العاصمة الإدارية تطرح 16 وحدة تجارية بالإيجار في الحي الحكومي    طائرات الاحتلال تقصف منزلًا لعائلة "داود" في حي الزيتون جنوب شرقي غزة    طاقم تحكيم مباراة الإسماعيلي والداخلية في الدوري المصري    صفقة سوبر على أعتاب الأهلي.. مدرب نهضة بركان السابق يكشف التفاصيل    ميدو يوضح رأيه في اعتراض الزمالك على حكام نهائي الكونفدرالية    نقابة الموسيقيين تنعي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    الزمالك يشكر وزيري الطيران والرياضة على تسهيل سفر البعثة إلى المغرب    قبل نهائي الكونفدرالية.. نجم الزمالك يسافر إلى اليونان للاتفاق مع فريقه الجديد    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    ميدو: اعتراض الزمالك على وجود حكام تونسيين في نهائي الكونفدرالية ذكي للغاية    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    "لا نريد وسيطاً".. فتح: نطالب بانسحاب إسرائيل من معبر رفح|فيديو    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد زيارة أردوجان..عصام شرف يفاجيء إسرائيل بصفعة قوية
نشر في محيط يوم 16 - 09 - 2011

بعد ساعات من اختتام أردوجان زيارته للقاهرة وفيما اعتبر خطوة جديدة من شأنها أن تضاعف عزلة إسرائيل أكثر وأكثر ، خرج رئيس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف على الجميع بتصريحات قوية جدا حول اتفاقية "كامب ديفيد" .
ففي 15 سبتمبر وخلال لقاء أجرته معه قناة "التركية" وبثه التليفزيون المصري أيضا ، أكد شرف أن اتفاقية "كامب ديفيد" ليست شيئا مقدسا .
وأضاف شرف في المقابلة مع القناة التركية " الاتفاقية ليست مقدسة وهي مطروحة دائما للنقاش إذا كان ذلك يصب في مصلحة المنطقة ويعزز قضية السلام العادل ، ويمكن تغييرها إذا لزم الأمر".
ولم يكتف بما سبق ، بل إنه أكد أيضا أن مصر وتركيا قوتان لا يستهان بهما في المنطقة وهدفهما السلام العادل والتنمية .

ورغم أنه تعالت أصوات شعبية في مصر في الآونة الأخيرة تطالب بمراجعة أوإلغاء اتفاقية كامب ديفيد بعد استشهاد خمسة جنود مصريين بنيران إسرائيلية على الحدود في أغسطس/آب الماضي ، إلا أن تصريحات شرف السابقة تعتبر الأولى من نوعها التي تصدر على هذا المستوى الرسمي المصري فيما يتعلق بتلك الاتفاقية .
ويبدو أن التصريحات السابقة لا تخلو من مغزى واضح ، فهي جاءت بعد زيارة أردوجان للقاهرة وما أبداه من دعم تركيا الواسع لمصر الثورة بعد أحداث السفارة الإسرائيلية ، ولذا لم يستبعد البعض أن تكون تلك التصريحات رسالة تحذير قوية لتل أبيب مفادها أن القاهرة لن تتراجع عن مطالبها فيما يتعلق بحادث الحدود .
فمعروف أن أنقرة طردت مؤخرا السفير الإسرائيلي لديها احتجاجا على عدم اعتذار تل أبيب عن مجزرة أسطول الحرية ، ويبدو أن مصر في طريقها لتكرار الخطوة ذاتها في حال تعمدت تل أبيب المماطلة في إجراء تحقيق مشترك حول حادث الحدود وتقديم اعتذار رسمي ، خاصة وأنه وجهت انتقادات كثيرة لحكومة شرف لعدم اتخاذ موقف مماثل لما أقدمت عليه تركيا مما تسبب في وقوع أحداث السفارة الإسرائيلية فيما بعد .
وكان محتجون اقتحموا مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة في 9 سبتمبر ، مما تسبب في مصرع ثلاثة مصريين وإصابة أكثر من ألف آخرين بينهم رجال أمن .
ومن جانبها ، سارعت إسرائيل إلى إجلاء سفيرها ودبلوماسييها ، كما أعلنت أن سفارتها ستواصل نشاطها بطاقم محدود يضم ثلاثة دبلوماسيين برئاسة المفوض إسرائيل السياسي تيكوشينسكي.
وكانت المفاجأة أن وكالة الأنباء الألمانية كشفت أن الطاقم الدبلوماسي الذي تركته إسرائيل في سفارتها بالقاهرة غادر مطار القاهرة صباح الخميس الموافق 15 سبتمبر .
