«لوبى الملاك» يكثف ضغوطه على الحكومة ويشكك فى أحكام «الدستورية».. والجبالى: البرلمان لا يستطيع المساس بأحكامها بعد هدنة مؤقتة سيطرت على العلاقة بين المالك والمستأجر، عادت الحرب لتشتعل مرة أخرى بين الطرفين، على وقع مساعٍ وضغوط شديدة يمارسها "لوبى الملاك"، والداعمون له بمجلس النواب على الدولة؛ لإقرار قانون جديد ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر فيما يخص الوحدات السكنية والمحال التجارية؛ الأمر الذي يرفضه المستأجرون، والذين يقدر عددهم بأكثر من 30 مليون مواطن، خوفًا من تشريدهم، حال إقرار القانون بالصيغة التي تحرر العلاقة بين الطرفين خلال 3 سنوات. وكثّف "لوبي الملاك"، ضغوطه على الحكومة؛ لتمرير مشاريع قوانين مقدمة من عدد من أعضاء البرلمان، من بينهم معتز محمود، وكيل لجنة الإسكان، والنائب إسماعيل نصر الدين، ما دفع المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء إلى استدعاء وزير الإسكان، مصطفى مدبولى، محاولاً تسوية الأزمة التي تشكل عامل ضغط كبيرًا على الحكومة. ودخل الدكتور حماد عبد الله، الأستاذ بهندسة حلوان، مستشار وزير الإسكان، على خط الأزمة، متهمًا الحكومة، بالعجز وافتقاد الشجاعة؛ حال عدم قدرتها على تمرير قانون جديد، يحرر العلاقة بين المالك والمستأجر، مؤكدًا أن نصوص أحكام الدستورية العليا ليست قرآنًا لا يمكن المساس به، بل يمكن تأويلها وتغيير أحكامها عبر البرلمان؛ بشكل يرفع الظلم عن ملايين الملاك. وردت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، قائلة إن "أحكام الدستورية العليا تنفذ بنصها، ولا يمكن البحث فيها عن ثغرات أو مبررات، خصوصًا أن الحكم رقم 70 الصادر بتاريخ 14 نوفمبر عام 2002 سنة 18 قضائية قد حفظ حقوق المستأجرين، وأمّن انتقال العقد لأبناء المؤجرين وفي حالات نادرة لأحفادهم". وانتقدت الجبالى، في تصريحات لها، بشدة الحديث عن عدم إلزامية أحكام الدستورية للبرلمان، واصفةً هذه المزاعم بأنها والعدم سواء، مؤكدة أن مجلس النواب لا يستطيع تغيير أحكام الدستورية، بل لا خيار أمامه سوى تنفيذها بنصها دون تأويل أو تفسير لها. "لوبى الملاك" لم يكتفِ بمحاولة إزالة الغطاء القانونى والدستورى عن المستأجرين بل سعى كذلك لإعطاء الأمر بعدًا دينيًا؛ عندما آمن دعم بعض علماء الدين لوجهة نظره. إذ أكد الدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن "قانون المالك والمستأجر بصيغته الحالية يخالف الشريعة الإسلامية؛ كونه يخلو من العدل والإنصاف للملاك وينحاز انحيازًا سافرًا للمستأجرين"، مطالبًا الحكومة برفع الظلم عن الملاك فى أقرب وقت ممكن. غير أن الجبالى قالت إن "أحكام الدستورية العليا والخاصة بحماية حقوق المستأجرين مستقاة من الشريعة الإسلامية، والمادة الثانية من الدستور التي تؤكد أن أحكام الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بشكل لا يجب معه أى حديث عن مخالفة قانون المالك والمستأجر بصيغته الحالية للشريعة الإسلامية". الطابع الدستورى والدينى التى اتخذته الحرب بين المالك والمستأجر امتد كذلك ليأخذ طابعًا إعلاميًا وتنظيمًا، حيث ستنتقل هذه الحرب من استديوهات الفضائيات التى شهدت 78 لقاءً تليفزيونيًا خلال الأشهر الماضية إلى أرض الواقع. إذ ينوى "لوبي الملاك" عقد ما يقرب من 10 مؤتمرات ضخمة خلال المرحلة القادمة؛ للترويج لمشروع قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر؛ خصوصًا أن عددًا كبيرًا من رجال الأعمال، وفي مقدمتهم إمبراطور الاتصالات، قاموا بشراء ما يقرب من 100بناية ضخمة في وسط البلد؛ ليكونوا بذلك المستفيدين من تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر. وبدأ "لوبى الملاك"، باكورة مؤتمراته الجمعة، عبر عقد مؤتمره الأول في نادى 6 أكتوبر فى حلمية الزيتون، بحضور عضوى مجلس النواب معتز محمود، وإسماعيل نصر الدين، مدشنًا حزمة من المؤتمرات لخلق رأى عام مؤيد لتحرير العلاقة. فيما لم يقف المدافعون عن حقوق المستأجرين مكتوفي الأيدى، إذ بدأت تحركات يقودها المستشاران محمود العسال، ومحمد عبد العال، جهودهما للتصدى لحملات الملاك، عبر تقديم طلبات رسمية لمقابلة رئيس الوزراء، والدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، والدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، والدكتور علاء والى ورئيس لجنة الإسكان بالنواب، لشرح موقف المستأجرين وممارسة ضغوط على الدولة؛ لإيجاد قانون متوازن ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر. وانتقد المستشار محمود العسال، بشدة محاولات "لوبي الملاك" التشكيك فى إلزامية أحكام الدستور العليا، رافضًا الزعم بقدرة البرلمان على تغيير نص حكم بدستوريته إلى نص آخر دستورى. وتابع موجهًا حديثه ل"لوبى الملاك"، مفندًا مزاعمه: "عندما تحكم المحكمة الدستورية، وتحدد مدة لانتهاء عقد الإيجار بوفاة من امتد إليه العقد، وتحكم بدستوريته، فلا يستطيع البرلمان أن ينص على قانون ينتقص من هذه المدة؛ لأنه سيكون قد وقع فى مخالفة الحكم الدستورى". واستدرك: "لكن يستطيع البرلمان أن يغير النص إلى نص مساوٍ تمامًا ولكن بتغيير الألفاظ، المهم أن يكون على مستوى المدة المحكوم بدستوريتها والتى هى معينة بوفاة من امتدد إليه العقد". ورفض مزاعم ممثلى الملاك، بأن هناك حكمًا دستوريًا، يقول إن التشريعات الاستثنائية لابد أن تتغير دومًا، قائلًا: لامتداد للزوجة والأولاد فى السكنى والتجارى لم يصبح تشريعًا استثنائيًا؛ لأنه حكم بدستوريته فأصبح تشريعًا طبيعيًا قائمًا ونافذًا لا يستطيع أحد المساس به، والاستثناء من عدمه تقرره الأحكام الدستورية لتقرر ما هو استثنائي فتحكم بعدم دستوريته، وما هو طبيعى ودستورى فتحكم بدستوريته". وحذر العسال بشدة من تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر؛ طبقًا لوجهة نظر "لوبى الملاك"؛ لخطورة ذلك الأمر البالغة، على الاستقرار والسلام الاجتماعى القائم على العدالة الاجتماعية، وأحكام المحكمة الدستورية.