في 2 مارس الجاري اتخذ مجلس التعاون الخليجي قرارا بتصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية. وفي 11 مارس اتخذت الجامعة العربية في نهاية اجتماعات وزراء الخارجية قرارا بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية أيضا. القرار خليجي أولا، ثم عربي شامل ثانيا، لإحكام الدائرة حول ذلك الحزب الشارد واعتباره ميليشيا إرهابية تشكل تهديدا للأمن القومي العربي، وتتدخل عسكريا في أكثر من بلد عربي، كما تتدخل بأشكال تآمرية في بلدان أخرى. وفي 17 مارس ولإحكام الحصار السياسي والدبلوماسي تماما على قادة وكوادر هذا الحزب في لبنان، جاء في تفسير القرار العربي بأن وزراء الحزب أعضاء الحكومة اللبنانية ممنوعون من المشاركة في أي اجتماعات أو لقاءات أو أنشطة عربية رسمية. يجب التطبيق الصارم للقرار في كل العواصم العربية، لا تعامل معه في أنشطة رسمية أو غير رسمية، حتى يدرك أثر الحصار والعزلة عليه عربيا ودوليا، فربما يجعله ذلك يعيد التفكير في مسيرته التي قادته إلى تلك النهاية المأساوية، وربما كذلك تدرك صانعته وراعيته ومحركته إيران أنها يستحيل أن تفرض أجندتها وخططها وأحلامها وأدواتها وأذرعها العسكرية في المنطقة العربية، ومهما كانت حالة الضعف العربي إلا أن العرب عندما يكونون مهددين وجوديا فإنهم يتحركون ويدافعون عن أنفسهم وبشراسة، وقرار إرهاب حزب الله والتصدي للمشروع الإيراني التخريبي دليل على أن هناك إرادة عربية، ولو من دول بعينها، للتصدي والمواجهة. والحقيقة أن السعودية هى كلمة السر في تلك الصحوة العربية تجاه المخاطر والتحديات الخارجية ومصدرها المباشر إيران وأدواتها، السياسة السعودية تدرك أن الخليج بشكل خاص والعرب بشكل عام في لحظة خطر حساسة ودقيقة، وأنه لا بد من المواجهة مهما كان الثمن، السلام ومد الأيادي للجار لم يُقابل بالمثل، ولا بالنوايا الحسنة، لذلك كان لزاما استخدام أدوات أخرى، ومنها قطع ذيل الأذناب عسكريا كما في اليمن، أو سياسيا كما في حالة حزب الله، وترك فرقاء هذا البلد يحددون بأنفسهم هل يريدون لبنان بلدا حرا، أم بلدا مختطفا من ميليشيا مذهبية طائفية؟، كذلك التدخل في سوريا لدعم شعب باحث عن حريته وكرامته، والتوصل لمعادلة حكم جديدة بدون قهر واستبداد، وتوجيه رسائل عديدة للعراق العربي، وليس الفارسي، بشأن هل يريد أن يظل في الحضن العربي بوابة شرقية للعرب وطرفا مهما في القوة والوزن والأمن القومي العربي، أم يظل رهينة لإيران عبر أحزاب وأطراف بعينها تشارك في السلطة وتقودها، وليس بإرادة الشعب كله، ومختلف مكوناته الوطنية والسياسية والقومية والمذهبية؟. اليوم بات واضحا أن العرب إما أن يكونوا أو لا يكونوا، وبالتالي فأي قرارات عربية تحافظ على كينونتهم ووجودهم لا بد أن تلقى ترحيبا ودعما لها وللعاصمة أو العواصم التي تستشعر ذلك وتأخذ المبادرات بالتحرك، هذه ليست مرحلة مواءمات، ولا مسك العصا من المنتصف، ولا لعبة الوجهين من بعض العواصم تجاه الأزمات الساخنة خصوصا في سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان. حزب الله، ولا أحد غيره، هو من وضع نفسه في تلك الورطة، فهو يمارس دوره الميليشاوي الدموي في أكثر من بلد عربي، وكان الخليج والعرب يمدون له الحبل لعله يتعقّل ويعود إلى رشده ولا يتحول إلى أداة للتدخل السلبي والدموي، ولا أداة للتآمر والتوتر وتهديد الاستقرار، لكنه لم يدرك خطورة اللعبة، أو ليس هو صاحب القرار، إنما رعاته في طهران هم من يحركونه وفق أهدافهم. حزب الله بندقية في أيدي إيران تقتل بها اللبنانيين كما جرى في الأحداث الدموية في مايو 2008 عندما اجتاح مناطق بيروتالغربية لقمع أهلها، وتوجه إلى مناطق الدروز، ليفرض نفسه لاعبا عسكريا بشكل صريح، وأنه من يقرر مصير لبنان واللبنانيين، وأنه من يضع الشروط على الشركاء في معادلة الحكم، كانت تلك هى الفاصلة بين حزب الله المقاوم، وبين حزب الله الميليشيا الإرهابية التي تصوب سلاحها على اللبنانيين، بدل الإسرائيليين، من يومها فقد الحزب كثيرا من زخمه، وسقطت شعارات المقاومة والممانعة ، ثم أشهر سلاحه بشكل أكبر وأوسع ومتواصل على صدور الشعب السوري عندما انحاز إلى رئيس مستبد على استعداد أن يفني الشعب كله في سبيل أن يبقى حاكما، دخلت ميليشيا حزب الله سوريا منذ سنوات، وتشارك في القتال إلى جانب نظام دموي ما يؤكد طائفية الحزب وإجراميته، وسقوط قناع المقاومة عن وجهه نهائيا، وأنه مجرد أداة تحركها إيران، وهذا سقوط مشين له. لم يقف الحزب عن قمع اللبنانيين وقتلهم والتحول إلى شريك في قتل السوريين، بل كان مشاركا للحوثيين بالتدريب والاستشارات العسكرية والدعم اللوجيستي لابتلاع اليمن، و هو يتدخل في البحرين أيضا، ويشارك في مؤامرات على الكويت، ما يؤكد تماما طائفيته ومذهبيته، وطعنه للعروبة في مقتل، ويقطع بأنه ذراع إيرانية تحركها هنا وهناك للعبث في الدول العربية، وتنفيذ مخططها للهيمنة، وهى مخططات شريرة، لا خير فيها، أينما تدخلت وحلت فإنها تجلب الحروب والخراب والدمار وهز الأمن والاستقرار والثارات والعداوات والكراهيات والطائفيات والمذهبيات. حزب الله ينتقل من خانة المقاومة إلى خانة الإرهاب في التعامل الرسمي العربي، وفي الرؤية الشعبية أيضا، شتان الفارق بين ما كان عليه من احتضان عربي وإسلامي شعبي، ولدى عواصم عديدة، وهو يخوض مواجهة مع إسرائيل رغم أنه هو من جرها للحرب، إلى ما وصل إليه اليوم من وصمه بالإرهاب وعزله وافتقاد الحواضن الشعبية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.