وأضافت الوكالة أن تيكوشينسكي ومدير أمن السفارة ريكارد سولولونس ونائبه غادروا على رحلة متجهة إلى تل أبيب .
وبالنظر إلى أن المفاجأة السابقة جاءت بعد زيارة أردوجان للقاهرة وأعقبها تصريحات شرف حول "كامب ديفيد" ، فإن هناك من يربط بينهما ويرى أنهما بمثابة رسالة تحذير صريحة لإسرائيل بأن العلاقات مع مصر لن تعود إلى ما كانت عليه في عهد نظام مبارك أبدا ، خاصة وأن هناك حليفا تركيا قويا بات يدعم أرض الكنانة والفلسطينيين بقوة في مواجهة ضغوط تل أبيب وواشنطن.
والخلاصة أن زيارة أردوجان للقاهرة جاءت في توقيت هام جدا لدعم مصر الثورة وتفويت الفرصة على محاولات إسرائيل استغلال أحداث السفارة للإفلات من إجراء تحقيق مشترك حول حادث الحدود أو التغطية على الجدل المتصاعد داخل مصر حول "كامب ديفيد" .
تصريحات بسيوني والعربي
وكان سفير مصر السابق في إسرائيل محمد بسيونى خرج على الملأ في أغسطس الماضي بتصريحات هامة جدا حول كامب ديفيد وإمكانية تعديل الترتيبات الأمنية الخاصة بسيناء .
وأكد بسيوني في البداية أن إطلاق تسمية "كامب ديفيد" على معاهدة السلام مع إسرائيل هو أمر خاطيء لأن ماجرى فى منتجع كامب ديفيد الأمريكى بحضور مصر والولايات المتحدة وإسرائيل فى 17 سبتمبر 1978 كان إطارا لعملية السلام فى منطقة الشرق الأوسط بأطرافها المتعددة .
وأضاف في تصريحات لبرنامج "صباح الخير يا مصر" في 25 أغسطس الماضي أن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية تم توقيعها في مارس 1979 وتتكون من 11 بندا وتنص الفقرة الرابعة منها على الترتيبات الأمنية الخاصة بسيناء والتي تشير إلى إمكانية تعديل هذه الترتيبات بناء على طلب أحد الطرفين بموافقة الطرف الآخر .
وتابع أن المنطقة الحدودية وهي ما يطلق عليها المنطقة "ج" والتي تمتد من رفح حتى طابا وتمتد لمسافة 220 كيلو متر طولا هي فقط التي تنتشر فيها قوات الشرطة المصرية وهي محل الخلاف حاليا وستظل أبرز مناطق الفراغ العسكري في سيناء حيث تتركز في تلك المنطقة قوات شرطة مدنية مسلحة بأسلحة خفيفة لأداء المهام العادية للشرطة وقوات أمم متحدة فقط.
واستطرد بسيوني " أما المنطقة "ب" وتحتل وسط سيناء بأكمله فتنتشر بها أربع مجموعات من قوات حرس الحدود التابعة للجيش المصري ومعها الأسلحة الخاصة بها ويصل تعدادها إلى 4000 جندي وضابط ، في حين أن المنطقة "أ" والتي تمتد من ضفة القناة الشرقية حتى المضايق بمساحة خمسين كيلوا مترا فتنتشر فيها قوات من الجيش يصل تعدادها ل 22 ألف جندى وبها أسلحة كاملة من مدفعية ميدان ودفاع جوى ومشاة وكل أسلحة الجيش المختلفة .
وأشار إلى أن مصر طلبت تعديلا في الترتيبات الأمنية في المنطقة "ج" مرتين إحداهما خلال أحداث غزة عام 2008 والتي تم بموجبها نشر 750 جنديا من حرس الحدود على طول الحدود مع قطاع غزة بطول مايقرب من 14 كيلوا متر، وتم تعديلها للمرة الثانية بعد أحداث رفح والشيخ زويد والعريش الأخيرة ، حيث تم دخول 1500 من قوات الجيش بسيارات مدرعة وآليات لحماية المنطقة ضد الخارجين عن القانون.
وشدد بسيوني في هذا الصدد على أن فكرة تبادل الأراضي التي تطرحها إسرائيل مرفوضة تماما حيث تقترح بسبب الكثافة السكانية لقطاع غزة والتى من المتوقع أن تزيد خلال السنوات القادمة "مليون ونصف مواطن على مساحة 356 كيلوا متر مربع " السماح لسكان القطاع من الفلسطينيين بالتوسع في الأراضى المصرية في منطقة رفح والشيخ زويد مقابل ممر داخل منطقة النقب الإسرائيلية لمصر وهو مارفضته القاهرة بشدة .
