وضع المشرّع الدولي في إطار سعيه لضمان حياة كريمة للاجئين، في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية، بنودا تكفل تمتع اللاجئين بحقوق في بعض الأمور مثل «التعليم، والإغاثة، والعمل" أسوة بأي مواطن لم يغادر بلاده، لكن المساعي وحدها لا تكفي، لأن مصر التي وقعّت على اتفاقيات عديدة بشأن اللاجئين، تتحفظ على بعض بنود هذه الاتفاقيات، والتي تكفل للاجئين عددًا من الحقوق الأساسية. تعتبر عملية لجوء «الأرمن» لمصر، هي الأقدم في العصر الحديث، حيث فروا إليها بعد مذبحة 1915 التي نفذها الأتراك ضدهم، بعدها استقبلت مصر لاجئين فلسطينيين بعد حرب 1948، كما شهدت تدفقا من السودانيين بعد عام 1983 بسبب الحرب الأهلية الثانية، بينما كان أبرز اللاجئين لمصر في التسعينات من دول القرن الإفريقي، وتحديدا السودان، وإثيوبيا، وأريتريا، والصومال، بسبب الحروب. اللجوء إلى مصر، كان لأسباب من بينها التزاماتها الدولية، بموجب ما صدقت عليه من معاهدات واتفاقيات معنية بمعالجة أوضاع اللاجئين، فقد كانت أحد الأطراف المشاركة في صياغة «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، والذي نص على حق اللجوء في المادة 14 منه، كما تعاونت مصر مع مكتب المندوب السامي بتوقيع اتفاق معه عام 1954. انضمت مصر أيضا إلى الدول الموقعة على اتفاقية الأممالمتحدة لعام 1951، والتي تعد حجر الزاوية للمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة باللاجئين وذلك بعد 29 عاما من صدورها، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم «331 لسنة 1980»، كما صدّقت على البروتوكول المعدّل لها، والصادر عام 1967، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم «333 لسنة 1980». على الصعيد الإقليمي، صدّقت مصر على اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية 1969، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم «332 لسنة 1980»، حيث كان التعريف الخاص باللاجئين أوسع، كما صدّقت على «الاتفاقية العربية بشأن اللاجئين»، الصادرة عن جامعة الدول العربية عام 1994. محليا، كان لحق اللجوء نصيبا من بنود الدساتير المصرية منذ «دستور 23»، مرورا ب«دستور 30»، و«دستور 71»، ووصولا إلى الدستور الجديد الذي تم وضعه بعد ثورة 25 يناير والذي أقر في المادة «57» بمنح اللجوء للمحرومين في بلادهم من الحقوق والحريات. التزامات دولية: «عدم التمييز بسبب العرق أو البلد أو الدين أو الانتماء السياسي أو اعتناق أفكار معينة، مع كفالة الحرية الدينية»، هذان هما البندان الأبرز في الاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين، كما جاء في المعاهدتين الأهم بين كل ما صدّقت عليه مصر، وهما «اتفاقية 1951»، و«اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية 1969».فيما يتعلق ب«اتفاقية 1951»، فقد فرضت أغلب بنودها على الدول الموقعة أن تكون معاملة اللاجئين «لا تقل عن الممنوحة في نفس الظروف للأجانب»، وذلك فيما يتعلق بأمور منها «السكن، والتعليم، وحيازة الأموال، والانضمام للجمعيات غير السياسية، والتقاضي الحر أمام المحاكم، والمساعدة القضائية، وحق العمل». وحظرت الاتفاقية طرد اللاجئ «إلا لأسباب تتعلق بالأمن الوطني أو النظام العام»، وفي تلك الحالة «لا ينفذ الطرد إلا تطبيقا لقرار قانوني»،ويحق للاجئ، تقديم أدلة إثبات براءته، ويمارس حق الاستئناف. كما يحق له الحصول على مهلة معقولة، ليلتمس خلالها قبوله بصورة قانونية في بلد آخر. أما اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969، فكان أبرز ما فيها هو تناولها لتعريف اللاجئ بشكل أوسع من «جنيف 1951»،وألزمت بنودها مصر، بتطبيق الاتفاقية على جميع اللاجئين «دون تمييز في الجنس أو الدين أو الجنسية أو الانتماء السياسي أو الانتماء لمجموعة سياسية ما، أو اعتناق أفكار سياسية معينة". وحظرت تلك الاتفاقية، رد اللاجئ، والذي يلتزم من جانبه باحترام قانون البلد وعدم إتيان نشاط «هدام»، فيما يحق له حين اتخاذه قرار بالعودة لبلاده، أن تقدم له كل المساعدات. تحفظات مصرية: رغم الحقوق الممنوحة للاجئين بموجب الاتفاقيات الدولية، إلا أن حق الدول في إبداء تحفظات على بنودها، جعل من بعض تلك الحقوق غير مفعل، مثل الحقوق التي منحتها بنود «اتفاقية الأممالمتحدة لعام 1951» للاجئين، وتحفظت مصر على 5 بنود فيها، أولها الفقرة الأولى من البند 12، والمتعلقة ب«خضوع اللاجئ لقوانين الأحوال الشخصية الخاصة ببلاده»، والبند 20 الخاص بمساواة اللاجئ بالمواطن فيما يتعلق بتوزيع المؤن. كما تحفظت مصر على الفقرة الأولى من البند 22، والقاضي بمساواة الطالب اللاجئ بالمصري في مجانية التعليم الابتدائي، والبند 23 الذي يساوي بين اللاجئين والمواطنين في حق الإغاثة والمساعدة العامة، وأخيرا البند 24 الذي يساوي المواطنين واللاجئين في العمل والأجور والتعويضات والضمان الاجتماعي. أحد هذه التحفظات انتفى، نسبيا، وهو الخاص بمجانية التعليم الابتدائي، حيث تعد مصر ملزمة بحصول جميع الأطفال المقيمين على أراضيها على التعليم العام، لأنها طرف في اتفاقية حقوق الطفل، بالإضافة إلى أنها أصدرت قوانين وقرارات سمحت باستثناءات لبعض اللاجئين، ومنها قرار وزير التعليم رقم «24 لسنة 1992»، والذي يعطي في المادة 5 منه الحق للأطفال السودانيين والأردنيين والليبيين في التعلم الابتدائي في المدارس الحكومية. وفي سبتمبر 2012، انضم الطلاب السوريون إلى تلك القائمة «المجانية»، بعد أن أعلن الرئيس محمد مرسي، السابق في سبتمبر 2012، مساواة الطلاب السوريين بزملائهم المصريين في التكاليف الدراسية، خلال كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الدورة 138 لوزراء الخارجية العرب في القاهرة. مفهوم اللاجئين تعرف اتفاقية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين عام 1951 اللاجئ بأنه كل شخص يوجد نتيجة