قد يبدو منذ الوهلة الأولى أنها رسالة شكر للعسكر، وهى فى الواقع كذلك، لكنها ليست رسالة شكر على ما قدمه العسكر عبر الستة عشر شهرًا المنصرمة، فقد تقلبت مصر بين الخوف والرجاء، بدت اللعبة أنها كالعصا والجزرة، خوف ورجاء أزمات مفتعلة، انعدام فى الأمن، انتخابات نزيهة، شو إعلامى، مجلس شعب بلا صلاحيات، ولأول مرة فى تاريخ مصر حكومة أقوى من مجلس الشعب، استعصت على الخلع، بل تم تكريمها وخُلِعَ مجلس الشعب ورحل قبل أن ترحل، انتخابات رئاسية، وفى ليلة الانتخاب بعدما بدت المؤشرات فى الأفق تشير إلى وصول مرشح الثورة كان الإعلان الدستورى المكمل، دون أن يستفتى عليه الشعب، عُدْتُ بملء الفم أشكر المجلس العسكرى، لقد جمع الصف، ولمَّ شعثَ القوى السياسية، فضح الكثير من الوجوه، التى طالما تمسحت فى الثورة وتتحدث باسمها، وبدا المشهد أكثر روعة مما نتخيل، التحم الثوار فى الميدان، علت أصوات الثوار، سرت دماء الثورة من جديد، روح جديدة فى عروق الثوار، عاد للميدان بريقه، اختفت الانتماءات السياسية، وبدا الانتماء الوحيد لمصر، جبهة وطنية تضم كوكبة من أبناء مصر على اختلاف مشاربهم تصطف خلف الدكتور مرسى، رغبة ملحة لتدارك ما قع فيه الثوار من قبل، الإصرار على الشرعية، عدم ترك الميدان حتى تتحقق مطالب الثوار برحيل العسكرى، وعودة البرلمان المنتخب، وإلغاء قانون الضبطية، مطلب واحد أن تعود الشرعية، وأن ينصب الرئيس بكامل صلاحياته، لقد عمقت شكرى للمجلس بعدما رأيت الميدان، وقد اكتظ بالمتظاهرين، وملأوا الشوارع من جميع الاتجاهات عن آخرها، المتظاهرون يسجدون فوق ظهور بعضهم البعض، وهم يؤدون الصلاة، وقد خرجوا وعزموا ألا يعودوا حتى تعود مصر حرة، وحتى ترفرف أعلام الثورة فوق ربوع الوطن، الميدان يتحدث عن نفسه، علت أصوات الجماهير، يوم كيوم تنحى المخلوع، وقف الجميع ضد المبادئ فوق الدستورية بورقة على السلمى، العلماء والمشايخ هتفوا للأقباط، وجاء الأقباط فهتفوا للعلماء والأزهر، شكراً لك أيها المجلس فقد أبنت الصورة، وجمعت الوطن على قلب رجل واحد وما كنت أظن أن قوة على ظهر مصر كانت قادرة على جمع الثوار بهذه الصورة، لا توجد حالة من حالات التحرش، البلطجة غير موجودة، لم ترصد أية حالة اختراق، الوطن فى أبهى صورة، والثورة فى أبهى حلة، ويبقى أن نذكر بالبيان، الذى جاء تهديداً للثوار، ذكرنا بخطاب المخلوع قبل رحيله، إن الثوار رفضوا التهديد، وأعلنوها سلمية، والميدان ساحة الفصل، وغداً لناظره قريب.