كان متيمًا بحب الوطن.. وكتب في حبه أشعارًا تفيض عشقًا فيه تمنى أن يلقى ربه شهيدًا فنالها.. «وارزقني ربي رفقة حمزة إجابة لسؤالي» يعتبر المجند «عبدالرؤوف جمعة» أحد أبطال أكتوبر قدوته ومثله الأعلى كان منتقدًا للفساد في مصر «إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» سخر من اختراع «عبدالعاطي كفتة» لعلاج «فيروسي سي» ومن «الخبوء الاستراتيجي» والإعلاميين اعتذر للمسيحيين عقب تجريد قبطية من ملابسها بالمنيا.. ووصف فاعليها ب «البهائم» لم يكن مقاتلاً وحسب، بل كان مولعًا بحب الوطن، عاشقًا لترابه، لم يبخل بحياته وهو يجاهد في سبيل الدفاع عنه، كان يخوض المعركة ضد الإرهابيين منطلقًا من إيمان راسخ بعدالة قضية هذا الوطن، فلا تخاذل، ولا تهاون أمام العدو، هكذا تعلم، وهكذا آمن، فالعسكرية شرف، وفي ميدان المعركة لا يمكن الانسحاب: إما النصر، أو الشهادة، فاستحقها عن جدارة ليلقى ربه شهيدًا. نبتة طيبة خرجت من تراب الوطن، أخلص له وقدم حياته دفاعًا عنه، لم يكن انتماؤه له في عبارة مكتوبة ببطاقة هوية، بل حفر اسمه في قلبه، وفي شريانه كان يسري حبه له، عندما يتحدث عنه كان مثل عاشق متيم يتغزل في محبوبته، ويكتب فيها شعرًا: "شجرة انتي يا مصر من عمر التاريخ.. اعلم انك فانية _فلا شيء باق_ ولكنك .... ستفني عندما يفني التاريخ". "المنسي" – ومن خلال كتاباته عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" - لم يكن منشغلاً بأي شيء آخر سوى هذا الوطن الذي من أجله عاش، وفي سبيل الدفاع عنه نال شهادة لطالما تمناها، ليكون برفقة سيد الشهداء "حمزة".. "عشقي لها فاق الحدا.. وبحبها أموت/أحيا لا اختر.. يامصر.. شهيد انا بجيش الفدا.. اصد الكيد امنع العدا.. الله أكبر انشودتي.. والشهادة لي عين الرضا.. لا تسأل عن حياتي.. فمن غير الجهاد حياتى سدى.. يامصر.. فيا ذكاء أمة وشجاعة.. في جيش خالد والقعقاع.. جيوش دافعت عن أمة.. بإيمان وحب واقتناع.. وبحكمة صلاح الدين.. والعوام في جيشه من الأتباع.. وابن زياد بطلا شجاعا..عبر المضيق وحرق الشراع.. وقطز المظفر قائدا.. وعقبة المجاهد بإيمانه دك القلاع.. يامصر.. فيارب أفض عليا شجاعة وأرفق بحالي.. سئمت أنا الفرقة وزاد الوهن من أحمالي.. فإن لم يك بك غضب عليا فلا أبالي.. وارزقني ربي رفقة حمزة إجابة لسؤالي.. وبمصر في قرآنك ذكرتها ورفعتها إلي المقام العالي.. أفض عليها ربي سكينة واحفظها لي محققا آمالي". لم يغب عن ذهنه أبدًا أنه في رباط، لذا كان دائم التذكير لنفسه وزملائه الضباط والمجندين في مهمتهم المقدسة بالدفاع عن حدود الوطن.. "أذكر نفسي وأذكركم إخواني المرابطين...بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار* ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا لفئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ". كان "المنسي" وهو ضابط الصاعقة المقاتل يعتبر مجندًا من أبطال حرب أكتوبر مثله الأعلى، بل ويعبر عن فرحه الشديد عندما اتصل به، فقد كان ينظر إلى البطل عبدالرؤوف جمعة على أنه قدوته.. "البطل ده قدوتى ومثلي الأعلى..البطل ده جندي صاعقة بطل مقاتل متواضع قانع وراضي...البطل ده كلمتي النهارده في التليفون وقاللي كل سنة وانت طيب... أقسم بالله العظيم يابطل إن مكالمتك عيد لوحدة...