أحداث وقعت مثل الحروب أو الكوارث أو اضطرابات أو بسبب تعرضه لخوف ما يعرضه للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتماءه الي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية ولا يستطيع هو أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية بلده أو هو كل شخص لا يمتلك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته ولا يستطيع أولا العودة اليها. حددت الاتفاقية شروطا معينة لمن يدخل ضمن تعريف اللاجئ، وهي الإقامة أو الوجود الفعلي خارج حدود بلد المنشأ وجود خوف حقيقي له ما يبرره من الاضطهاد في دولة المنشأ بسبب العرق أو الانتماء القومي، وعدم امكانية العودة الي الوطن أو انعدام الرغبة في العودة الي الوطن لدي الشخص المعني وبالتالي لا تنطبق كلمة لاجئ علي من لم تتوفر فيه هذه الشروط. ومع تفاقم مشكلة اللاجئين في مختلف أنحاء العالم جاء بروتوكول 1967 بهدف إزالة الحدود الزمنية والجغرافية التي حددتها اتفاقية 1951 في تحديدها لمن يستحق طلب اللجوء ومن يقع علي كاهل المفوضية الاهتمام بهم، ويوجد حتي الآن 141 دولة من بينها مصر موقعة علي الاتفاقية والبروتوكول بالإضافة الي 4 دول موقعة علي الاتفاقية فقط و3 دول علي البروتوكول فقط. أما بالنسبة لاتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية التي تحكم المظاهر الخاصة بمشكلات اللاجئين في افريقيا 1969 فقد عرفت اللاجئ بأنه كل شخص يخشي حقا من أن يضطهد بسبب جنسه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لمجموعة اجتماعية معينة أو بسبب معتقداته السياسية ويجد نفسه خارج البلد الذي يحمل جنسيته ولا يستطيع أو بسبب خوفه يخشي أن يعلن انتماءه لهذا البلد أو شخص لا يتمتع بجنسيته ويجد نفسه خارج البلد محل إقامته الاعتيادية بسبب أحداث معينة ولا يستطيع العودة اليه كما ينطبق لفظ لاجئ علي كل شخص يجد نفسه مضطرا بسبب عدوان أو احتلال خارجي أو سيطرة أجنبية أو بسبب أحداث تهدد بشكل خطير الأمن العام في جزء من البلد الأصلي أو في أراضيه كلها أو البلد الذي يحمل جنسيته الي أن يترك محل إقامته العادية ليبحث عن ملاذ له في مكان آخر خارج بده الأصلي أو البلد الذي يحمل جنسيته. وهناك مصطلح آخر قد يتداخل مع مصطلح لاجئ وهو مصطلح عديم الجنسية ويتم تعريفه طبقا للاتفاقية الدولية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية فإن المادة (1) تتناول تعريفه بأنه الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطنا فيها بمقتضي تسريحها. وبشكل عام إن مصر ليس لديها إجراءات وترتيبات خاصة بها لضمان حق اللجوء وبدلا من ذلك وفي ضوء الاتفاق الموقع بين مصر والمفوضية حتي تتم تسوية أوضاعهم القانونية حيث تنظر المفوضية في أمر هؤلاء الأفراد لتحديد من هم طالبو اللجوء الذين يمكنهم تلقي الحماية والمساعدة من الأممالمتحدة كلاجئين فعليا وبناء علي ذلك يصبح اللاجئ وطالب اللجوء غير الحاصل علي تصريح إقامة عرضة للاعتقال والترحيل من قبل السلطات المصرية. وفي عام 1984 صدقت مصر علي الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي إجازة مجلس الرؤساء الأفارقة في نيروبيبكينيا عام 1981. نصت المادة 12 من الميثاق علي حق كل شخص في اللجوء في حالة الاضطهاد وعدم جواز طرد الأجنبي الذي دخل بصفة قانونية الي أراضي دولة ما طرفا في الميثاق إلا بقرار مطابق للقانون بالإضافة الي تجريم الطرد الجماعي للأجانب. نصت الاتفاقية علي ضرورة توفير التشريعات المناسبة بقبول اللاجئين والعمل علي توفير الإقامة لمن لا يستطيع منهم وعدم جواز اخضاع أي شخص لإجراءات ما تضطره الي العودة أو البقاء في أراض تتعرض حياته أو كيانه الجسدي أو حريته لأي خطر، وإذا واجهت إحدى الدول الأعضاء أي صعاب لا تسمح باستمرار منح حق اللجوء للاجئين يجوز بها التوجه بالنداء الي الدول الأعضاء الأخرى أما بالنسبة للترحيل فقد نصت الاتفاقية أنه في كل الحالات يجب احترام رغبة اللاجئ فيما يتعلق بالعودة الي وطنه ولا يجوز ترحيل لاجئ الي وطنه رغم إرادته وعلي البلد المضيف أن يتخذ بالتعاون مع البلد الأصلي لحل الإجراءات المناسبة لضمان عودة اللاجئين الذين يطلبون العودة الي أوطانهم سالمين وأنه علي البلد الأصلي الذي يقبل اللاجئين العائدين اليه تسهيل إعادة توطينهم وأن يمنحهم كافة الحقوق والامتيازات الممنوحة لمواطنيه وأن يخضعهم لنفس الالتزامات. لم ينظم القانون المصري تسليم السلطات للأجانب أو اللاجئين بطاقات هوية وإنما طبقا للاتفاقية بين الحكومة المصرية ومكتب الأممالمتحدة لشئون اللاجئين تقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة إصدار بطاقة صفراء تحمل موافقة الحكومة المصرية وتعتبر بمثابة الدليل علي أن حاملها تقدم بطلب للحصول علي وضع اللاجئ الي المفوضية. قد منع قانون رقم 15 الصادر عام 1963 الأجانب من تملك الأرض إلا أن المادة رقم (1) استثنت منه الفلسطينيين الي أن يتم تحرير المناطق الفلسطينية ويتمكن الفلسطينيون من العودة الي وطنهم. كما منع القانون رقم 8 لعام 8791 الأجانب من تملك المباني والأراضي في بعض الحالات الاستثنائية بناء علي إذن خاص من مجلس الوزراء بشرط الامتلاك لغايات السكن الخاص أو العمل الخاص ويتم تسديد قيمة العقار بالعملة الأجنبية علي أن تكون هذه الملكية بالشراكة مع مصري. كما منع القانون المصري لعام 1985 الأجانب أشخاصا وشركات من امتلاك الممتلكات الزراعية أو الأراضي الخصبة أو الصحراوية في مصر كان ذلك مطبقا حتي عام 1997 عندما تمت المصادقة علي قانون الضمانات والحوافز الاستثمارية الذي يمنح الأجانب الحق في تملك الأعمال الكبيرة من خلال السماح بالشراكة. لا يوجد في القانون المصري أي آلية واضحة للتحقيق في ادعاءات طالبي اللجوء السياسي سبب تعرضهم أو خشية تعرضهم لاضطهاد بسب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة وفقا لما تنص عليه