أهم ما تمخض عنه اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي عقد أمس بالقاهرة هو صدور قرار اعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية ، بكل ما يترتب على ذلك التصنيف من إجراءات وتوابع ، كما حمل القرار إيران راعي حزب الله عسكريا وماليا المسئولية عن تهديد الاستقرار في المنطقة العربية ودعم العدوان على دول الخليج ، وأيضا احتلالها للجزر الإماراتية الثلاثة وتغذيتها للنزاعات الطائفية والمذهبية ودعمها للمنظمات الإرهابية بالأسلحة المتطورة . حزب الله اللبناني يعمل كفيلق تابع للحرس الثوري الإيراني ، الاستراتيجية والأهداف والعقيدة والأدبيات والأولويات يحددها "الولي الفقيه" في إيران ، وهذا اعتراف علني مسجل بالصوت والصورة من حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الإرهابي ، كما أكد على أن تمويل الحزب وتسليحه ورعايته كلها إيرانية ، وبالتالي فنحن أمام وضع بالغ الغرابة ، ولا يمكن أن تقبل به أي دولة ذات سيادة ، هل تتصور مثلا أن تسمح مصر لمنظمة مسلحة أن تقيم دولة لها في سيناء ويكون لها جيش خاص واستخبارات خاصة وميزانية خاصة وبنية تحتية من مستشفيات ومدارس تابعة لها وعلاقات خارجية منفصلة ومعارك إقليمية خاصة بها ، تحت ستار أنها حركة مقاومة ، حتى لو كانت السياسات المصرية الرسمية في حالة مواجهة مع "إسرائيل" ، هل هذا يعقل ، وهل تسمح به الأردن أو حتى الديكتاتور المجرم بشار الأسد الذي يستفيد من تلك اللعبة حاليا ، هذا وضع شاذ للغاية وغير مقبول بأي معيار . بطبيعة الحال ، حزب الله بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية ، حيث تم الاتفاق على نزع سلاح جميع الميليشيات والفصائل ، أراد أن يحتفظ هو وحده بسلاحه خارج إطار الشرعية والدولة ، فكانت حكاية المقاومة ، وأنه حزب مقاوم ، وكان لتلك اللعبة احتياج لتبريرها على الأرض فكان التحرش الذي اخترعه وجلب به عدوانا إسرائيليا في 2006 على لبنان دمر الجنوب بكامله ، وقال نصر الله بعده أنه لم يكن يعلم كل تلك النتائج ولو كان يعلم ما خاض المواجهة ، ومن ساعتها لم يطلق رصاصة واحدة ، لأن الهدف تحقق ، ووضع الجميع داخل لبنان وخارجه أمام إحراج أنك تنزع سلاح المقاومة ، رغم أن المسألة شديدة الوضوح ، في عقيدة الحزب وأدبياته واستراتيجياته والمعارك التي يخوضها ، لدرجة أنه عندما فكرت الحكومة اللبنانية في تغيير مدير أمن مطار بيروت الموالي للحزب ، قام الحزب بإعلان الحرب على لبنان كله واجتاح بيروت بالسلاح وسيطر على مؤسساتها ورفع أعلام الحزب ، قبل أن يقرر من تلقاء نفسه الانسحاب ، بعد أن أعلن للجميع من هو صاحب السيادة هنا ، كما أنه حاليا يتحالف مع القوى اللبنانية التي كانت حليفة طبيعية لإسرائيل ، ولا يوجد عاقل في لبنان ولا خارجه يتصور أن ميشيل عون أصبح عدوا لإسرائيل ومقاوما . كذلك خاض الحزب معركة دموية واسعة ضد الشعب السوري ، دعما للديكتاتور الدموي الفاسد البغيض بشار الأسد ، وكانت مشاركته على خلفية طائفية بحتة ، مشاركا لحزمة من الميليشيات الشيعية التي أتت من العراق مثل عصائب أهل الحق ومن ايران خاصة الحرس الثوري وفيلق القدس الذي لم يطلق رصاصة واحدة من أجل القدس ولكنه أطلق الصواريخ والدبابات على حماة وحمص وحلب ومن أفغانستان مثل ميليشيات الهزارة ، وخسر الحزب في حربه على الشعب السوري قتلى وجرحى ومشوهين ما لم يخسر ربعه في مواجهته مع الكيان الصهيوني ، وما زال هناك ينزف ويصر على الحرب ، لأن القرار ليس قراره ، كما أصبحت معسكراته على أرض لبنان مراكز تدريب متقدمه تستخدمها إيران لتدريب الخلايا الطائفية العربية التابعة لها من البحرين والكويت والسعودية واليمن ، ومع كل ذلك فهو يحتفظ بجناح سياسي يشارك في الحكومة اللبنانية وله فيها وزراء ، ويشارك في البرلمان اللبناني وله فيه أعضاء ، هذا وضع لا يمكن أن تجده في أي مكان في العالم إلا في لبنان . بدون شك ، تآكلت مع الوقت والتجربة العملية الصورة المزورة التي روج لها حزب الله في العالم العربي عندما تقدم بوصفه حركة مقاومة فربح تعاطف الكثيرين ، وصاحب هذا القلم كان منهم ، ملايين العرب اليوم رأته في العراء ، مجرد حزب طائفي ، داعم للديكتاتورية والفساد وحليف لهما طالما كان لمصالحه الطائفية ، وأعدى أعداء الشعوب التي تطالب بالحرية والكرامة والعدالة ، ويعمل مرتزقا لدى ملالي إيران ، ويعاني خطابه الإعلامي اليوم من ضعف قدرته على الإقناع ، أو حتى تسويق قصة المقاومة ، فيحاول أن يلعب على الخلافات العربية ويستثمرها دعائيا ، ويستغل غضب الغاضبين من سياسات هذه الدولة أو تلك لتمرير مواقفه وإخفاء وجهه الحقيقي ، وأعتقد أنه فشل أيضا في تلك اللعبة ، وجاء قرار الجامعة العربية الأخير بتصنيفه "منظمة إرهابية" لكي يتم صفه إلى جوار "داعش" وأخواتها . [email protected] https://www.facebook.com/gamalsoultan1/ twitter: @GamalSultan1