اتهم وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت، جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ب"إخفاء أجندتها المتطرفة" في مصر، مؤكدا أن بريطانيا ستفرض رقابة مشددة على سلوك التنظيم الذي صنفته القاهرة إرهابيا. وكتب بيرت الذي يزور القاهرة في مقال نشرته صحيفة الأهرام الحكومية الخميس "أصبح من الواضح فعلا أن هذا التنظيم يلجأ إلى استخدام الغموض لإخفاء أجندته المتطرفة في مصر". والتقى بيرت الخميس وزير الخارجية المصري سامح شكري، وبحث معه "العلاقات الثنائية بين الدولتين وجهود مكافحة الإرهاب ومكافحة الفكر المتطرف"، بحسب بيان للمتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد. وأكد بيرت في مقاله أنه "على الرغم من عدم استيفاء الأدلة للحد الذى يفضي إلى حظر التنظيم، إلا أنه سيتم فرض رقابة مشددة على سلوك جماعة الإخوان المسلمين وأنشطتها في بريطانيا بما في ذلك طلبات استخراج التأشيرات لهم ومصادر تمويل الجمعيات الخيرية وعلاقات التنظيم الدولية". وأضاف "آن الأوان لكل من يدافع عن الإخوان المسلمين في لندن أو القاهرة أن يضع حدا لهذا اللبس والغموض". وأثنى أبوزيد في تغريدة على موقع تويتر بموقف الوزير البريطاني، معربا عن "سعادته بأن اليستر بيرت يشاركنا الآن بعضا من آرائنا تجاه الإخوان المسلمين". وصنفت السلطات المصرية عام 2013 جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية" بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في العام نفسه عقب تظاهرات شعبية كبيرة ضده. إلا أن جماعة الإخوان تنفي باستمرار أي علاقة لها بأعمال إرهابية وقعت في مصر منذ عزل مرسي، لكن معظم من انضموا للجماعات الإرهابية كانوا من أنصار أو أعضاء الإخوان. كما ظهرت جماعة متطرفة تطلق على نفسها اسم "حسم" يعتقد أنها جناح مسلح لجماعة الإخوان المحظورة والمصنفة تنظيما إرهابيا. وتتهم الشرطة المصرية الجماعة بأنها على صلة بمجموعة حسم المتطرفة، والتي أعلنت مسؤوليتها خلال الأشهر الماضية عن عمليات اغتيال وهجمات ضد قوات الأمن والجيش. وتأتي تأكيدات الوزير البريطاني بينما توفر بلاده منذ عقود ملاذا آمنا لقيادات الإخوان وسمحت لهم بممارسة نشاطهم وافتتاح مكاتب. وسلطت الأحداث الإرهابية التي شهدتها عواصم ومدن أوروبية في السنوات القليلة الماضية، الضوء على ارتباط جماعة الإخوان المسلمين ببريطانيا وعلى خطابها المحرض على العنف في دول المنطقة وحتى في بريطانيا ذاتها التي استفادت الجماعة من مرونة قوانينها. ويقول متابعون لشؤون الجماعة المتطرفة، إن علاقتها مع لندن ليست حديثة وإنما نشأت مع نشأة الجماعة وضمن جهود إنجلترا لمواجهة الحركات القومية بحركات دينية متشددة، وفي مصر وجد الإنجليز ضالتهم في جماعة الإخوان، حيث دعموها بالمال والسلاح في مواجهة المد القومي والتحرري حينها. وأشارت دراسات وبحوث ووثائق رفعت عنها السرية إلى هذه العلاقة الملتبسة التي دعت أصوات بريطانية مرارًا لمراجعتها وسط مخاوف من تداعيات انتشار التشدد الديني على أمن بريطانيا. وكانت مصادر بريطانية قد ذكرت في 2014 أن لندن ستقلص من نشاطات الإخوان المسلمين والمنظمات التابعة لها بعد تقارير تفيد بعلاقة المنظمة بأعمال إرهابية في الشرق الأوسط. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد طلب من جون جنكنز السفير البريطاني في السعودية إعداد تقرير كامل حول الإخوان المسلمين بعد ضغوطات لعدد من الدول الخليجية على الحكومة البريطانية لوقف نشاطات الجماعة في لندن. وتنتقد بعض الجهات الجماعة لعلاقتها مع مجموعات جهادية، إضافة إلى إثارة الفتن التي تؤثر على صورة الإسلام في العالم. وكانت مراجعة الحكومة البريطانية حول نشاط جماعة الإخوان المسلمين والتي نشرت نتائجها في ديسمبر 2015 في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، قد أكدت أن "الانتماء للجماعة أو الارتباط بها ينبغي اعتباره مؤشرا محتملا على التطرف". وقال كاميرون حينها في بيان مصاحب للتقرير ، ن "هناك قطاعات من الإخوان المسلمين لها علاقة مشبوهة بقوة مع التطرف المشوب بالعنف". وتابع: "الجماعة أصبحت كفكر وكشبكة نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات ممن انخرطوا في العنف والإرهاب". لكن في الوقت الذي كانت فيه الآمال معقودة على اتخاذ لندن إجراءات بحق الجماعة المتشددة، أصدرت الحكومة البريطانية برئاسة تيريزا ماي في سبتمبر 2016 قرارا يسمح لقيادات وأعضاء في التنظيم بحق الحصول على اللجوء السياسي ما لم ترتبط أسماؤهم بأعمال عنف. وفتحت ماي بهذا القرار الذي جاء في أوج مكافحة مصر للإرهاب ومنه إرهاب الجماعة، الباب أمام تلك القيادات لعقد مؤتمرات ومحاضرات في بريطانيا وجامعاتها دعت خلالها لإعلان العصيان المدني في مصر وحرضت على العنف.