المادة 53 من الدستور المصري 1971 وعلي الرغم من إعطاء اتفاقية حق الطعن أمام المحكمة المختصة للاجئين أصحاب الإقامة المؤقتة، إلا أنه لا توجد آلية لتطبيق حق الطعن في قرار الطرد. انضمت مصر لاتفاقية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين والبرتوكول المكمل لها فى 22 مايو 1981، أكدت الاتفاقية ضرورة امتناع الدول الموقعة على الاتفاقية عن فرض جزاءات بسبب الدخول أو الوجود غير الشرعي على اللاجئين القادمين مباشرة من إقليم كانت فيه حياتهم أو حريتهم مهددة بشرط أن يتقدموا دون إبطاء إلى السلطات مبدين أسباباً وجيهة تبرر دخولهم أو وجودهم غير الشرعي، كما أكدت الاتفاقية امتناع الدول الموقعة على الاتفاقية عن طرد اللاجئ الموجود بصورة غير شرعية على أرضها إلا لأسباب تتعلق بالأمن الوطني أو النظام العام، وفى هذه الحالة عليها منحه فترة زمنية تتيح له اللجوء إلى دولة ثالثة. ونصت الاتفاقية على ضرورة ألا يكون طالب اللجوء قد قام بأحد الأسباب التي تقضى باستبعاده من دائرة اللجوء مثل ارتكاب جريمة حرب أو جريمة ضد السلام أو الإنسانية لذلك فإن مجرمي الحرب لا يصنفون ضمن اللاجئين وكذلك العسكريون. وقد وضع القرار الرئاسي رقم 89 لسنة 1960، وهو ما يسمى بقانون الأجانب شروطاً على محاولات دخول طالبي اللجوء إلى مصر، وتنص على عدم السماح لأجنبي بالدخول دون جواز سفر، ويجب مغادرة الأجنبي مصر بمجرد انتهاء تصريح إقامته، كما يجب أن يبلغ الطيارون وقباطنة السفن السلطات المختصة عن أي شخص على طائرتهم أو سفنهم ليس معه جواز سفر صالح بينما يجب ألا يدخل أي أجنبي الحدود المصرية إلا من خلال المطارات والموانئ والمنافذ التي يحددها وزير الداخلية، وإذا دخل من غير تلك المنافذ يعاقب بالسجن لمدة لا تتعدى ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 جنيهاً ولا تزيد على 200 جنيه، ويتم ترحيله بعدها، وأن يقوم الأجانب باعتماد جوازاتهم أو أوراق سفرهم وأن يقدموا معلومات عنهم بوزارة الداخلية وفروعها فى الوقت المحدد، مع إمكانية ترحيل الأجانب بقرار من وزير الداخلية. الحكومة المصرية واللاجئون شهدت السنوات الأخيرة بروز قضية اللاجئين علي الصعيد الدولي فقد زادت أعداد البلدان الطاردة للاجئين نتيجة الاضطرابات السياسية والاقتصادية مما فرض تحديا خطيرا علي كل الأطراف المعنية سواء كانت بلدانا مرسلة أو مستقبلة أو حتي منظمات دولية معنية بالتعامل مع القضية وهناك 3 أنماط من السياسات للتعامل مع مشكلة اللاجئين وهي الدمج المحلي في المجتمع المضيف والتوطين في بلد ثالث والترحيل للبلد الأم. تشمل عملية صنع السياسة بالنسبة للاجئين التفاعلات الدولية بين مصر والدول الأخرى والمنظمات الدولية المعنية بالقضية وأخيرا قدرة السياسة العامة علي التعامل مع المتغيرات الدولية والمحلية والاقليمية والتواكب مع هذه المتغيرات بما يحقق أقصي نفع ممكن لكل الأطراف. تعد مصر من أكبر البلدان الأفريقية التي تستقبل أنواعا مختلفة من الهجرة شرعية أو غير شرعية موثقة وغير موثقة خاصة مند مطلع التسعينيات فقد ارتبط تدفق اللاجئين الأفارقة الي مصر بعدم الاستقرار السياسي والصراعات والحروب الأهلية في منطقة القرن الافريقي خاصة السودان وأثيوبيا واريتريا والصومال ثم جاء الغزو الأمريكي للعراق ليضيف العراقيين الي فصائل اللاجئين المختلفين وقد أدي هذا التدفق الكبير للاجئين وطالبي اللجوء الي مصر والذي لم يسبق له مثيل الي جعل مكتب المفوضية العليا لشئون اللاجئين في مصر من أكثر مكاتب منطقة الشرق الأوسط تلقيا لطلبات منح اللجوء. يذكر أن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل مصر جهة مرغوب اللجوء اليها فضلا عن القرب الجغرافي بينها وبين الدول الطاردة أنها توفر فرصا كثيرة للتوطين في بلد ثالث إما من خلال برامج التوطين التي تتيحها المفوضية أو البرامج الخاصة ببعض البلدان من خلال سفاراتها مثل كندا واستراليا والولايات المتحدة وفنلندا. يعد خيار التوطين في بلد ثالث حقيقة خيار مرغوب فيه من قبل الحكومة المصرية واللاجئين علي حد سواء فبالنسبة للاجئين فن صعوبة اندماج بعض اللاجئين في المجتمع المصري من ناحية واستحالة العودة لبلدانهم بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي من ناحية أخري تجعلهم أمام خيار لا مفر منه وهو التوطين في بلد ثالث سواء من خلال المفوضية أو من خلال برامج التوطين التي تقدمها بعض السفارات في مصر ولكن المشكلة الأساسية في الوقت الراهن خاصة بعد أحداث سبتمبر هي انحسار فرص التوطين مما يجعل هؤلاء اللاجئين مجبرون علي البقاء في مصر في مرحلة عبور قد تصل الي سنوات طويلة دون القدرة علي تجاوزها. ولابد أن تعترف المفوضية بهم كلاجئين وبالتالي نحن أمام أعداد أكبر من طالبي اللجوء الذين رفضتهم المفوضية وذلك يتحولون الي مهاجرين غير شرعيين حيث إن الحكومة المصرية لا تتبني بديلا لدمج اللاجئين في المجتمع المصري وبالتالي فوجودهم في مصر يعتبر أمرا مرحليا أو مؤقتا وربما هذا يفسر إصرار الحكومة المصرية علي تحميل مسئولية تحديد من هو اللاجئ للمفوضية العليا لشئون اللاجئين والتزام مصر بالاتفاقيات الدولية يجعلها لا تطبق مبدأ الترحيل لأي لاجئ تتعرض حياته أو حريته للخطر. فمصر تسمح لطالبي اللجوء واللاجئين المعترف بهم أن يدخلوا البلاد ويظلوا فيها كما أن حماية اللاجئين من الترحيل حقيقة مرتبطة بعدالة تقرير الحالة الذي تقدمه المفوضية العليا لشئون اللاجئين. وعلي صعيد التعامل غير المباشر مع قضايا اللاجئين في مصر فإن الحكومة المصرية لم تمنع المفوضية العليا لشئون اللاجئين من إقامة شراكات مع مؤسسات مختلفة سواء كنائس أو جمعيات أهلية لتقديم الدعم المادي والرعاية الصحية والتعليمية للاجئين مثل كاريتاس وهيئة الإغاثة الكاثوليكية. يجب ان يكون هناك ضرورة النظر نظرة واسعة ومتعمقة لقضية الهجرة العابرة التي تحولت من مشكلة مؤقتة لدول العبور