قبل إصدار الحكم فى قضية مبارك أصر المستشار على أن يقوم ببعض المقدمات، كان منها أن قام بتعريف جُمهور الحاضرين بأسماء العمالقة من أعضاء الدائرة، وكأنه يقول للناس "أنا مش لوحدى"، ثم أصدر بياناً باللغة العربية أقل ما يوصف به هذا البيان.. أنه بيان قد تم تكسيره بواسطة شاكوش صينى محترم!، فاختفت منه العين والدال والضاد وأصبح المرفوع فيه منصوباً .. كما أصبح المنصوب مجروراً .. فالاسم الذى يجب أن يتم رفعه لم يستطع أحد فى المحكمة ولا فى الهيئة التى أصدرت الحكم، أن يرفعه من مكانه، أما الاسم المجرور فقد أصر على مقاومة الجر، رغم الاستعانة بونش ألمانى.. وهناك أسماء وأدوات وأفعال هى مبنية على الفتح، منذ أن تم البناء ووقت استصدار ترخيص المبانى لها، ومع ذلك تمت مخالفة شروط الترخيص، وتم البناء على الضم.. ولله فى خلقه شؤون... ولكن من حقنا أن نسأل المستشار عن سبب إلقاء هذا البيان "المدشدش" .. يقول عم شحاتة الميكانيكى: إن هذا البيان هو السترة الواقية التى يرتديها القاضى ضد غضب الناس، فكأن المستشار كان يعلم أن حكمه لن يُرضِى أحداً.. ولن يسعد الناس أن ينتقل الرئيس مبارك من مستشفى إلى مستشفى، ومن ملعب إسكواش إلى ملعب آخر... بينما يتم إصدار صك البراءة للجميع من أول جمال وعلاء مبارك، وانتهاءً بالشاويش "عوكل"، ومن ثم فقد جاء البيان كله؛ ليظهر تعاطُفاً مع الثورة التى ظهرت فى الصباح على حد تعبيره، وأشرقت على أرض مصر.. مع إضافة عبارات الشعب الجائع... والبطون الخاوية حتى يوافق الناس ولو نفسياً على هذا الكم الكبير من البراءات، التى فاقت كل البراءات المصرية التى صدرت فى مصر، بما فيها براءات الاختراع .. ولمزيد من ترضية نفوس الشعب الذى سيُفاجَأ بأحكام البراءة سريعة الطلقات، احتوى البيان على ما يدفع به المستشار عن نفسه أنواع المسئولية كافة، فجعل هذا الحكم هو حكم الله، وأن الذى أصدره هو الله الحق العدل، .. مع أن هذا الحكم لا يمُت بصلة إلى المسألة الدينية.. فهو حكم عادى جداً.. أصدره بشر عادى جداً ومحكمة عادية جداً، وقد يكون به آلاف الأخطاء اللغوية والنحوية، فضلاً عن أخطاء القانون.. أو غير ذلك مما يكتبه المحامون فى طعونهم، كالخطأ فى تطبيق القانون، والفساد فى الاستدلال، أو عيب الانحراف بالسلطة.. وكلها عبارات عادية فى مجال القضاء.. والخلاصة أنه على رأى الست دى أمى: "نصوم ونصوم ... ونفطر على بصلة"!. وفى الحقيقة فإن هذا الحكم لم يكن متوقعاً بالنسبة لعموم الناس، أما عم شحاتة الميكانيكى فقد كتب فى مجلة الحائط، التى يعلقها فى "ورشته الميكانيكية"، أنه لا يمكن للشرطة أن تعود إلى حماية الأمن إلا بعد براءة جميع الضباط المتهمين على ذمة قضايا قتل المصريين!، من أجل ذلك فإن هذه البراءة التى صدرت فى محاكمة مبارك هى البراءة رقم "22"، أى أننا استقبلنا أكثر من اثنتين وعشرين براءة فى عام واحد للضباط المتهمين بالقتل!، وهو رقْم عالمى، مما يؤكد أن جميع الضحايا والشهداء قد ماتوا "بالحصبة" أو بالمرض "البطال"!، ويؤكد عم شحاتة الميكانيكى أن اللعب على هذا الشعب بدأ منذ استفتاء مارس على المواد المشبوهة، والتى كان من بينها المادة "28" المنحرفة، والتى لا تصلى ولا تعرف ربنا، ومع ذلك قام الناس بالدفاع عنها؛ على أساس أنها أم الفضيلة!.. ثم بدأ الشوط الثانى من اللعبة مع قانون الانتخابات البرلمانية ومن قبله الإعلان الدستورى... وقد أحسن المجلس العسكرى إلى الشعب المصرى، حينما جعل اللعب على المكشوف، ورفع يده من تحت المِنضدة، فوضَعها فوق المنضدة، وهو ما يطلق عليه سياسة "اللعب على المكشوف".. وقد اختار المجلس العسكرى يوم 2/6 لأهداف سوف نشرحها فى مقال قادم، فلا هو يريد شفيق الذى سوف يطيح بهم جميعاً، ولا هو يريد الإخوان فى المرحلة المقبلة على الأقل.. ولذلك فإن الجماهير المصرية قد تيقنت الآن أن الثورة لن تحصد شيئاً، وأن موسم الحصاد قد يتأخر عن الفلاح المصرى، لكن الفلاح لن يقبل بأن يزرع زرعاً، ثم يحصده أناس آخرون.. وبمناسبة مقدمة الأحكام فإن المستشار العظيم "حكيم منير صليب" قد صنع مقدمة تاريخية بلغة عربية فصحى لحُكمه العظيم الصادر ببراءة ثوار 18،19 يناير.. كما أن المستشار العظيم عبد الغفار محمد قد صنع مقدمة عظيمة لحكمه الخالد فى الجناية 462 لسنة 1981، وأحال بمقتضاها أربعين ضابطاً إلى النيابة العامة بتهمة التعذيب.. صحيح أن النيابة حققت معهم فعلاً، ولكن، وكالعادة، تم إصدار صك البراءة لجميع الضباط التمهمين بواسطة المستشار عدلى حسين وسليمان أيوب. وقد سجل التاريخ مقدمة حكم المستشار حكيم نجيب صليب، وكذلك حكم المستشار عبد الغفار محمد، أما مقدمة حكم المستشار أحمد رفعت فإنى أتمنى ألا يسجلها التاريخ؛ لأنه لو سجلها بهذا الكم من الأخطاء اللغوية والنحوية.. فإن "التسجيل" أكيد "حيْسِفّ" وعجبى Web Site : www.mokhtarnouh.com E-mail : [email protected] [email protected]