ولدت فكرة إنشاء جامعة الدول العربية كشكل من أشكال الوحدة الظاهرية، من رحم الفكر الاستعمارى الإنجليزى، وذلك لضرب عدة عصافير بحجر واحد، منها ضمان السيطرة على زمام البلاد العربية، ومنها إيهام العرب والمسلمين بأن لهم مرجعية كبرى يلجئون إليها عند الملمات، فلا ينفرد أى طرف بحل، وبالتالى يسهل تحقيق أهداف الاحتلال الإنجليزى فى البلاد العربية، وعلى رأس هذه الأهداف: إقامة دولة لليهود فى فلسطين. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تبخرت وعود الاستقلال التى سبق وأن قطعها الحلفاء على أنفسهم للدول المحتلة، وعلى العكس، انهالت رحلات التهجير اليهودية على فلسطين حاملة مئات الألوف من اليهود، مما جعل الشعوب العربية والإسلامية تضغط بشدة على ملوكها وحكامها مع التهديد بعمل شعبى واسع إذا لم تتحرك الحكومات العربية. اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو سبع دول عربية (مصر وشرق الأردن وسوريا ولبنان والسعودية واليمن والعراق) وهى الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، فى أنشاص وذلك فى مثل هذا اليوم عام 1946م، للتباحث فى قضية فلسطين وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية والذى ينص على وجوب الدفاع عن الدول العربية فى حال وقوع اعتداء عليها، وقد حضر هذا المؤتمر الجنرال «كلايتون» رئيس المخابرات بالجيش الإنجليزى، والمستر «برايانس» المدير المساعد للمخابرات الإنجليزية فى فلسطين، ولم يستطع أحد أن يمنع أو يتساءل عن وجود هذين العدوين فى هذا المؤتمر الهام. جاءت قرارات هذا المؤتمر لتجسد معنى المعاناة والإحباط التام للعرب من أمثال هذه المؤتمرات وما تفرزه من قرارات، فلقد قرر المجتمعون ما يلى: مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها. قضية فلسطين قلب القضايا القومية، باعتبارها قطرًا لا ينفصل عن باقى الأقطار العربية. ضرورة الوقوف أمام الصهيونية، باعتبارها خطرًا لا يداهم فلسطين وحسب وإنما جميع البلاد العربية والإسلامية. الدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية وقفًا تامًا، ومنع تسرب الأراضى العربية إلى أيدى الصهاينة، والعمل على تحقيق استقلال فلسطين. اعتبار أى سياسة عدوانية موجهة ضد فلسطين تأخذ بها حكومتا أمريكا وبريطانيا هى سياسة عدوانية تجاه كل دول الجامعة العربية. الدفاع عن كيان فلسطين فى حالة الاعتداء عليه. مساعدة عرب فلسطين بالمال، وبكل الوسائل الممكنة. ضرورة حصول طرابلس الغرب على الاستقلال. العمل على إنهاض الشعوب العربية وترقية مستواها الثقافى والمادى، لتمكنها من مواجهة أى اعتداء صهيونى داهم.