مجلس الدولة يلقى الكرة بملعب "السيسى" ويرشح "الدكرورى" منفردًا حال رفض الرئيس تولى الدكروري رئاسة "مجلس الدولة".. هل يلجأ القضاة إلى المحكمة الدستورية؟ نائب رئيس مجلس الدولة: اختيار "الدكرورى" ليس تحديا للرئيس إنما احترامًا للأقدمية دستوريون يطالبون الرئيس بتجنب الصدام مع القضاة بعد أن قررت الجمعية العمومية لمجلس الدولة، ترشيح المستشار يحيى دكروري منفردًا لرئاسة المجلس، خلال العام القضائي المقبل، في تحدٍ واضحٍ لقانون "رؤساء الهيئات القضائية" الذي صدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أسبوعين، نجد الأمور تأخذ منحنى وتطورًا جديدًا، خاصة مع إصرار "المجلس" على عدم ترشيح ثلاثة أسماء، والاستمرار في إعمال مبدأ الأقدمية المطلقة، الذي كان معمولاً به قبل إصدار القانون الأخير الخاص بالسلطة القضائية لتكون بذلك الكرة في ملعب الرئيس السيسي. يؤكد المستشار عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أن اختيار الجمعية العمومية للمستشار يحيي دكروري بالأغلبية المطلقة ليس تحديًا لرئيس الجمهورية الذى نكن له كل الاحترام والتقدير, وليس له علاقة برمز الدولة, وأن هذا الاختيار لا يعنى أن مجلس الدولة في خصومة مع أحد وإنما الحق أن مجلس النواب وضع مجلس الدولة في مأزق كبير، إما أن يحترم قواعد الأقدمية التى تعد بمثابة الروح من الجسد والواردة في صلب قانونه منذ إنشائه وإما أن يهدرها, وقد جاء اختيار الجمعية العمومية لمرشح وحيد هو الأقدم دون اختيار ثلاثة استنادًا لعقيدة القاضى وعدم مشاركته في إهدار مبدأ الأقدمية ولو بنص. ويضيف "خفاجى" فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أنه على العكس تمامًا فالأمر لم يكن تحديًا للرئيس، فالجمعية العمومية ترشح مرشحًا وحيدًا هو الأقدم, وأنها أرادت أن توسع من سلطات رئيس الجمهورية فى الاختيار من بين السبعة الأقدم وتخول له الصلاحيات كاملة فى اختيار من يشاء منهم, فكيف يتحدى من بيده اختصاص الترشيح للسلطة المنوط بها تتويج هذا الترشيح والرئيس من بيده إصدار القرار وبالتالي لا يعد تحديًا ممن لا يملك لمن يملك. كما شدد على أن الجمعية العمومية لم تخالف القانون وإنما أسقطت بإرادتها حقًا لها باختيار ثلاثة واستخدمت حقها في إحدى صور البدائل الثلاثة التى ذكرها هذا القانون, لأنها لا تريد أن تكون شريكة لمجلس النواب فى إهدار مبدأ استقلال القضاء, وتترك الأمر على رقعة واسعة من الاختيار للرئيس من بين السبعة الأقدم كما يشاء ووفقًا لتقديراته. ولفت إلى أن المشرع نص على قاعدة تمثل حقًا خالصًا للجمعية العمومية بترشيح ثلاثة من بين أقدم سبعة, ولكن القانون بعد أن أوجد هذا الحق للجمعية العمومية منح القانون ذاته 3 بدائل للجمعية العمومية حال عدم استخدام حقها بترشيح ثلاثة, وتلك البدائل كما وردت بالقانون تتمثل في عدم تسميتها المرشحين أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة, وهنا تكون الجمعية العمومية قد أسقطت بإرادتها حقًا لها باختيار ثلاثة واستخدمت حقها في إحدى صور البدائل الثلاثة التي ذكرها هذا القانون. ويضيف أنه يترتب على إسقاط الجمعية لحقها في اختيار ثلاثة واستخدامها إحدى البدائل الثلاث نشوء حق رئيس الجمهورية في عدم التقيد بترشيح الجمعية العمومية واستخدام صلاحياته في تعيين رئيس المجلس من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس، متابعًا: "بالطبع يظل من بينهم المرشح الأول وبهذه المثابة وفى إطار علم تفسير القانون -والقضاة هم مُلاك تفسير القوانين وفقًا لأصوله العلمية التي استنتها أحكامه وشاركها الفقه في ذلك - لا يمكن القول بأن الجمعية العمومية قد خالفت القانون بل الصحيح أن الجمعية