على خلفية توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحد, في 2 نوفمبر عام 1978، قررت الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية نقل مقرها من مصر إلى تونس احتجاجًا على الخطوة. إذ دعا قادة 10 دول عربية وقتها لعقد قمة عربية العراق لاتخاذ إجراءات ضد مصر, وما اعتبرته تلك الدول خارجًا عن إطار الموقف العربي. وأثار التوقيع على اتفاقية السلام ردود فعل غاضبة داخل مصر وفى الدول العربية. ففي مصر، استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية، وسماها "مذبحة التنازلات"، لكونها لم تُشر بصراحة إلى انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني. واستضاف العراق على وجه السرعة، قمة لجامعة الدول العربية في بغداد في 2 نوفمبر 1978، رفضت اتفاقية كامب ديفيد وقررت نقل مقر الجامعة من مصر، مع تعليق عضوية مصر ومقاطعتها. وشاركت بالقمة 10 دول عربية ومنظمة التحرير الفلسطينية وعرفت القمة باسم "جبهة الرفض". وفي 20 نوفمبر 197، عقدت قمة تونس العادية وأكدت تطبيق المقاطعة على مصر، وازداد التشتت في الموقف بعد حرب الخليج الأولى، إذ انضمت سوريا وليبيا إلى صف إيران وحدث. في أثناء ذلك، احتلت إسرائيل أجزاء من البنان في عام 1982، بحجة إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من جنوبلبنان وتمت محاصرة للعاصمة اللبنانية لعدة شهور. ونشأت فكرة "الاتحاد المغاربي"، الذي كان مستندًا إلى أساس الانتماء لإفريقيا وليس الانتماء للقومية العربية, وساد جو من الإحباط والغضب في الشارع العربي من فكرة التطبيع مع إسرائيل، حيث خرجت المظاهرات المناهضة للمعاهدة في مختلف البلدان العربية، وكان المواطنون ما زالوا متأثرين بخطابات الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر وقيم ومبادئ القومية العربية. وبموجب اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، تم إجلاء المستوطنين الإسرائيليين من مستوطنة "ياميت"، عقب معاهدة "كامب ديفيد"، وجرت عمليات تخريب وشغب كبير بين المستوطنين الرافضين قرار الإجلاء وبين قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي التي جاءت لتنفيذ قرار الحكومة الإسرائيلية التزاما منها ببنود اتفاقية السلام. إذ كان من المقرر لمستوطنة "ياميت"، أن تصبح ثالث أكبر مدينة ساحلية في إسرائيل بعد تل أبيب وحيفا، وتم إرساء بنية تحتية لاستيعاب ربع مليون شخص، لكن تلك الأحلام لم تكتمل حالما بدأت محادثات السلام بين مصر وإسرائيل. ومن المحاور الرئيسية للمعاهدة إنهاء حالة الحرب، وإقامة علاقات ودية بين مصر وإسرائيل، ما ترتب عليه إقامة سفارة للقاهرة في تل أبيب والعكس، وأقيم حفل افتتاح السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في فبراير 1980. وكانت لحظة رفع العلم الإسرائيلي في سماء القاهرة العرب لحظة تاريخية مؤلمة للمصريين، الذين يرفضون التطبيع مع "العدو الصهيوني". كثيرون يرون أن توقيع الرئيس الراحل محمد أنور السادات اتفاقية "كامب ديفيد" هو السبب الرئيسي لاغتياله. ويقول الصحفي الأمريكي لورانس رايت، إنه عندما وقّع السادات الاتفاقية، وقع في الأساس على مذكرة موته، وليس هناك شك أن صنع السلام بين مصر وإسرائيل كانت أول التهم الموجهة إليه". وفي 1990، وفى عهد الرئيس الأسبق, حسني مبارك, عاد مقر الجامعة العربية إلى القاهرة بعقد مؤتمر الدار البيضاء الطارئ، وأصبح عصمت عبد المجيد أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية، وسط تطورات إقليمية وعربية ودولية بارزة. وخلال تلك القمة، تم استكمال عودة مصر إلى العالم العربي وعودة مقر جامعة الدول العربية إلى القاهرة، وذلك بعد استعادة آخر جزء من سيناء في عام 1982 وتم تنكيس العلم الإسرائيلي، ورُفع العلم المصري فوق أرض طابا يوم 19 مارس 1989.