كنت جالسا في مقهي شعبي يرتاده عمال عاديون راحوا يناقشون حكم المستشار أحمد رفعت وهم يتابعون الفضائيات, ويعلقون علي ما يقوله الإعلاميون والضيوف. فأحسست أننا شعب من القضاة أو خبراء في القانون, فواحد يسأل جاره: يعني إيه انقضاء المدة في دعوي استغلال النفوذ رد عليه: جمال مبارك وعلاء مبارك براءة. علق ثالث: كله فساد في فساد! وسأل شخص رجلا يبدو عليه أنه صاحب حظوة في المكان: يا عم فتحي..هم ضباط الداخلية أخذوا براءة ليه؟ فرد الرجل: يمكن القاضي خائف من الداخلية! علق شاب صغير السن: إسماعيل الشاعر كان مفتريا..لما كان ينزل الشارع.. يلم الناس من علي القهاوي عمال علي بطال..ازاي يأخذ براءة؟ اتصلت بي أبنتي علي الموبايل صارخة: شفت..دماء الشهداء راحت هدر..هذا حكم سياسي. سألني سائق تاكسي: يعني كان لازم يعدموا مبارك عشان الناس تهدأ؟ قال لي محرر شاب في قسم المعلومات بالجريدة: كلام فارغ..محاكمة هزلية! خرج شاب علي الفضائيات من ميدان التحرير: سرقوا الثورة خلاص ولن نغادر ميدان التحرير إلا بعد تحقيق أهداف الثورة. في المساء تابعت أقوال المحامين في القنوات الفضائية, وهم بالعشرات..يدلون بقرائن ويزعمون أن المحكمة تجاهلتها. باختصار..في كل ما سمعت..كان حيز القانون ضعيفا متواريا وكانت السياسة سيدة الموقف.. المدهش أن كل هذه الآراء حلقت بسرعة الصاروخ في الفضاء المصري دون أن نعطي صاحب الحكم فرصة واحدة للدفاع عن نفسه في حيثيات الحكم التي لم تصدر بعد..فكيف حكمنا علي القاضي؟! وهل القاضي يجب أن يصدر حكما كما يريد الناس أو كما تدله الأوراق؟! وهل الحكم مرتبط بما حدث من وقائع علي الأرض أو مرتبط بما تحتويه المستندات من وقائع وأدلة ثبوت وأدوات جريمة ؟ قطعا القضية مفككة وضعيفة..لم يؤد احد واجبه فيها سواء عمدا أو إهمالا أو تقصيرا أو ضعفا..أو كل هذه العوامل مجتمعة.. قد يكون الحكم معيبا من الناحية القانونية, وهوجانب يمكن إصلاحه لكن أن نهين مؤسسة القضاء ونعمل علي هدمها, فهذه كارثة..ويبدو أننا ماضون بنجاح فائق في إسقاط الدولة وليس النظام القديم! المزيد من أعمدة نبيل عمر