واختتم قائلا :" إن قطاع غزة بكثافته السكانية يمثل قلقا لإسرائيل بسبب حرصها الشديد على التوازن السكانى في الأراضى التي احتلتها (زيادة عدد اليهود بالنسبة للفلسطينيين ) ".
ولم يقف الأمر عند ما ذكره بسيوني ، فقد أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أن جميع المعاهدات تخضع لاتفاقية فيينا التي تقضي بأنه إذا قام طرف بخرق جسيم في المعاهدة فعلى الطرف الآخر تنبيهه , مع إمكانية النظر في إلغاء أو تعديل تلك المعاهدة، مؤكدا أن جميع المعاهدات ليست قرآنا أو إنجيلا.
وعلق في مقابلة مع قناة "العربية" في 25 أغسطس الماضي على المطالبات بإدخال تعديلات على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عقب استشهاد عناصر من قوات الأمن المصرية بنيران إسرائيلية على الحدود ، قائلا :" إنه في ظل النظام السابق في مصر لم يكن هناك أحد ينبه إسرائيل وكانت هناك تجاوزات وتم السكوت عليها".
ورغم أن بسيوني والعربي لم يوضحا كيفية تعديل تلك الترتيبات ، إلا أن آراء الخبراء في مصر تكاد تجمع أنه يمكن إتمام تلك الخطوة سياسيا وعن طريق التفاوض وليس عبر رفع دعاوى قضائية لمراجعة المعاهدة أو إلغائها .
فقد أكد المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق في تصريحات صحفية أنه أيا كان الرأي في اتفاقية "كامب ديفيد" من الناحية السياسية فهى تعتبر اتفاقية دولية يتم تعديلها عن طريق التفاوض بين الدولتين فقط لأنها تدخل فى نطاق السيادة القومية بشأن تأمين الحدود وبسط سيادة الدولة على أراضيها وتعاملها مع الدول الأخرى.
كما أكد المستشار عادل فرغلي الرئيس الأسبق لمحاكم القضاء الإداري أن اتفاقية "كامب ديفيد" التي ينظر مجلس الدولة سنويا دعاوى قضائية لإلغائها لا يمكن أن تلغى قضائيا لأنها عمل سيادي ، لكن نصها يتيح التفاوض من جديد حول بنودها طبقا للمتغيرات السياسية في المنطقة ، قائلا :" وكما هو واضح للعيان فهناك العديد من المتغيرات الخطيرة يجب معها تعديل مساحات المناطق الثلاث في سيناء وزيادة الكثافة العسكرية المصرية في المنطقة (ج) المتاخمة للحدود الشرقية بشكل يضمن التحكم الكامل فيها".
وفي السياق ذاته ، قال المستشار كمال اللمعى الرئيس السابق لمحاكم القضاء الإداري :" إن اتفاقية كامب ديفيد كانت موقعة فى ظل ظروف سياسية وعسكرية معينة تغيرت الآن بالكامل ويجب بما لا يدع مجالا للشك تعديل أعداد القوات العسكرية المصرية التي يجب أن تتواجد فى المنطقة (ج) لأن هناك خطرا داهما يهدد حدودنا الشرقية سواء من قبل الجيش الإسرائيلى نفسه أو الجماعات الإرهابية المسلحة التي قد تخترق الحدود إلى سيناء ".
وبجانب الآراء السابقة ، فإن تقرير قوات المراقبة الدولية العاملة في سيناء " أو إف إم " حول الانتهاك الإسرائيلي في 18 أغسطس الماضي الذي أسفر عن استشهاد خمسة جنود مصريين من شأنه أن يدعم أيضا أية تحركات مصرية لتعديل بعض بنود معاهدة السلام .
وكانت " أو إف إم " أكدت في تقريرها ، الذي أعدته حول مصرع عدد من أفراد الأمن المصريين على الحدود ، أنها رصدت في 18 أغسطس مخالفتين ارتكبتهما إسرائيل عند العلامة الدولية رقم 79 الواقعة بمنطقة النقب بوسط سيناء وتمثلتا في اجتياز الحدود وإطلاق الرصاص في الجانب المصري.
بل واللافت للانتباه أيضا أن تقرير " أو إف إم " لم يحدد مدى صحة المزاعم الإسرائيلية بشأن دخول منفذي عملية إيلات في 18 أغسطس عبر الأراضي المصرية ، وهو الأمر الذي أكد لكثيرين أن الانتهاك كان متعمدا في محاولة للتغطية على الاحتجاجات الاجتماعية التي تواجهها حكومة نتنياهو والضغط على مصر الثورة لتضييق الخناق مجددا على قطاع غزة كما كان يحدث في عهد نظام مبارك ، إلا أن الصدمة التي تلقتها تل أبيب أن الدعوات لمراجعة "كامب ديفيد" تصاعدت بقوة خاصة وأن الجدل حولها لم يتوقف حتى في عهد مبارك الذي كان حريصا جدا على علاقاته الوثيقة مع الكيان الصهيوني .
جدل واسع
وكانت ردود الأفعال حول "كامب ديفيد" تباينت بشدة خلال العقود الماضية سواء مصريا أو عربيا ، فعلى الصعيد المصرى ، يرى مؤيدون لمعاهدة السلام أنها أرجعت لمصر سيناء كاملة وأنهت الحرب بين مصر وإسرائيل وأنقذت مصر من ويلات الحروب ونشرت السلام في المنطقة ، في الوقت الذي لم تقدم فيه مصر تنازلات جوهرية ، موضحين أن المعاهدة لم تؤد على الإطلاق إلى تطبيع كامل في العلاقات بين مصر وإسرائيل وكانت علاقات البلدين وحتى الآن تتسم بالبرود والفتور حيث لم ينجح السفراء الإسرائيليون في القاهرة ومنذ عام 1979 في اختراق الحاجز النفسي والاجتماعي والسياسي والثقافي الهائل بين أرض الكنانة والكيان الصهيوني .
وفي المقابل ، يرى معارضون للمعاهدة أنها وضعت شروطا على سيادة مصر على سيناء بعد عودتها إليها عبر فرض قيود على مدى تحرك الجيش المصرى وقواته في سيناء فقصرت مثلا استخدام المطارات الجوية التي أخلاها الإسرائيليون قرب العريش وشرم الشيخ على الأغراض المدنية فقط.
كما أنها لم تقدم حلولا لمسائل كثيرة مازالت عالقة أبرزها ، قضية مدينة "أم الرشراش" المصرية والتي لاتزال تحت سيطرة إسرائيل ويطلق عليها اسم "إيلات" من قبل الإسرائيليين ورغم أن نظام مبارك كان أعلن أنها ليست مصرية ، إلا أن دراسات تاريخية كثيرة تؤكد أن قرية أم الرشراش تم احتلالها من قبل إسرائيل في 10 مارس 1949 وكانت تدعى في الماضي قرية الحجاج حيث كان الحجاج المصريون المتجهون إلى الجزيرة العربية يستريحون فيها .
وهناك أيضا مسألة محاكمة مجرمي الحرب في الجيش الإسرائيلي المتهمين بقتل أسرى من الجيش المصرى في حرب أكتوبر وحرب يونيو 1967 ، بالإضافة إلى قضية الأموال المصرية المنهوبة نتيجة استخراج إسرائيل للنفط في سيناء لمدة 6 سنوات .
أما على الصعيد العربى، فقد أثارت المعاهدة ردود فعل غاضبة جدا من قبل معظم الدول العربية خاصة وأن الشارع العربي كان في هذا الوقت لايزال تحت تأثير أفكار الوحدة العربية وأفكار جمال عبد الناصر وخاصة فى العراق وسوريا وليبيا والجزائر واليمن ولذا عقدت هذه الدول مؤتمر قمة رفضت فيه كل ما صدر عن المعاهدة كما اتخذت جامعة الدول العربية فيما بعد قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجاً على الخطوة المصرية.
وتوجه اتهامات عربية بين الفينة والأخرى بأن السادات ركز على استرجاع سيناء على حساب القضية الفلسطينية ، وتستند وجهات النظر تلك إلى أن فرانسوا بونسيه سكرتير عام الرئاسة الفرنسية في عهد الرئيس جيسكار ديستان قال لبطرس بطرس غالي في قصر الإليزيه ناصحا قبل أن توقع مصر اتفاقية السلام : "إذا لم تتمكن من الوصول إلي اتفاق بشأن الفلسطينيين قبل توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية فكن علي ثقة من أنك لن تحصل لهم علي شيء فيما بعد من الإسرائيليين" .
