كلنا نسمع أو نقرأ منبهرين عن " كوكب اليابان الشقيق " كما يفضل الشباب أن يسموه ولكننا اليوم سنتناول كتاب " العرب وجهه نظر يابانية " وهو باللغة العربية للكاتب الياباني المستعرب "نوبواكي نوتوهارا" نُشر عام 2003 بعد أربعين سنة قضاها الكاتب بين العرب بدواً وحضراً من سهول الشام حتى صحاري ليبيا والمغرب وطبعاً مروراً بأم الدنيا .. الكتاب صغير الحجم مباشر جداً وقاسٍ جداً وربما ينتابك شعور بالحزن لأن مشاكلنا واضحة حتى لليابابانيين !! وسأنقل لكم بعض مقتطفات من الكتاب : - " الحكومة لا تعامل الناس بجدية، بل تسخر منهم وتضحك عليهم ... انعدام حس المسؤولية طاغ في مجتمعاتهم حين يدمر العرب الممتلكات العامة، فهم يعتقدون أنهم يدمرون ممتلكات الحكومة، لا ممتلكاتهم! فهمت ان المواطن العربي يقرن بين الأملاك العامة والسلطة, وهو نفسيا في لاوعيه على الأقل ينتقم سلبيا من السلطة القمعية فيدمر وطنه بانتقامه .. الرجل العربي في البيت يلح على تعظيم قيمته، ورفعها إلى السيطرة والزعامة. وفي الحياة العامة، يتصرف وفق ميزاته وقدراته ونوع عمله. هذان الشكلان المتناقضان ينتج عنهما غالبا أنواعا شتى من الرياء والخداع والنفاق يخضع الراكب العربي لاضطهاد سائق التاكسي، فالسائق يختار الراكب .. في اليابان، قيادة الدولة المعاصرة أكبر من إمكانيات أي شخص مهما كان موهوبا أو قويا، وهذا المنصب يمارسه المسؤول مرة واحدة فقط، وهكذا نضمن عدم ظهور مركزية فردية مهيمنة. الحال مختلف عند العرب.. السجناء السياسيون في البلدان العربية ضحوا من أجل الشعب، ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الأفراد الشجعان، فلم نسمع عن مظاهرة أو إضراب أو احتجاج عام في أي بلد عربي من أجل قضية السجناء السياسيين فالناس في الوطن العربي يتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية وعلى أسرة السجين وحدها أن تواجه أعباءها! العرب مورست عليهم العنصرية، ومع هذا فقد شعرت عميقا أنهم يمارسونها ضد بعضهم البعض. ما زال العرب يستخدمون القمع والتهديد والضرب خلال التعليم، ويسألون متى بدأ القمع؟ الشعور بالاختناق والتوتر سمة عامة للمجتمعات العربية. توتر شديد ونظرات عدوانية تملأ الشوارع .." - انتهى الإقتباس - أفزعني تعريف الكاتب للبَدوي بأنه من يبدو مواجهاً للطبيعة بدون حماية في حين "المستقر "– غير البدوي " باع حريته للسلطة مقابل الحماية " ...كذلك أعجبني مدحه للكرم العربي والضيافه وربما أضحكني كثيراً أنهم في اليابان لا يستخدمون كلمة " أعمى " حفاظاً على مشاعر أصحاب الاحتاجات الخاصة وأضيف إليه أننا عندنا دقة في توصيف من لايرى بين ضرير وكفيف وأعمى . كذلك شرحه لموقف اليابانيون من أمريكا بأنهم غير معنيون بكُره أو حُب أمريكا بعد قنابلها الذرية على اليابان بقدر ما هم معنيون بتصحيح أخطائهم باحتلال أراض الغير والمشاركة في نزاعات لعسكرية !! لفت انتباهي أيضاً أن المؤلف توقف عند كتاب عرب مثل " يوسف إدريس "والمغربي " عبداللطيف اللعبي" والليبي " ابراهيم الكوني" وطبعاً الفلسطيني الفذ "غسان كنفاني "..وهم يميلون لتيار اليسار العربي ولعله لم يطلع على ما آل إليه اليساريون العرب بأن أصبحوا داجنة في القفص الحكومي وصارت قصارى أحلامهم السيطرة على المراكز الثقافية العربية الحكومية والقاعات والمنتديات وبدلات الحضور والسفر .. حتى أنني أخاف أن يظهر مصطلح عربي جديدة نسميه " اليسار الرأسمالي " !! طبعاً هي دعوة لقراءة الكتب وهو متاح عبر الانترنت ولي ملاحظة أخيرة أن اليابانيين يدينون بديانة " الشنتو " وهي تميل لعبادة مظاهر الطبيعة وتعدد الآلهه أو ( لا أدريين ) بمعنى عدم الحكم في الأمور الغيبية بالنفي أو الإيجاب لذلك كان الإسلام إجابة على أسئلة الكثير منهم بدأها الداعية المصري الأزهري " علي أحمد الجرجاوي " والذي باع كل مايملك وأسس جمعية للدعوة الاسلامية في طوكيو حيث أشهر آلاف اليابانيين إسلامهم.. وأراني مضطراً للمقارنة بموقف "داعش"من قتله لرهائن يابانيين ليرى كل ذو عقل وقلب وضمير كم يسئ استخدام العنف للاسلام وللمسلمين بلا طائل ونحاول أن نجيب على السؤال الذي طرحه الكاتب الياباني في كتابه وهو : لماذا لا يستفيد العرب من تجاربهم؟ ولماذا يكرر العرب أخطاءهم؟ [email protected]