيات الأجنبية في مصر الحصول على ترخيص بالمزاولة كل ثلاث سنوات، مع دفع مبلغ قرابة 300 ألف جنيه مصري "16.6 ألف دولار" تزيد بنسبة 5% كل خمس سنوات. ودافع النائب صبحي الدالي، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، عن القانون قائلاً: "لن يتمكن أحد من إكراهنا على شيء ومصر بعد انقطاع المعونة الأمريكية تسير كما كانت بالمعونة وسوف نقوم بإصدار القانون شاء مَن شاء وأبى مَن أبى وإرادتنا سوف تنتصر على كل مَن يحاربنا ويريد كسر عزيمتنا". وأضاف الدالي في تصريح ل"المصريون": "قانون الجمعيات الأهلية لا يعد تأميمًا كما يردد البعض؛ لأنه يضع كل شيء في مكانه الحقيقي ومَن يريد التبرع يمكنه ذلك في أي مكان به ترخيص وحساب وهذا طريق مشروع، متسائلاً لماذا لا يريد الكثير أخذنا إلى الطريق المشبوه ولا يدعنا نسير في الطريق السليم؟". وتابع: القانون الجديد يجعلنا نعرف مصدر الأموال وطرق التبرع بها وستكون لها ميزانية محددة حتى نتمكن من ضبط التبرعات المشبوهة التي من شأنها دعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي لوطننا. واختتم قائلاً: لن نخضع لأي ضغوط خارجية من دول الغرب حتى ولو وصلت إلى أضعاف قطع المعونة الأمريكية عن مصر ولن نسمح لأحد بالتدخل لفرض شروطه علينا فى وطننا؛ لأننا نحن مَن نرى ما يمكن عمله والبرلمان هو صوت الشعب وأنا أعلم تمامًا أن المصريين لن يقبلوا بمثل هذه الضغوط أو الخضوع لها ومن أراد التبرع فأمامه الأماكن المشروعة التي يمكنه من خلالها الاطمئنان على تبرعاته وحتى تتأكد الدولة من مصير هذه الأموال فالقانون الجديد يضمن لكل طرف حقه ومصداقيته. منظمات عالمية تنتقد القانون استنكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" القانون في بيان لها، مؤكدة أنه سيمنع المنظمات غير الحكومية المستقلة من العمل؛ لأنه سيجعل عملها وتمويلها خاضعين لمراقبة السلطات الحكومية، بما في ذلك الأجهزة الأمنية. المنظمة على لسان سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط، قالت في بيان لها: "إذا مُرر هذا القانون، فسيكون من المُضحك القول بأن مصر تسمح بعمل المنظمات غير الحكومية؛ لأنه سيجعلها تحت رقابة الأجهزة الأمنية". وفي السياق نفسه، قال ماينا كياي، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات في 23 من نوفمبر الماضي: "القانون سيدمر المجتمع المدني في البلاد لأجيال وسيحوله إلى ألعوبة في يد الحكومة"، مضيفًا أنه يشبه مشروعًا مماثلاً اقترحته الحكومة في 2014 ونحّته جانبًا بعد انتقادات واسعة، من بينها انتقادات من هيومن رايتس ووتش. حقوقيون: "الأمن" وضع نصوص "القانون" يقول المحامي الحقوقي نجاد البرعي، أن العديد من القيادات السياسية أطلقوا الشائعات حول قانون الجمعيات الأهلية بفرض عقوبات أمريكية على الدولة المصرية؛ بسبب هذا القانون، لكن الحقيقة أن أمريكا وضعته ضمن القيود التي ربطتها بالمعونة العسكرية وليست عقوبة. وأوضح "البرعي" في تصريح ل"المصريون": الحكومة تعترف رسميًا بأن الهدف من القانون ضبط العمل الأهلي وتقنينه ولم تنظر إلى المفاهيم التي خرجت بعده من التحكم والزائد والسيطرة على الجمعيات الأهلية". وأكد أن قانون الجمعيات الأهلية تم وضع نصوصه بواسطة الأمن، وليس عن طريق وزارة التضامن أو بمشاركة أي من ممثلي الجمعيات، فهو لن يسمح إلا للجمعيات المشهرة فقط العمل في المجال الأهلي والتنموي والحقوقي، مشيرًا إلى أنه أي مكتب للمحاماة أو منظمة حقوقية أو مكتب للمساعدة القانونية لن تستطيع أن تعمل دون أن توفق أوضاعها طبقًا للقانون الجديد أو تكون جمعية مشهرة، ولن تعمل في أي قضية لها علاقة بحقوق الإنسان. وأوضح أنه لا توجد أي ضغوط غربية يمكنها تغيير السياسات التي تقوم عليها مصر لكن هذا الوضع يمكن أن يحدث في الأمر الاقتصادي لكن لا يمكن التفكير فيه إطلاقًا على الوضع السياسي. بينما أكد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، أن أمريكا لم تفرض عقوبات على مصر لكنها وضعت 3 موضوعات وربطوها بالمعونة الأهلية من هذه الموضوعات قانون الجمعيات الأهلية. وأضاف "أبو سعدة" في تصريح ل"المصريون": "أرى أن الموضوع ليس بالعقوبات لأنني أرى أن هذه العقوبات موجهة للشعب وليست للدولة المصرية وأتمنى معالجة الموضوع بشكل لا يضر بالمصالح المصرية الأمريكية". وأشار إلى أن وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة غادة والي والجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية العالمية لم يوافقوا على القانون، ويرون أن التمسك به يضر بأمن الوطن وذلك يجعل النظر إليه مجددًا أمرًا يفرضه الواجب الوطني على جميع المسئولين. وأوضح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن هذا القانون يعد تأميمًا للعمل الأهلي بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ وسيكون الحل الوحيد هو أن الجمعيات الأهلية ستغلق أكثر من 70% من أبوابها والباقي سيعمل لصالح الحكومة وفي هذه الحالة سيتم القضاء تمامًا على العمل الأهلي؛ لأنه سيتحول إلى أمني، لافتًا إلى أنه أصبح سيفًا مسلطًا على رقاب المجتمع المدني، وهو ما أثر على الحريات. واستكمل: "على الرغم من أنني أرى أن الهدف الرئيسي من قانون الجمعيات الأهلية هو تأمين العمل الخيري والأهلي لكن نحن لا نحتاج إلى هذا، قائلاً: "حتى الإخوان وجماعاتهم كانوا يقدمون خدمات حقيقية وقاموا ببناء المستشفيات وتقديم الكثير من الخدمات الصحية والاجتماعية للمواطنين". وتابع "أبو سعدة": "لو أنت مش عايز الإخوان يشتغلوا فهذا شيء آخر لكن لابد أن نعلم أن أموالهم لم تذهب إلى الإرهاب لتخريب الوطن وقتل الآمنين". واختتم كلامه قائلاً: "الضغوط الأمريكية لن تجعل البرلمان المصري يعدل شيئًا في القانون لأن ما أعلنه مؤخرًا مجلس النواب بأنه لن يغير في القانون إلا إذا واجهته مشكلة لكن لن نغيره بسبب الضغوط الخارجية".