شهدت الفترة الماضية، تحديدًا منذ بداية تأزم المفاوضات المتعلقة بسد النهضة, خطوات مكثفة نحو تعميق علاقات مصر السياسية والاقتصادية مع دول القارة السمراء, التي بدأها الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ توليه الرئاسة في يونيو 2014، من خلال توسيع العلاقات خاصة مع دول حوض النيل. وتهدف تلك التحركات إلى محاولة للوصول إلى حلول تضمن عدم تقليص حصة مصر المائية, بما لا يؤثر سلبًا على الدول الأخرى, إلا أنه - بحسب خبراء - تلك الزيارات لم تنجح في تحقيق الهدف منها، بعد أن زادت حدة الخلافات خاصة من السودان الجار الجنوبي. خبراء أكدوا أن بناء السد النهضة سيعود بالنفع على السودان, كما أن القضايا الخلافية والحدود الملتهبة, جعلته يصطف بجانب إثيوبيا في قضيتها مع مصر. حسام رضا، الخبير المائي, يرى أن السودان, هو المستفيد الأكبر من السد الإثيوبي, حيث تمنح إثيوبيا كهرباء للجانب السوداني بأسعار مخفضة للغاية, بالإضافة إلى أن هناك قناة صغيرة خلف السد ستورد المياه التي يحتاجها السودان, الأمر الذي سيرفع من إمكانياته الزراعية والاستثمارية خاصة مع دول الخليج. وأضاف ل"المصريون": "السودان ليس بلدًا زراعيًا مثل مصر, يعتمد على تربية المواشي وليس الزراعة، التي تأخذ أكثر من 80% من حصة مصر المائية، ويبلغ حصته من المياه 18 مليار متر مكعب فقط, وهي ثلث حصة مصر من المياه". وأوضح، أن "السودان لن يتأثر بقدر مصر من سد النهضة الإثيوبي, وليست هناك أضرار على السودان، بل سيعود عليه بالنفع من الناحية الكهربائية والزراعية, لكن يبقى الهاجس الوحيد لدى السودان هو احتمالية انهيار السد, الذي يقام على منطقة تعرف بعدم الاستقرار, كما أنها لا تبعد سوى 20 كيلومترًا من الأراضي السودانية, وهنا لن تتأثر مصر بقدر السودان". وقال الدكتور عبد الله الأشعل, مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "العلاقات السودانية المصرية شهدت فتورًا في الآونة الأخيرة كادت تودي بقطعها نهائيًا خلال الشهور الماضية, مشيرًا إلى أنه ما زال هناك جرح عميق في علاقات البلدين". الأشعل أشار ل"المصريون"، إلى أن "السودان يعتقد أن هناك قوات مصرية متواجدة في إريتريا تدعم المتمردين في حربها ضد السودان, وهو ما نفاه الرئيس السيسي في أحد اللقاءات, لكن السودان حتى الآن غير مقتنع, فضلاً عن أن هناك قضايا خلافية أخرى أثرت بشكل كبير على العلاقات الثنائية بين البلدين, كقضية مثلث حلايب وشلاتين, خاصة بعد تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية". وتابع: "مصر أيضًا تحاول توطيد علاقاتها مع دولة جنوب السودان, وهو ما أثار غضب الخرطوم، خاصة عندما استقبل الرئيس السيسي نظيره الجنوب سوداني سالفا كير في 2015, فمصر تحاول هنا إيجاد موضع قدم لها تحسبًا لحدوث أية ظروف طارئة، خاصة فيما يتعلق بسد النهضة, لذلك تحالفت السودان مع إثيوبيا ضد مصر في بناء سد النهضة".