استكمالاً لحديثنا عن إعلان استقلال الجيش المصرى عن الدولة المصرية، والمسمى الدستورى المكمل بينما هو فى الواقع محض انقلاب عسكرى يستخدم سلاح الإعلانات الدستورية غير الشرعية للسيطرة على البلاد، عوضًا عن الصورة القديمة التى لا تتناسب مع عصر الفيس بوك والربيع العربى، والمتمثلة فى صورة نزول الدبابات والمدرعات فى الشوارع. وفى هذا السياق، قال اللواء ممدوح شاهين - فى رده على أسئلة الصحفيين بخصوص مواد تلك الإعلان- جملة خطيرة جدًا وكاشفة، قال فى تعليقه على المادة 53 مكرر، جاء نصها: (يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان الدستورى بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومد خدمتهم)!!!، قول – لا فض فوه - إن هذا طبيعى وإن الجيش دومًا هو المختص بتحديد أموره، هذه الجملة كاشفة عن رغبة العسكريين فى الاستقلال، هذه الجملة خاطئة تمامًا وغير صحيحة من الناحية التاريخية، وتكشف إما عن جهل سيدى اللواء حتى بتاريخ الجيش المصرى الذى ينتمى إليه، أو بعلمه بالحقيقة ورغبته فى التضليل!!، وفى كل شر. الذى قاله اللواء شاهين لم يحدث فى تاريخ مصر الحديث إلا فى خمس سنوات فقط (1962-1967) حدث خلالها تغول للقيادة العسكرية واستقلت بتدبير شئون الجيش وناطحت سلطة القيادة السياسية، وكانت النتيجة أن تلك السنوات تحديدًا هى الأسوأ عسكريًا والأبأس سياسيًا فى تاريخ مصر!!، تعرضت مصر خلالها لهزيمتين فى اليمن وسيناء، وفقدت خلال تلك السنوات حوالى 27 ألف جندى بين اليمن وسيناء، ودمر الجيش المصرى وحاق به أكبر عار فى تاريخه، وضاعت خلال تلك السنوات الحريات السياسية وانتشر القمع والتعذيب وسيطر اللواءات على مرافق الحياة المدنية، وظهرت مرامز القوى.. فهل هذا هو ما تريده يا شاهين، هل نموذج عبد الحكيم عامر وشمس بدران هو ما تريد أن تبعثه من جديد، هذا بالضبط ما يؤدى إليه إعلانكم غير الدستورى. أما خلاف تلك السنوات الخمس، فلم يحدث أبدًا ما ذكره اللواء شاهين، وأسأل سيادة اللواء الذى ربما لا يعرف تاريخ الجيش الذى ينتمى إليه، لعل إجابته على تلك الأسئلة تعينه على معرفة مدى صواب المعلومة التى قالها من خطئها، أسأل الله أن يعينه ويعيننا عليه. سيادة اللواء.. هل أخذ الرئيس السادات رأى الجيش قبل أن يعزل الفريق صادق من وزارة الدفاع ويعين الفريق أحمد إسماعيل (المشير لاحقًا) وزيرًا للدفاع عام 1972؟! سيادة اللواء.. هل أخذ الرئيس السادات رأى الجيش قبل أن يعزل المشير الجمسى من وزارة الدفاع ويعين الفريق كمال حسن على وزيرًا للدفاع عام 1978؟! سيادة اللواء.. هل أخذ الرئيس السادات رأى الجيش قبل أن يعزل الفريق كمال حسن على من وزارة الدفاع ويعين الفريق أحمد بدوى وزيرًا للدفاع عام 1980؟! سيادة اللواء.. هل أخذ الرئيس حسنى مبارك رأى الجيش قبل أن يعزل المشير أبو غزالة من وزارة الدفاع ويعين الفريق يوسف صبرى أبو طالب وزيرًا للدفاع عام 1989؟! سيادة اللواء.. هل أخذ الرئيس حسنى مبارك رأى الجيش قبل أن يعزل الفريق يوسف صبرى أبو طالب من وزارة الدفاع ويعين رئيسك الحالى طنطاوى وزيرًا للدفاع عام 1991؟! عندما تجيب عن هذه الأسئلة الخمسة، ستكتشف مدى عدم معرفتك بتاريخ الجيش المصرى وخضوعه مثل كل جيوش العالم المحترفة للقيادة السياسية، أو سيكتشف القارئ مدى الخداع الذى نتعرض له ممن يريدون تحويل مصر إلى دولة يسيطر عليها العسكر مثل دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية فى السبعينيات، ويريدون ابتعاث عبد الحكيم عامر وعصره ونكسته من جديد. [email protected]