ربنا يديم عليك الستر والصحة والسعادة والرضا". لم يكن يعلم أن ما يفصله عن الشهيد رامي حسنين الذي رثاه باعتباره "أستاذي ومعلمي الذي تعلمت على يده الكثير" سوى شهور قليلة، فقد استشهد في أكتوبر الماضي، ليلحق به بعد أقل من 9شهور، وكأنه يعلم بدنو أجله وهو يودعه قائلاً: "إلى لقاء شئنا أم أبينا قريب". حتى وهو مشغول في ميدان المعركة بقتال عدو لايرحم، كان "المنسي" مهمومًا بقضية وطن يرى أن مشكلته الحقيقية مع الفساد والفاسدين، وأنه لا صلاح له إلا بإصلاح أبنائه، كما تقول القاعدة القرآنية "إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". لم يفرق بين فاسد غني وآخر فقير فكلاهما سواء في الفساد.. "واحدة بترضع طبيعي بتروح تصرف لبن مدعم عشان تبيعة ..ده مش فقر دة غياب ضمير.. واحد عنده بضاعة مخزنها عشان يكسب بالهبل ده مش شطارة ده غياب ضمير.. واحد خد ارض زراعية عشان يسقعها ...كفاية ادب بقي...ده ابن وسخة.. واحد خد شقة إسكان اجتماعي عشان يبيعها ...انعدام ضمير.. واحد راح يبني أوضة في حي عشوائي عشان اللجنة تديله شقة ...شيطان ويحترم..شابوه.. رجالة بشنبات بتشحت في الشارع تحت مسمي سايس أو مخلصاتي ..فهلوة محل تقدير.. بلد تشتغل بمليون موظف ومتعين 10 مليون بيسألوا عن الأرباح وزيادة المرتبات...طبعا حقهم ..ههههه.. خلاصة البوست عشان ماطولش عليكم ... إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم......صدق الله العظيم". كان مؤمنًا بضرورة التعايش بين أبناء الوطن الواحد مسلميهم ومسيحييهم، مستشهدًا بوصية النبي صلى الله وعليه وسلم بحسن التعامل مع الأقباط: "استوصوا بأقباط مصر خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا"، معلقًا: "ده دينك ياللي ناسي دينك". عقب الاعتداء على سيدة مسنة "مسيحية" وتجريدها من ملابسها في المنيا في العام الماضي بسبب شائعة، كتب معتذرًا إلى المسيحيين .. "بعد اللي حصل في المنيا... تحية مستحقة للبابا تواضروس ...واعتذار واجب لشركاء الوطن ..ورسالة إلى متجردي الإنسانية "أنتم شوية بهايم". وبأسلوب لا يخلو من السخرية انتقد "المنسي"، المعلقين الذين يظهرون على الفضائيات بوصفهم "خبراء استراتيجيين", وكتب قائلاً: "المفروض الخبراء الاستراتيجيون _حفظهم الله_ يطلعوا يعلقوا علي الحوادث الإرهابية وأعمال البلطجة والقضايا الساخنة في مسلسلات رمضان...إحنا في دخلة عيد والناس دي ماشتغلتش بشلن من اول الشهر. وأنت شغال إيه بقي ياسي لوسي.....اوووووه ولا حاجة خبوء استراتيجي". ويبدو أن الشهيد الراحل كان يتمتع بأسلوبه الساخر، الذي ظهر في تعليقه على اختراع اللواء "إبراهيم عبدالعاطي"، لعلاج "فيروس سي" و"الإيدز"، والذي يطلق عليه منتقدوه "عبدالعاطي كفتة"، فعلق قائلاً: "واحشني ياعبعاطي ووحشاني الكفتة بتاعتك"، وفي منشور آخر أرفقه بصوره له مكتوبًا عليها "مات زويل وبقي الأمل الوحيد"، علق المنسي: "البركة فيك يا عبده". لم يكن الشهيد الراحل كما كثيرين راضًيا عن الأداء الإعلامي في مصر خلال السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر في تعليق له: "تاجر الكلام=تاجر المخدرات لا الإعلامي أو الصحفي بيعمل بالكلام اللي مصدعنا بيه ولا تاجر المخدرات بيشربها.. الاتنين بيجيبوا فلوس طرشة". وكحال كثير من المصرين ينظرون بعين الغضب إلى تخصيص المكافآت للقضاة في كثير من المناسبات، علق "المنسي" على ذلك بعد حذفه لمنشور "لعدم إثارة البلبلة": "وعندك ستلاف (..) للرجالة بمناسبة شعبان او رمضان او مايو...كل سنة وهما طيبين".