الي مشكلة طويلة الأمد عندما يجد اللاجئون أنفسهم مكدسين في دولة العبور لسنوات طويلة دون رغبة في العودة الي البلد وهذا الوضع يؤثر سلبا علي دول العبور واللاجئين مما يستدعي إعادة النظر في السياسات التي تتعامل مع هذه القضية وتضمين البعد الدولي في صياغة هذه السياسات. وأن أي سياسة للتعامل مع اللاجئين ولا تنوي دمجهم لابد أن تراعي تشريعا يجسد هدفين: الأول الحد من التفاعلات الصراعية في المجتمع بين اللاجئين والمواطنين وهذا لن يتحقق إلا بضمان الكرامة الشخصية للاجئين الشرعيين من خلال منحهم الحقوق الكاملة للاجئ حتي يخرج من البلاد والثاني هو إعطاء اللاجئ غير الشرعي الحقوق الأساسية التي لا تهدر أدميته كإنسان. أما الأمر الثاني الذي يجب مراعاته هو أن اختيار الدول المضيفة لسياسة الدمج المحلي للاجئين له شروطه القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بمعني توفير كافة الفرص التي تتيح الحياة الكريمة للاجئين في سياق اقتصادي يسمح لهم بالاعتماد علي أنفسهم وإطار قانوني متكامل وإطار ثقافي يقبل التنوع، كما يتمثل بعض من هذه الشروط في تبني الحكومة المضيفة لهذه السياسة وجود إطار كفء وفعال وعادل للتعاون بين الدول المضيفة ودول الشمال تمهيدا لهجرتهم الي البلد الثالث وفقا لخطط المفوضية. ماذا تقول المعاهدة؟ اعتُمدت اتفاقية اللاجئين لعام 1951 بعد الحرب العالمية الثانية، عندما هُجّر مئات الآلاف من اللاجئين في جميع أنحاء أوروبا. عرّفت المعاهدة من هو اللاجئ –وهو الشخص الذي يريد اللجوء إلى بلد هربا من الاضطهاد. كما أن هذه المعاهدة تعطي اللاجئين حقا مهما جدا –وهو حقهم في عدم إعادتهم إلى أوطانهم، إلا في الظروف القصوى. وتقول وكالة الأممالمتحدة للاجئين: "بحكم التعريف، لا يتمتع اللاجئون بالحماية من قبل حكوماتهم، لذلك يجب أن يتحرك المجتمع الدولي للعمل على ضمان أمنهم وحمايتهم." وتم تعديل المعاهدة في عام 1967، لتشمل اللاجئين من جميع أنحاء العالم. من وقع هذه المعاهدة؟ وقعّت 142 دولة على كل من اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكول عام 1967. بعضها انضم للمعاهدة منذ عدة عقود، والبعض الآخر انضم منذ بضع سنوات. المجر هي واحدة من الموقعين. ولكنها تعرضت لانتقادات المهاجرين والنشطاء الذين يقولون إنها تترك اللاجئين في ظروف صعبة بينما ينتظرون نقلهم إلى آخر محطاتهم. وتقيم الدولة الآن سياجا على الحدود الصربية ليساعد في السيطرة على تدفق المهاجرين. وبدأت الدول خارج أوروبا بتقديم يد العون. حيث أعلنت فنزويلا التي كانت قد وقعت على الاتفاقية، أنها ستستقبل 20 ألف لاجئ. وقالت أستراليا أنها استوعبت 4.5 آلاف لاجئ من سورياوالعراق خلال العام الماضي. كم استقبلت أوروبا من اللاجئين هذا العام؟ أعلنت وكالة الأممالمتحدة للاجئين أن 366 ألف لاجئ عبروا البحر الأبيض المتوسط دخولا إلى أوروبا هذا العام. وحاول أكثر من ألفين وثمانمائة لاجئ آخر الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر، ولكنهم ماتوا أو اختفوا. وتأتي الأغلبية العظمى من اللاجئين من ثلاثة بلدان هي: العراق، حيث يهاجر الشعب فرارا من وحشية داعش، وأفغانستان، التي دمرتها الحرب، وسوريا، حيث يتعرض المدنيون لهجمات من داعش وهجمات عشوائية ناجمة عن الحرب الأهلية في البلاد. ما هي حقوق اللاجئين؟ بالإضافة إلى عدم إعادتهم الى بلدانهم، يتمتع اللاجئون بالعديد من الحقوق الأخرى، بما في ذلك: - الحماية القانونية من الملاحقة بتهمة الدخول غير القانوني للدول المشتركة في المعاهدة - الحق في السكن - الحق في العمل - الحصول على التعليم - الحصول على المساعدات العامة - الوصول إلى المحاكم - الحق في الحصول على وثائق الهوية والسفر لماذا لا تستقبل الكثير من دول الخليج اللاجئين؟ بما أن تلك الدول الخليجية الغنية بالنفط قريبة من سورياوالعراق وأفغانستان، فإنه من الطبيعي أن تساهم باستقبال بعض اللاجئين، أليس كذلك؟ الإجابة هي: كلا. فقد أعطت المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة لمنظمة الأممالمتحدة ملايين الدولارات لمساعدة اللاجئين السوريين. ولكن وفقا لمنظمة العفو الدولية، لم تسمح أي من هذه الدول بدخول اللاجئين إلى أراضيها. دول الخليج واللاجئين إن دول الخليج تتعامل مع قضية اللاجئين على أنها مسألة أمن دولي. واسترسل شرحا: "يغذي وجود اللاجئين نفوذ داعش، ويدعم العنف في المنطقة، التي هي تقع أصلا في أعنف بقاع الأرض. كل ما يحدث في الجوار يؤثر على أمن وأمان دول الخليج العربي الأكثر استقرارا وأمنا." ثم إن تلك الدول الخليجية ليست طرفا في المعاهدة الدولية – لذلك فهي من الناحية الفنية ليست ملزمة بالمساعدة من البديهي إن مشكلة اللجوء والنزوح ألقسري أصبحت من أكثر القضايا إلحاحا التي واجهت المجتمع الدولي طوال تاريخه، كون هذه الفئات من بين أكثر مجموعات الناس تعرضا للمعاناة، سواء كان ذلك نتيجة لصراع أو اضطهاد، أو غير ذلك من أنواع انتهاكات حقوق الإنسان. وبما أننا دخلنا الألفية الثالثة ، فان العالم بحاجة لمراجعة الآليات المعمول بها حاليا والخاصة بالحماية الدولية لمشكلة اللجوء والنزوح ألقسري ، كون التعامل مع تلك المشكلة في الماضي كان يتركز في الأساس في أماكن معينة وذات طبيعة مخصصة لحالات محددة، الأمر الذي يقتضي المراجعة الملحة بعد تزايد حالات اللجوء في السنوات الأخيرة . ولم يتم النظر إلى قضية اللاجئين باعتبارها قضية دولية يتعين معالجتها على المستوي الدولي، ألا في الفترة التي اعقبت الحرب العالمية الأولي وتحديدا عندما ظهرت الى الوجود عصبة الامم، ومنذ ذلك الوقت كان التصدي لمشكلة اللجوء يسير ببطء وبصورة متقطعة واستمر الوضع حتي ادرك المجتمع الدولي ضرورة انشاء شبكة من المؤسسات والنظم القانونية التي تهدف الى توفير الحماية الدولية لمشاكل اللاجئين والتعامل معها بطريقة شاملة ،وحدثت نقطة التحول عام 1951 مع