ملفات خلافية عديدة تفرض نفسها على أجندة اجتماع الفصائل الفلسطينية، المقرر انطلاقه غدًا فى القاهرة، بحضور جميع ألوان الطيف الفلسطينى وفى مقدمتهم فتح وحماس، وهى خلافات تضع كثيرًا من علامات الاستفهام حول إمكانية نجاح هذه الجولة فى لم الشمل وإطلاق رصاصة الرحمة على انقسام فلسطينى استمر لمدة 10سنوات. ولعل أبرز هذه الملفات الخلافية، يتمثل فى ملف الأمن، حيث لا تزال حركة حماس تسيطر على الأمن وقطاعاته المختلفة بالقطاع، ولا يبدو أنها جادة فى تسليم هذا الملف لحكومة حمد الله، خلال المرحلة القادمة كون الحركة تمسكت بضرورة تأهيل قوى الأمن الفلسطينية وإعطائها طابعًا مهنيًا وطنيًا بعيدًا عن الصراعات الحزبية والسياسية بين الفصائل، فضلاً عن أن تجربة سيطرة سلطة عباس، على المعابر لا تشجع الحركة على أبداء مرونة فى هذا الملف المعقد. وتمتد الخلافات بين حركتى حماس وفتح، لملف نزع سلاح المقاومة، والذى تتبناه حركة فتح أو بالأحرى الجناح المعارض للمصالحة مع حماس انطلاقًا من أن حماس تسعى للحصول بالصناديق وعبر آليات الديمقراطية على ما فشلت فيه بالسلاح طوال السنوات الماضية. ويتمسك هذا التيار داخل حركة فتح بما يسمى وحدة السلطة والسلاح داخل القطاع، بل يطالب بنزع أسلحة المقاومة، وأن تكون مرجعيات القرار السياسى والعسكرى فى قطاع غزة لسلطة عباس وحده، وهو أمر لن يحظى أو يجد قبولاً لدى الحركة التى رفض القيادى بها حسن يوسف، أى مساس بسلاح المقاومة لاسيما أن الاحتلال مستمر ومعه الاستيطان، وعدوان إسرائيل لا يتوقف ضد الفلسطينيين ولم يتم حتى الآن إقامة دولتهم. رد حركة فتح، على تصريحات القيادى بحماس حسن يوسف، كان سريعًا وعلى لسان عضو مركزية الحركة جبريل الرجوب، حيث أكد أنه لا تعدد للسلاح فى أراضى السلطة الفلسطينية ولا معنى لما يطلق عليه سلاح المقاومة، خصوصًا أن حركة حماس أساءت استخدام هذا السلاح عام 2007 بشكل يفرض نزعه، والإبقاء عليه وحيدًا بيد السلطة الفلسطينية. ولعل الموقف المتشدد الذى تبناه الرجوب، وثيق الصلة بعباس، والذى سيكون حاضرًا بقوة على أجندة فتح خلال الحوار، لن يلقى تجاوبًا داخل حماس وداخل تيار الصقور داخلها والذى يرى فى سلاح المقاومة خطًا أحمر مادامت الدولة الفلسطينية لم تعلن وما دام العدوان والاستهداف الفلسطينى مستمرين، وهو أمر يزيد من الضغوط على الوسيط المصرى، المطالب بإيجاد حلول خلاقة لهذا الملف، بحيث لا تتعرض جهود القاهرة لتحويل اتفاق المصالحة إلى واقع للخطر. وتستند حركة حماس وهى تخوض الجولة الحاسمة من الحوار الفلسطينى إلى ضمانات مصرية، قدمت للحركة منذ أشهر، بأن سلاح المقاومة ليس مطروحًا على ملف المفاوضات خصوصا أن الرؤية التى طرحها قائد حركة فتح يحيى السنوار، للمصالحة تقتضى بابتعاد حماس عن السلطة مع الاحتفاظ بوضعها حركة مقاومة فكيف يتم القبول بنزع سلاحه وهو الورقة الوحيد التى مازالت بيدها؟. الخلافات بين حركتى فتح وحماس، تمتد إلى ملفات عديدة منها هوية رئيس حكومة التوافق الفلسطينى خلال الفترة الانتقالية والتى ستدير العملية الانتقالية وتشرف على الانتخابات التشريعية والرئاسية، حيث تبدى حركة حماس وفصائل فلسطينية عديدة التحفظ على بقاء رامى حمد الله، على رأس الحكومة لاسيما أن علاقاته بحركة حماس مضطربة بعد توجيه العديد من قياداتها انتقادات لاذعة لهذه الحكومة، لاسيما فيما يتعلق بإيمانها بمفهوم الشراكة بين فتح وحماس . ويشكل عدم مضى حكومة الحمد، فى رفع العقوبات عن قطاع غزة رغم قيام حماس بتسليم الإشراف على المعابر وهو أحد ملفات الخلاف فى ظل عدم وفاء السلطة بمرتبات آلاف من العاملين فى القطاع ممن جرى تعيينهم خلال سيطرة حماس على القطاع، فضلاً عن عدم المضى قدمًا فى تخفيف الحصار المضروب على القطاع . الخلافات بين أكبر فصلين فلسطينيين لا تتوقف على الملفات ذات الطابع المحلى فقط، بل تسير فى إطار التجاذبات الإقليمية، حيث أبلغت حركة حماس سلطة عباس والوسيط المصرى بأنها فى حل من تصنيف الدول العربية لحزب الله، بأنه منظمة إرهابية وفقا لتأكيدات القيادى فى حماس موسى أبو مرزوق. حيث أكد نائب رئيس المكتب السياسى للحركة، أن النقطة الأولى على جدول أعمال مؤتمر الحوار الفلسطيني: أن حزب الله ليس بمنظمة إرهابية، وأن المضى فى ذلك التصنيف يقودنا أيضًا إلى نفس المصير، مشددًا على ضرورة أن يكون الموقف بالإجماع لتصويب بوصلة العرب السياسية، فلسطين والقدس. هذه الخلافات المتصاعدة بين فتح وحماس، واتساع البون بينهما يشير إلى مدى دقة موقف الوسيط المصرى بحسب السفير عبدا لله الأشعل مساعد وزير الخارجية، فهذه الملفات الخلافية يجب احتواؤها وتقليل الهوة بين الطرفين حولها وإلا تعرضت جهود المصالحة لانتكاسة كبيرة، مشيرًا إلى وجو جناح داخل حركة فتح مهتم باستفزاز حماس ووضع العراقيل أمام تنفيذ اتفاق المصالحة على أرض الواقع . وشدد الأشعل فى تصريحات ل "المصريون"، على ضرورة بقاء سلاح المقاومة خارج المناكفات السياسية الفلسطينية باعتبار أن نزع سلاحها يسدى معروفًا شديدًا لإسرائيل ويضيع آخر ورقة بيد المفاوض الفلسطينى حال استئناف المفاوضات بشكل جاد مع إسرائيل لتحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية . وأشار الأشعل، إلى وجود ضغوط شديدة على سلطة عباس لعدم التجاوب مع جهود المصالحة وفرض تسوية تأتى على حساب سلاح المقاومة وهو أمر يجب أن تتعامل معه حماس كخط أحمر، لاسيما أن تجربة سلطة عباس فيما يتعلق باستلام المعابر يجب أن توقظ حماس حيال السيناريو المرسوم لها.