قد أسقطت حقها في اختيار الثلاثة لأنها لم تكن أن تريد أن تكون شريكة لمجلس النواب في إهدار مبدأ استقلال القضاء, واستخدمت أحد البدائل الثلاث التي وضعها المشرع ذاته لتترك الأمر على رقعة واسعة من الاختيار للرئيس من بين السبعة الأقدم كما يشاء ووفقًا لتقديراته كصاحب قرار وفقًا لهذا القانون لا غيره". وعن توقعه الطعن على هذا القانون حال اختيار الرئيس لمرشح آخر غير الأول الأقدم، أكد أنه يتوقع ذلك وأن يكون الطعن على طلب التعويض ضد رئاسة الجمهورية لصيقًا بطلب الإلغاء لنقطة غاية في الفن القانوني هى تقييد المحكمة الدستورية العليا فى الفصل فيه مهما طال الزمان فلا تنظر لزوال مصلحته, أما لو اقترن طلب الإلغاء بطلب التعويض أصبحت المحكمة الدستورية ملزمة دستوريًا فى التعرض لمدى دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 13 لسنة 2017 حتى يمكن لمحكمة الموضوع التي أحالت للدستورية أن تقدر طلب التعويض. من جانبه قال الفقيه الدستوري، طارق نجيدة، إن ترشيح مجلس الدولة، للمستشار يحيي الدكروري، رئيسًا له، لا يعد مخالفة للقانون وإنما رفضًا للتدخل في شئون القضاة ورفض انتهاك استقلال السلطة القضائية، بل يتماشى مع المصلحة الوطنية مضيفًا: "اختيار "الدكرورى" هو الاختيار الأفضل". وأشار "نجيدة" فى تصريحات خاصة ل"المصريون" إلى أن قضاة مجلس الدولة يرون أن اختيار الرئيس وفقًا لمبدأ الأقدمية، يجنب القضاة الفتن والضغائن فيما بينهم، ويبعدهم عن شبهة إرضاء الرئيس. وعن موقف الرئيس بعد اختيار مجلس الدولة لمرشح وحيد وليس 3 من أقدم النواب، يرى نجيدة أن السيسي في موقعه الدستوري هو الحكم بين السلطات الثلاث، ومن الحكمة ألا يدخل في خصومة مع أعضاء الجمعية العمومية لمجلس الدولة وينزل على رغبتهم في اختيار مرشحهم، مضيفًا أنه يجب أن يكون قرار الرئيس متوافقًا مع المصلحة الوطنية كما صرح بذلك خلال اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف القومية، لافتًا إلى أن الرئيس يمكنه أن ينفذ قانون السلطة القضائية، ويختار المستشار يحيي الدكروري من بين أقدم 7 نواب لرئيس المحكمة. من جانبه قال الدكتور فؤاد عبد النبى، الفقيه الدستورى، إننا أمام سيناريو ما بعد الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا حال عدم اختيار "الدكروري"، أن المحكمة ستفضل في الدعوى وتراجع كل نصوص المواد المدفوع بها أمامها بداية من مبدأ الفصل بين السلطات، حتى الأعراف القضائية المتبعة قبل إقرار القانون، وتقرر دستوريته ويكون القانون ملزمًا نهائيًا، أو تقرر عدم دستوريته ويكون القانون هو والعدم سواء، على حد تعبيره. ويؤكد "عبد النبي" فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن مجلس الدولة لم يخالف نص قانون الرئيس السيسي، بينما أقر مواد الدستور 185، و186، و195، المتعلقة بمبدأ الفصل بين السلطات، وحافظ على كل سلطة بشئونها وإدارتها ووضع رأيها "عين الاعتبار" على حد وصفه، مضيفًا أن إقرار القانون وموافقة عدد من الهيئات القضائية له لا يعني أنه لا يشوبه عدم الدستورية، مطالبًا الرئيس بالتصديق على قرار عمومية مجلس الدولة تفاديًا للصدام. وأضاف الفقيه الدستوري أن مرتبة الدستور تعلو على القوانين وبالتالي يتوجب على الرئيس أن يفعل المادة 44 والمادة 85 وملزم بنص الدستور، وتابع: "لا أهمية للقانون أمام الدستور، مؤكدًا أنه يجب إعمال اختيار مجلس الدولة لرئيسه واحترامه، أما حال عدم النزول لرغبة واختيار الجمعية العمومية لمجلس الدولة سيكون الرئيس خرج على الشرعية الدستورية وانتهك دستور 2014 بشكل واضح وصريح، وخلق صدامًا بينه وبين مؤسسة عريقة من مؤسسات الدولة عن عمد ووفقًا لمفهوم "أنا الدولة والدولة أنا".