وفي المقابل ، يرى مؤيدو السادات أن الاتفاقية تضمنت بنودا حول القضية الفلسطينية ، بالاضافة إلى أنه كان حريصا على مشاركة بقية دول المواجهة في المفاوضات ، إلا أنها رفضت .
وبجانب ما سبق ، فإن البعض في العالم العربي يعتبر الاتفاقية انتهاكا لقرار الخرطوم في 1 سبتمبر 1967 والذي اتخذ بعد هزيمة يونيو واشتهر باللاءات الثلاث حيث قرر زعماء 8 دول عربية أنه لاسلام مع إسرائيل ولا اعتراف بدولة إسرائيل و لامفاوضات مع إسرائيل.
كما أن هناك من يرى أن الاتفاقية كانت في صالح إسرائيل كليا وضد العرب حيث تراجع التوازن العربي بفقدان العالم العربي لأكبر قوة عسكرية عربية متمثلة بالجيش المصري ، بالإضافة إلى أنها تسببت في فقدان مصر دورها القيادى والمركزي في العالم العربي ، ما أدى إلى ظهور نزاعات حول الزعامة الإقليمية العربية ، حيث حاولت القيادات في العراق وسوريا تشكيل وحدة في عام 1979 ولكنها انهارت بعد أسابيع قليلة كما سارع العراق للدعوة لعقد قمة لجامعة الدول العربية في بغداد في 2 نوفمبر 1978 رفضت خلالها اتفاقية كامب ديفيد وقررت نقل مقر الجامعة العربية من مصر وتعليق عضوية مصر ومقاطعتها وشاركت بهذه القمة 10 دول عربية و منظمة التحرير الفلسطينية وعرفت هذه القمة باسم " جبهة الرفض " ، هذا في الوقت الذى عارضت فيه الإمارات الخطوات العربية ضد مصر .
وسرعان ما ازداد التشتت في الموقف العربى بعد حرب الخليج الأولى إذ انضمت سوريا وليبيا إلى صف إيران ضد العراق وحدث أثناء ذلك غزو إسرائيل للبنان في عام 1982 بحجة القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان ، وانتشر التشتت والتمزق العربى أكثر وأكثر بعد غزو العراق للكويت واحتلال العراق نفسه فيما بعد .

مصر ليست المسئولة
ورغم ما سبق ، إلا أن هناك من يرفض أن يحمل مصر وحدها مسئولية تردي الوضع العربى لتوقيعها اتفاقية كامب ديفيد ، بالنظر إلى أنها مازالت أكبر الداعمين للحقوق الفلسطينية والعربية ، كما أنه بجانب الانقسامات العربية العربية بسبب توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل ، فقد اندلعت حروب أهلية فى العالم العربي أدت إلى تدمير ما تم تحقيقه من إنجازات في حربي الاستنزاف وأكتوبر وكانت الحرب الأهلية الأردنية فاتحة الحروب الأهلية عام 1970 ثم شكلت الحرب اللبنانية التي بدأت عام 1975 أعمق وأسوأ الحروب العربية الأهلية ، فقد دمرت تلك الحرب مركز لبنان الاقتصادي والسياحي وأضعفت المقاومة الفلسطينية.
ثم انتقل العالم العربي لحروب داخلية أكثر عمقا وتحديدا في السودان ووقع انشقاق كبير على الصعيد العربي حول الغزو الذي قام به الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للأراضي الكويتية عام 1990 ، وبعد تحرير الكويت تعرض العراق لحصار غربي خانق انتهى باحتلال العراق في مارس 2003 ، كما تعرضت سوريا والسودان لضغوط أمريكية متزايدة ، بالاضافة إلى تردى الأوضاع في الصومال .
أيضا ، فقد ارتبط التردي - بحسب وجهة النظر السابقة - بسواد الديكتاتورية وبمنع الحريات وملاحقة المثقفين، الأمر الذي أدى إلى تكرار النكسات العربية.
وبصفة عامة وبصرف النظر عن مدى صحة وجهات النظر السابقة فإن هناك عددا من الأمور يجمع عليها الخبراء من أبرزها ضرورة مراجعة "كامب ديفيد" والتركيز على قضية التنمية والأمن في سيناء ، بالإضافة إلي الاهتمام بتقوية الجبهة الداخلية وترك الخلافات جانبا ، وأخيرا ، استغلال فرصة الثورات الشعبية الحالية في عدة دول عربية لتجاوز سلبيات وأخطاء الماضي والاتفاق على استراتيجية موحدة لمواجهة مخططات الكيان الصهيوني المتواصلة ضد الأمن القومي العربي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.