انشاء مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين (المفوضية) وتبني اتفاقية الاممالمتحدة الخاصة بوضع اللاجئين قد وفرا معا وللأول مرة اطارا قانونيا يهدف الى حماية اللاجئين وفقا لمعايير دولية. ونجد ان المسؤولية الاولي عن حماية اللاجئين ومساعدتهم تقع على عاتق الدول خاصة بلدان اللجوء التي يفر اليها اللاجئون ، ويتأتى دور المفوضية في حث الدول وتشجيعها على الالتزام بأحكام اتفاقية عام 1951 وتمكين الدول من تقديم حماية كافية للاجئين في اراضيها وفقا لما هو وارد في تلك الاتفاقية. وللمفوضية ولاية تقديم الحماية الدولية والحلول للاجئين عن طريق العودة الطوعية للوطن الذي يتبع له اللاجئ ،او الاندماج المحلي في بلدان اللجوء ،او اعادة التوطين في بلد اللجوء. الا ان هناك ظروف ومتغيرات مستجدة تستدعي المراجعة الشاملة لسبل حماية اللاجئين ، بشكل يجعلها اكثر فعالية ، ولعل الاحصائيات خير دليل على ذلك ، فقد كانت المفوضية في اعقاب الحرب العالمية الاولي تتعامل مع نحو 400الف لاجئ وبنهاية العام 2007 ارتفع الرقم الى 30 مليون تقريبا، وكانت المفوضية تعمل في ذلك الوقت في اروبا فقط ، وبحلول عام 2007 اصبح لها مكاتب في 125 بلدا تنتشر عبر العالم، وكانت ميزانيتها عام 1955 بحدود 300 الف دولار وبحلول هذا العام تجاوزت ميزانيتها المليار دولار. كل هذه التحديات تقتضي ،استعراض المعايير الدولية الخاصة بحماية اللاجئين ، مع التركيز على بعض الفئات كالنساء والاطفال وهذا ما سنتطرق اليه من خلال المحاور التالية:- اولا:- المعايير الدولية الخاصة بحماية اللاجئين :- نظرا لاضطرار الكثير من الاشخاص الى التخلي عن ديارهم ، والتماس الامان في اماكن اخري هربا من الاضطهاد والصراع المسلح والعنف السياسي ، بدأ المجتمع الدولي يتعامل مع هذه القضايا ،فصدرت الاتفاقية الدولية لعام 1951 ، وتم انشاء مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين ،ولجعل الاتفاقية اكثر اتساقا وشمولا فقد صدر بروتوكول عام 1967 الذي الغي القيود الجغرافية ، بحيث اصبحت الاتفاقية تركز على الجانب الانساني لمشكلة اللاجئين ، على النحو الوارد في المادة الثانية من النظام الاساسي لمفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين التي ورد فيها(.. ليس لعمل المفوض السامي اية سمة سياسية بل هو عمل انساني واجتماعي ، القاعدة فيه ان يعالج شؤون جماعات وفئات اللاجئين..) وهذه التفرقة ما بين السياسي والانساني ،مكنت المفوضية من العمل في عصر الحرب الباردة وفي الفترات اللاحقة من الصراعات المسلحة على السواء. ومن هنا تحددت الوظائف الاساسية لمفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين باعتبارها ذات شقين (سياسي وانساني) على النحو التالي:- 1) زاد الاهتمام بقضايا اللجوء وذلك بسبب ازدياد اعداد اللاجئين في شتي انحاء العالم . 2) أ خذت سبل الحماية في الفترة الاخيرة تأخذ اشكالا جديدة ،فبالإضافة الى اعادة التوطين، اخذت توفر المساعدة المادية مثل الاغذية والمأوي ، وكذلك توفير الرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية ، بالإضافة الى تطوير بعض البرامج الخاصة بمساعدة بعض الفئات مثل النساء والاطفال وكبار السن. 3) زيادة نطاق المستفيدين من الحماية ،بحيث اصبحت تشمل بالإضافة الى اللاجئين فئات اخري مثل النازحون داخل حدود بلادهم ،والعائدون(اللاجئون او الاشخاص النازحون داخليا الذين عادوا) وملتمسو اللجوء( الذين لم يتقرر بعد وضعهم الرسمي ) والاشخاص عديمي الجنسية ، والسكان المتأثرين بالحرب وغيرهم. 4) كما تزايد بصورة كبيرة عدد القوي الفاعلة والمنخرطة بالبرامج الهادفة الى حماية اللاجئين وغيرهم من الاشخاص النازحين ومساعدتهم، بحيث اصبحت المفوضية تعمل مع وكالات الاممالمتحدة الأخرى ، واللجنة الدولية للصليب الاحمر ، وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ، والمنظمات الاقليمية، ومنظمات حقوق الانسان، ومنظمات المجتمع المدني، والجمعيات الوطنية للهلال الاحمر والصليب الاحمر . 5) كانت الحماية الدولية لمشاكل اللجوء في الماضي تتم بطريقة رد الفعل، اما حاليا فقد اخذت سبل الحماية منحي اخر قائم على الاخذ بالنهج الشامل لمواجهة مشكلة اللجوء والنزوح القسري ،وفق برامج بعضها معد سلفا ، والبعض الاخر تفرضه الظروف المستجدة عند حدوث حالة من حالات اللجوء التي تندرج ضمن ولاية المفوضية. الا انه وعلى الرغم من ان للدول مصالح مشروعة في التحكم في الوصول الى اراضيها، فان عليها بنفس الوقت التزامات دولية تتمثل بتوفير الحماية للأشخاص الذين يفرون من الاضطهاد في بلدانهم. مع ادراكنا ان هناك تحديات كبيرة تواجه مشكلة اللاجئين ،لعل اهمها ، التحديات التي تفرضها تزايد النزاعات المسلحة ،والطبيعة المتغيرة للنزاعات الدولية والمحلية (الداخلية)،والتحركات المتزايدة للسكان ، والتحديات التي تواجه العمل الانساني، وتقاعس المجتمع الدولي عن دعم المفوضية والبلدان المستضيفة للاجئين ماديا، كل هذه التحديات تقتضي مراجعة سبل الحماية بالتعاون بين كافة الدول ، ودعم برامج المفوضية بما يكفل لها من القيام بأعمالها، وفق برامج طويلة الاجل، ومعالجة اسباب اللجوء ،وان تتحمل الدول التي تحتل بلدانا اخري مسؤولياتها بهذا الخصوص ،وان يتم التعامل مع مشكلة اللجوء كقضية انسانية بالدرجة الاولى بعيدا عن اية اعتبارات اخري. ثانيا:- حماية اللاجئين وفقا لأحكام القانون الدولي الانساني:- من المعلوم ان القانون الدولي الانساني هو فرع من فروع القانون الدولي العام ،وهو حيث النشأة نسبيا، حيث كان يسمي حتي نهاية الحرب العالمية الاولي (قانون الحرب) وبعد اقرار المجتمع الدولي بعدم مشروعية الحرب ، اصبح يسمي(قانون النزاعات المسلحة) وفي عام 1977 واثناء انعقاد المؤتمر الدبلوماسي ،اطلقت مفردة( الدولي الانساني) على القواعد القانونية التي تحدد حقوق وواجبات الاطراف