القاهرة قدمت ورقة حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية ومنظمة التحرير لمنع انهيار المفاوضات "حماس" مستاءة من تركيز "فتح" على ملف تمكين حكومة "حمد الله" وتجاهل الملفات الساخنة مسئول مصرى أبلغ "حماس" بضغوط أمريكية إسرائيلية على "عباس" لفرملة المصالحة.. والقاهرة ردت بالتعهد بفتح منتظم لمعبر رفح وفد مصرى يزور غزة لتقييم التزام الطرفين.. وجولة حوار موسعة أوائل فبراير أنقذ تدخل مسئولين أمنين مصريين، جولة الحوار بين الفصائل الفلسطينية التى استضافتها القاهرة خلال الأسبوع الماضى من الفشل، إثر تباين وجهات النظر بين حركة "فتح" من جهة، وحركتى "حماس" و"الجهاد الإسلامي" من جهة أخرى. ففيما رأت "فتح"، ضرورة تركيز الحوار على تمكين حكومة التوافق الوطنى، بقيادة رامى حمد الله من السيطرة على مفاصل الحكم في قطاع غزة، وفى مقدمتها الجهاز الأمني، ارتأت حركتا "حماس" و"الجهاد" غير ذلك. إذا طالبتا بضرورة التركيز على القضايا الأكثر أهمية، ومنها تنفيذ كل بنود المصالحة الوطنية، وعلى رأسها إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية، وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وقضية رفع الحصار على غزة، وإنهاء العقوبات الإدارية على القطاع، ودمج الموظفين الذين تم تعيينهم إبان سيطرة "حماس" على القطاع، ضمن الجهاز الإدارى والأمنى للسلطة الفلسطينية. في المقابل، أبدت "فتح" تصميمها على ضرورة التركيز على تمكين حكومة الحمد الله من القطاع ما أغضب وفدى "حماس" و"الجهاد" الراغبين فى الانتهاء من الملفات الساخنة، وعلى رأسها تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية تستند لبرنامج "التوافق الوطني" لمقارعة الاحتلال والإجهاز عليه. وإزاء حالة الغضب التى أبداها وفدا "حماس" و"الجهاد"، طالب الوسيط المصرى بضرورة تفهم موقف وفد "فتح" الذى يتعرض لضغوط أمريكية لفرملة ملف المصالحة، بعد أن هددت الولاياتالمتحدة بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، حالة إبداء وفد "فتح" لحوار القاهرة تجاوبًا مع ملفات المصالحة. ومنها رفع الحصار والبدء فى تشغيل المعابر، فضلاً عن ضغوط إسرائيلية مماثلة تتمثل فى وقف إمداد السلطة بأموال المقاصة الضريبية فى أراضيها. في الوقت الذي اعتبر فيه صلاح البردويل، عضو المكتب السياسى ل "حماس"، أن "نتائج جولة الحوار الفلسطينى الأخيرة لم تنجح فى تحقيق أى اختراق فى الملفات المهمة، مقتصرة على التوصل لتسويات مبهمة تفتقد للتنفيذ وفق آليات ومواعيد ثابتة". وأضاف البردويل: "كنا نتمنى أن يكون اليوم تتويجًا للقاءات السابقة، وتطبيقًا لملفات المصالحة كاملة، حتى ينعم الشعب بوحدة حقيقية فى مواجهة الاحتلال، ولكن للأسف الضغوط الأمريكية على السلطة حالت دون ذلك". وتالع: "الضغوط الكبيرة حالت دون أن نصل لاتفاق، وواضح أن هناك تنكرًا لما تم التوافق عليه والهروب، ووصلنا لهذه النتيجة الباهتة التى لا تلبى طموحات شعبنا". من جانبها، ضغطت مصر لإجراء تعديلات على البيان الختامي، فيما يتعلق بتحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة والرئاسية الفلسطينية خلال العام المقبل، على أن يترك للرئيس الفلسطينى محمود عباس تحديد موعدها. مع التعهد بحصول موظفى قطاع غزة على رواتبهم أوائل ديسمبر المقبل، والاتفاق على البدء فى تفعيل الاتفاقيات الخاصة بهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية، ودعوة المجلس الوطنى للانعقاد، فضلاً عن تقديم تعهد "حماس" بفتح منتظم لمعبر رفح يبدأ من أمس السبت. وسعيًا من الجانب المصرى لإرضاء حركة فتح، تعهد الجانب المصرى بإرسال وفد من أحد الأجهزة السيادية إلى غزة للإشراف وتقييم مدى التزام "حماس" بتمكين حكومة رامى الحمد لله من قطاع غزة، والإشراف على المعابر والمقار الأمنية. وهو ما تعهدت "حماس" بتسريع وتيرته حال التوصل لتسوية لجميع القضايا العالقة، ومنها الانتخابات والعقوبات والمعابر، ورفع الحصار وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. الدكتور طارق فهمي، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، أقر بوجود تباينات شديدة بين حركتى "فتح" و"حماس" حول عديد من الملفات، مما دعا الجانب المصرى لدعوة الفصيلين الكبيرين لجولة حوار جديدة أوائل شهر ديسمبر المقبل، للتوصل لتسوية حول الملفات العالقة، لا سيما أن حماس وطبقًا لتعهداتها، ربطت بين تسوية الملف الأمنى وبين إنهاء جميع استحقاقات المصالحة. وقال فهمى ل"المصريون"، إن "أهم ما شهدته جلسات جولة الحوار الفلسطينى أنها عكست وجود توافق بين أغلب الفصائل حول إبعاد ملف سلاح المقاومة عن طاولة المفاوضات، حيث رفضت الفصائل أى مناقشة لهذا الملف منحازة لوجهة نظر حماس والجهاد والجبهة الشعبية، بأن سلاح المقاومة خط أحمر مادام الاحتلال مستمرًا والعدوان والاستيطان كذلك، ولم تقم الدولة الفلسطينية حتى الآن". ولفت فهمى إلى أن "القاهرة تعول كثيرًا على جولة المفاوضات القائمة بين فتح وحماس أوائل ديسمبر، لحلحلة كثير من القضايا، وفى مقدمتها ملف الأمن وهيكلة منظمة التحرير وحكومة الوحدة الوطنية، قبل دعوة القاهرة الفصائل الفلسطينية إلى جولة حاسمة من المفاوضات أوائل فبراير، مشيرا إلى إدراك الجانب المصرى أن 10 أعوام من الانقسام بين غزة ورام الله تحتاج لوقت أطول لردم الهوة بين الطرفين". سعى القاهرة لردم الهوة بين الطرفين امتد لتقديم مقترح حظى بقبول جميع الفصائل بتشكيل لجنة ذات طابع قومى فلسطيني، مهمتها التدخل لتسوية أى خلاف حول استحقاقات المصالحة بين حركتى فتح وحماس، كأداة رقابة وإشراف على ملف المصالحة. واعتبر الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، تشكيل هذه اللجنة الفصائلية، "إشارة مصرية على عمق الخلافات بين فتح وحماس، فالأخيرة مستاءة من الطريقة التى تسلمت بها حكومة الحمد الله المعابر، معتبرة إياه مخالفة لمبدأ الشراكة بين الطرفين، فضلاً عن الخلافات حول سلاح المقاومة فى ظل وجود تيار داخل "فتح" يتحدث عن سلاح واحد وسلطة واحدة". وأضاف الأشعل: "الخلافات تمتد لكيفية هيكلة الأجهزة الأمنية وإعطائها طابعًا وطنيًا بعيدًا عن المحاصصة الفصائلية والاعتراض كذلك على استمرار الحمد الله على رأس حكومة الوحدة الوطنية، فى ظل اتهامات حماس له بوضع عراقيل أمام رفع الحصار عن قطاع غزة، ومعه العقوبات الإدارية المفروضة على القطاع، ناهيك عن ملف الموظفين، وهى ملفات معقدة يمكن أن تعرض المصالحة الفلسطينية لخطر كبير". ورجح الأشعل، "دخول أطراف إقليمية ودولية على خط الأزمة وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة وإسرائيل، حيث تسعى لعرقلة المصالحة والتذرع بغياب الشريك الفلسطيني، وقد فجرت واشنطن قضية إغلاق مكتب منظمة التحرير للضغط على "فتح" لعدم المضى قدمًا فى ملف المصالحة". فضلاً عن ذلك، أشار إلى "ضغوط أطراف عربية على عباس لتمرير صفقة القرن، رغم المخاوف من تصفيتها للحقوق الفلسطينية، وهى كلها ملفات تضع مصير المصالحة الفلسطينية على المحك، وتفرض تحديات على الجانب المصرى للعبور بالمصالحة لبر الأمان".