المتحاربة، أي القواعد التي تسعي الى حماية ضحايا النزاعات المسلحة(قانون جنيف) وتنظم استخدام القوة ووسائل واساليب القتال( قانون لاهاي). ونجد ان القانون الدولي الانساني يوفر سبل الحماية الخاصة باللاجئين ،كونهم يتمتعون بالحماية اذا كانوا تحت سلطة احد اطراف النزاع. ففي حالة نشوب نزاع مسلح دولي، يتمتع موطنوا بعد فرارهم من الاعمال العدائية واستقرارهم في بلد العدو بالحماية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة على اساس انهم اجانب يقيمون في اراضي طرف في النزاع ،وتطلب الاتفاقية الرابعة الي البلد المضيف معاملة اللاجئين معاملة تفضيلية ، والامتناع عن معاملتهم كأجانب اعداء على اساس جنسيتهم ،كونهم لا يتمتعون بحماية اية حكومة وقد عزز البروتوكول الاول هذه القاعدة ، التي تطرقت الى حماية عديمي الجنسية. ويتمتع اللاجئون من بين مواطني أي دولة محايدة في حالة اقامتهم في اراضي دولة محاربة بالحماية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة في حالة عدم وجود علاقات دبلوماسية بين دولتهم والدول المحاربة. وفي حال احتلال اراضي دولة ما، فان اللاجئ الذي يقع تحت سلطة الدولة التي هو احد مواطنيها يتمتع بحماية خاصة ، اذ ان الاتفاقية الرابعة تحظر على دولة الاحتلال القبض على هذا اللاجئ ، بل تحظر عليها محاكمته او ادانته او ابعاده عن الاراضي المحتلة. واذا كانت المفوضية التابعة للأمم المتحدة تقوم بإجراءات الحماية والمساعدة وفقا للمعايير الدولية ، فان اللجنة الدولية للصليب الاحمر تقوم بنفس الدور وفقا لقواعد القانون الدولي الانساني، ويقع على عاتقها مسؤولية مباشرة عن مصير اللاجئين الذين هم الضحايا المدنيين للنزاعات المسلحة او للاضطرابات ،بحيث تتدخل اللجنة الدولية فيما يخص اللاجئين الذين يشملهم القانون الدولي الانساني ، لكي يطبق المتحاربون القواعد ذات الصلة باتفاقية جنيف الرابعة ،وتحاول في مجال عملها الميداني ان تزور هؤلاء اللاجئين وتوفر لهم سبل الحماية والمساعدة الضرورية. وغالبا ما لا يتمتع اللاجئون بالحماية بموجب القانون الدولي الانساني،اذا كان البلد المضيف ليس طرفا في نزاع مسلح، او ليس عرضه لأي نزاع داخلي ، عندها يتمتع اللاجئون بالحماية بموجب قانون اللاجئين ،وكقاعدة عامة لا تتدخل اللجنة في هذه الحالة الا بصفة فرعية ، ان كانت هي المنظمة الوحيدة في الميدان ، اما اذا حلت محلها مفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين بالعمل ،فانهما تؤديان عملهما معا ويسمح تشاورهما وتنسيق جهودهما على نحو وثيق بإغاثة الضحايا على افضل وجه . وتتمثل مسألة اعادة اللاجئين الى اوطانهم من المشاغل الرئيسية للجنة الدولية ، وحتي اذا لم تشارك كقاعدة عامة في عمليات اعادة اللاجئين الى اوطانهم ، فأنها تطلب من الدول والمنظمات المعنية ان تحدد بالضبط موعد وشروط عودة اللاجئين الى اوطانهم. اما فيما يتعلق بالأشخاص المهجرون داخل بلدانهم ، فاذا ارغم المدنيين على ترك موطنهم بسبب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني ، فانهم يتمتعون بالحماية بموجب هذا القانون ، ويجوز ان تتعلق هذه الحماية بالقانون المطبق في النزاعات المسلحة الداخلية ، لان هذين النوعين من النزاعات قد يؤديان الى تشريد السكان داخل بلدهم، وبالنسبة الى عمليات التهجير الناجمة عن أي نزاع مسلح دولي، فأن الاشخاص المهجرين بصفتهم مدنيين فهم موضع حماية من اثار الاعمال العدائية، واذا فر السكان المدنيون من موطنهم بسبب نزاع داخلي، فانهم يصبحون موضع حماية مشابهة للحماية المنصوص عليها في حالة نشوب نزاع مسلح دولي.. كما يحظر البروتوكول الثاني (المادة 17) الترحيل القسري للمدنيين ،اذ لا يجوز الامر بترحليهم الا بصفة استثنائية ، اذا تطلب ذلك دواعي الامن او اسباب عسكرية ملحة ،وفي هذه الحالة يجب اتخاذ الاجراءات الممكنة لاستقبال السكان المدنيين في ظروف مرضية من حيث المأوي والارضاع الصحية والعلاجية والسلامة والتغذية، وهذا ما نصت عليه المادة السابعة من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت الترحيل القسري للسكان من قبيل الجرائم ضد الانسانية. ومن الملاحظ ان القانون الدولي الانساني يعتمد نهجا شاملا يستهدف الحفاظ على حياة السكان المدنيين كافة ،واذا لم تذكر فيه مسألة ترحيل السكان المدنيين بشكل موسع ، فان ذلك لايعني اطلاقا انه لا ينص على الحماية القانونية ، كون القواعد التي بني عليها القانون الدولي الانساني تقوم على حماية فئات عديدة من اهمها السكان المدنيين ومن ضمن حقوق هذه الفئة حظر ترحليها قسريا. وبالتالي فان اللاجئين والاشخاص المهجرين بصفتهم ضحايا للنزاعات المسلحة او الاضطرابات الداخلية فانهم يدخلون ضمن اختصاص اللجنة الدولية للصليب الاحمر ، ويستفيدون من اعمال الحماية والمساعدة التي توفر للسكان المدنيين عامة ، والتي من المفيد تلخيصها بما يلي:- 1) حماية السكان المدنيين واحترام القانون الدولي الانساني والمبادي الانسانية. 2) زيارة الاشخاص المحرومين من الحرية. 3) تقديم المساعدة الطبية العاجلة واعادة التأهيل. 4) تقديم المساعدة في مجال الصحة . 5) توفير المواد الغذائية العاجلة. 6) مباشرة الانشطة الرامية الى اعادة الاتصالات بين افراد العائلات المشتتة بسبب الحرب او الاضطرابات. من كل ما تقدم:- نجد ان الحماية الدولية للاجئين ،ضرورية خصوصا في هذه الفترة التي ازدادت فيها حالة اللجوء ، وبحاجة الى موقف من المجتمع الدولي ،يتمثل في ايجاد حلول لإشكالية اللاجئين والاشخاص المهجرين ،ومواجهة التحديات الخاصة باللجوء التي فرضتها الاحداث التي عصفت بالعالم وخصوصا في اواخر القرن الماضي ، وان يتم دعم المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، ودعم الدول المستضيفة للاجئين. وبذلك نكون قد استعرضنا سبل الحماية الدولية الخاصة باللاجئين في اطار الاممالمتحدة وعلى ضوء احكام اتفاقية عام 1951 والبروتوكول الملحق بها ، كما تطرقنا الى سبل الحماية بموجب احكام القانون الدولي الانساني ، ودور اللجنة الدولية للصليب الاحمر بهذا الصدد ، الا اننا نجد ان بعض الفئات من اللاجئين بحاجة الى حماية خاصة وهم الاطفال والنساء وهذا ما سنتطرق اليه من خلال المحاور التالية. ثالثا:- حماية الاطفال اللاجئين:- تعتبر المعاهدات الدولية مهمة للأطفال اللاجئين كونها تحدد المعايير الخاصة بحمايتهم، فعندما تصادق دولة ما على اية معاهدة دولية، فان حكومة هذه الدولة تتعهد امام المجتمع الدولي ،بأنها سوف تسير وفقا للمعايير والقواعد التي حددتها الاتفاقية. وتحدد اتفاقية عام 1951 المعايير التي تنطيق على الاطفال، اذ اعتبرت أي طفل لديه خوف ما يبرره من التعرض للاضطهاد من جراء الاسباب التي اوردتها الاتفاقية يعتبر(لاجئا) ، حيث نصت على عدم جواز ارغام أي طفل يتمتع بمركز اللاجئ على العودة الى بلد المنشأ ، كما تطرقت الاتفاقية الى عدم جواز التمييز بين الاطفال والراشدين في مجال الرعاية الاجتماعية والحقوق القانونية ، كما اقرت الاتفاقية احكام خاصة بتعليم الاطفال اللاجئين. والمعاهدة التي تحدد المعايير التي تتعلق بالأطفال هي اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 ، ولئن كانت اتفاقية حقوق الطفل ليست معاهدة خاصة باللاجئين ، الا ان الاطفال اللاجئين مشمولون بأحكامها ، لان جميع الحقوق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية تمنح لجميع الاشخاص الذين لا تتجاوز اعمالاهم 18 عاما ، ودون أي نوع من انواع التمييز. وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل مهمة لجميع الاطفال اللاجئين لأنها تحدد معايير شاملة فهي تغطي تقريبا كل ناحية من نواحي حياة الطفل. وقد اكتسبت اتفاقية حقوق الطفل اهمية خاصة بالنسبة للأطفال اللاجئين بسبب المصادقة شبه العالمية عليها ، كما تطبق مفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين اتفاقية حقوق الطفل على اعمالها عن طريق استخدامها هذه الحقوق كمبادئ توجيهية ، وتنص سياسة المفوضية بشأن الاطفال اللاجئين على ان اتفاقية حقوق الطفل باعتبارها اتفاقية صادرة عن الاممالمتحدة وتحظي بإجماع عالمي عليها، فان تشكل اطارا مرجعيا لعمل المفوضية، كون من مبادي اتفاقية حقوق الطفل ايلاء مصالح الاطفال الفضلي الاعتبار الاول ، ومفردة الطفل الواردة في اتفاقية حقوق الطفل تشكل (الطفل اللاجئ). ومن اجل رفاهية الاطفال اللاجئين ،تحث المفوضية جميع الدول والوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية على احترام المعايير التي حددتها اتفاقية حقوق الطفل. ومن اجل ذلك تبنت مؤتمرات القمة العالمية الخاصة بالأطفال بعض الاهداف ادرجت الاطفال اللاجئين بموجبها ضمن فئة الاطفال الموجودين في ظروف صعبة للغاية ،وعليه يمكن ايجاز اليات حماية الاطفال اللاجئين بما يلي:- اعطاء الاجراءات الخاصة بالأطفال اللاجئين الاعتبار الاول لمصالح الطفل الفضلي. اعطاء الطفل اللاجئ الحق بالاشتراك مع بقية افراد مجموعته في ان يتمتع بثقافته وممارسة شعائره الدينية. حق الطفل الذي يقع ضحية أي شكل من اشكال الاساءة او الاهمال في التأهيل البدني والنفسي واعادة الاندماج الاجتماعي. يجب على الدول ان تتخذ الاجراءات الرامية الى خفض وفيات الرضع والاطفال، وان تعمل على تطوير الرعاية الصحية الاولية للأطفال ،مع اتخاذ الاجراءات الخاصة بتعليمهم. وجوب توفير الامن والحرية الشخصية للطفل اللاجئ الوقاية من حالات الاعاقة وعلاجها. للطفل الذي يسعي للحصول على مركز اللاجئ الحق في تلقي الحماية والمساعدة الانسانية . وجوب التعاون بين الدول الاطراف من اجل حماية الطفل اللاجئ ومساعدته للبحث عن والديه وافراد اسرته . وبذلك نجد ان الاطفال بحاجة لرعاية وحماية بشكل افضل من الراشدين خصوصا اذا عرفنا ان النسبة الاكبر من اللاجئين على صعيد العالم اجمع هم من الاطفال والنساء وهم الاكثر تعرضا لانتهاك حقوقهم . رابعا:- النساء وحق اللجوء:- حيث ان النساء وكما اسلفنا من اكثر فئات اللاجئين تعرضا لانتهاك حقوقها فقد اثرت الحركة الرامية الى تحقيق الاعتراف بالمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء ، على الاتفاقيات الخاصة بحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني. ففي عام 1979 اعتمد المجتمع الدولي اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة التي انضمت اليها لغاية الان الغالبية العظمي من دول العالم . اما ضمان حماية اللاجئات فلا يتطلب الالتزام بمعاهدة 1951 والبروتوكول الملحق بها فحسب، بل ايضا الالتزام بالصكوك الدولية الأخرى مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان، واتفاقيات جنيف الاربع والبروتوكولات الملحقة بها، والعهدين الدوليين لحقوق الانسان، والاعلان بشأن حماية النساء والاطفال في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة ، واتفاقية الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج، والاتفاقية الخاصة بجنسية المرأة المتزوجة، واتفاقية حقوق الطفل ومع ان الدول قد لا تكون بشكل فردي اطرافا في جميع هذه الاتفاقيات ،فهي تقدم اطار معايير دولية لحقوق الانسان من اجل الاضطلاع بأنشطة حماية ومساعدة متعلقة باللاجئات. وحيث ان الكثير من المعاناة الانسانية تتولد اليوم في جميع انحاء العالم بسبب حالات النزاع المسلح التي يحرم فيها الافراد من ممارسة اغلبية حقوقهم الاساسية ،ولا يتمكنون فيها من الاعتماد الا على الحماية التي يمنحها لهم القانون الدولي الانساني ، وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان النساء يتعذبن بصورة خاصة في مثل هذه الحالات. وتطرقت اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة ، لكافة الاحكام الخاصة بحماية المرأة ، والتي يمكن الإحالة اليها في حال وجود المرأة في اماكن اللجوء ،وبنفس الوقت يمكن اعمال اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 ، والتي تطرقت لضمان حماية النساء الحوامل والامهات الرضع ، وبهذا الصدد نصت المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة على انه(... يجب حماية النساء بصفة خاصة من أي اعتداء على شرفهن لاسيما من الاغتصاب والاكراه على الدعارة واي اعتداء جنسي او أي صورة اخري من صور خدش الحياء العام...). وبنفس الاتجاه تطرق اعلان وبرنامج فيينا الذين اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الانسان لعام 1993 ، على ان انتهاكات الحقوق الاساسية للنساء في حالات النزاع المسلح تخالف المبادئ الاساسية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، وان هذه الانتهاكات تقتضي اتخاذ تدابير فعالة بصورة خاصة ، وشدد برنامج العمل ايضا على انه ينبغي ان تشتمل الانشطة الاساسية لمنظومة الاممالمتحدة على نشاط يتعلق بالمساواة في الفرص والحقوق الاساسية للمرأة. وفي عام 1994 تم تعيين مقرر خاص ، تشمل ولايته بعض جوانب اوضاع النساء في فترات النزاعات المسلحة ، وفي عام 1998 قدم المقرر الخاص تقريره الذي اوصي فيه بإعادة النظر وتقييم الاتفاقيات الدولية بحيث تدرج فيها المعايير الحديثة العهد المتعلقة بالعنف ضد النساء في زمن الحرب ، وبهذا الصدد اعترف المؤتمر العالمي الرابع بشأن النساء ،الذي نظمته الاممالمتحدة في بكين 1995 ضوابط لحماية النساء اثناء النزاعات المسلحة ،وهذا ما اكده المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الاحمر والهلال الاحمر المنعقد عام 1996 وكذلك المؤتمر الدولي السابع والعشرون لعام 1999 ومؤتمر بكين لعام 2000. ويمكن من خلال استعراض الجهود الدولية بأن هناك طائفة من الحقوق يجب مراعاتها ،خصوصا اذا كانت الفئة المستهدفة هي النساء والتي يمكن ايجازها بما يلي:- 1) يحب حظر كافة اشكال العنف الجنسي واعمال الدعارة في اماكن اللجوء ،مع الاخذ بعين الاعتبار المبادئ التوجيهية للوقاية منها والتصدي لها التي اقرتها الاممالمتحدة. 2) وجوب العمل على لم شمل الاسر المشتتة في اماكن اللجوء خصوصا المرأة المتزوجة واطفالها. 3) وجوب العمل على القيام بالإجراءات القانونية فيما يتعلق بالمرأة الحامل من حيث الامور الخاصة بالصحة الانجابية وتسمية المولود وتسجيله. 4) حظر كافة اعمال الاغتصاب والرق الجنسي اثناء فترة النزاعات المسلحة. 5) وضع البرامج المدروسة فيما يتعلق بالصحة والتغذية والرعاية الاجتماعية والتعليم والتأهيل. واذا كنا نشدد على وجوب توفير الحماية والمساعدة الضرورية للاجئين بشكل عام ، فان الاطفال والنساء ، بحاجة رعاية فضلي ، الامر الذي يقتضي وجوب المراجعة الشاملة الدورية لكافة الاتفاقيات الدولية المعمول بها بهذا الصدد ،لكي توفير الضمانات الكفيلة بحماية حقوق الاطفال والنساء اللاجئين بشكل افضل ووفقا لمعايير حقوق الانسان ومبادي القانون الدولي الانساني والاتفاقيات الخاصة باللجوء. خامسا:- التحديات التي تواجه قضية اللجوء ومصداقيتها:- بما اننا دخلنا الالفية الثالثة ،وما نشهده من تأثيرات ومتغيرات عديدة ،ابرزها العولمة واحادية القطب وتزايد حالات النزاع المسلح ، فإننا نجد ان قضية اللجوء وبشكل عام بعيدة عن تلك المتغيرات ، حيث نجد ان الالتزام السياسي الذي اظهره المجتمع الدولي في التصدي للجوء والنزوح القسري في بعض البلدان كان غائبا في بلدان اخري. ويتجلى افتقار الالتزام السياسي للدول ، بحل مشاكل اللاجئين ،بشكل واضح في مرحلة ما بعد الصراع ،وذلك عندما تنحسر الاضواء التي تسلطها وسائل الاعلام الدولية على تلك المشاكل ،وكثيرا ما يعود اللاجئين والاشخاص النازحون الى اماكن يتطلب الامر فيها تدعيم السلام الهش والمصالحة واعادة التأهيل والتعمير ، الامر الذي يترتب عليه بقاء الفجوة ما بين المساعدة الانسانية ومعونة التنمية الاطول اجلا. ونجد ان الكثير من بلدان العالم ،تتخذ بعض التدابير التقييدية على نحو متزايد لردع اللاجئين ،وقامت الكثير من البلدان بالتنسيق فيما بينها لغايات الحد من قدوم اللاجئين ،دون ان يرافق ذلك التنسيق بحث الاسباب التي دفعتهم الى اللجوء ،حتي ادت تلك السياسات الى وصم اللاجئين بانهم اناس يحاولون التحايل على القانون. ولمعالجة هذه التحديات يحب على المجتمع الدولي ، ان يدرك ان ملتمسي اللجوء والنازحين دفعتهم اخطار واسباب خارجة عن ارادتهم للبحث عن مكان امن ، وان الدول معنية بتطبيق الالتزامات المفروضة على عاتقها بموجب الاتفاقيات الدولية ، الامر الذي يقتضي التعامل مع قضية اللاجئين بأبعادها الانسانية بعيدا عن المتغيرات السياسية ،سيما وان ارقام اللاجئين وصلت في الفترة الاخيرة الى مستويات لا يمكن المرور عليها مرور الكرام ،بل لا بد من التعامل معها بجدية اكثر فاذا كنا نتحدث الان - 2008- عن وجود اكثر من 35 مليون لاجئ منهم اكثر من مليوني لاجئ عراقي في ثلاثة بلدان- الاردنوسوريا وتركيا - الامر الذي يفرض تفعيل الاليات الدولية بشكل افضل وان تقوم الدول بما هو مفروض على عاتقها بموجب التزاماتها الدولية. اما عن مصداقية هذه الاليات فاعتقد انها الان على المحك وخصوصا على ضوء تعامل المجتمع الدولي مع قضية اللاجئين العراقيين واقول ذلك لما يلي:- عدم قيام الدول - دول الاحتلال - بمسؤولياتها كدول احتلال والتسبب بمشكلة اللجوء عدم توفير الدعم المالي الكافي للمنظمات الدولية التي تتعامل مع قضايا اللجوء للقيام بواجباتها على النحو المنشود. عدم دعم الدول المستضيفة لأعداد كبيرة من اللاجئين وخصوصا الدول التي تعاني الامر الذي يجعل الوضع مستقبلا يزداد تعقيدا اذا لم نتعامل مع قضية اللجوء كقضية انسانية بالدرجة الاولي ، بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة ،كون اعداد اللاجئين - وللأسف - في تزايد مستمر. الدكتور عادل عامر دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا