قالت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية الفرنسية, إن النسبة الكبيرة للامتناع عن التصويت في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الفرنسية، تشير إلى عدم ارتياح إزاء الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون. ووصفت الصحيفة في تقرير لها في 9 مايو, فوز ماكرون بأنه "انتصار منقوص", بالنظر إلى النسبة الكبيرة للامتناع عن التصويت، وتساءلت عما سيكون عليه شكل الحكم في فرنسا خلال عهد ماكرون، وما إذا كان سينجح في إنهاء الانقسام المجتمعي وترميم الجمهورية الخامسة المتهالكة, أم سيكون شاهدا على إعلان إفلاسها؟, حسب تعبيرها. وتابعت " على الرئيس ماكرون أن يتحلى بأقصى درجات الحنكة والدبلوماسية لتجاوز العراقيل والتحديات التي تنتظره, وعلى رأسها تحقيق أغلبية في الانتخابات التشريعية المقبلة (11-18 يونيو)". وأشارت الصحيفة أيضا إلى صعود ماكرون السريع في الحياة السياسية، وعلاقته بالرئيس الفرنسي المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، حيث كان وزيرا للاقتصاد في عهده قبل أن يستقيل ويترشح للرئاسة, وقالت إنه لا يعرف إن كان سيحقق أيضا إنجازات رئاسية سريعة. وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية, قالت أيضا إن فوز مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون بانتخابات الرئاسة, هو إنجاز هش في ضوء الانقسامات الحادة التي ظهرت في المجتمع الفرنسي, والتي كان من نتيجتها تأهل مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان للسباق الرئاسي النهائي. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 9 مايو, أن هناك أسبابا تقلل من أهمية فوز ماكرون, أبرزها أن العديد من الفرنسيين لم يدلوا بأصواتهم لصالحه, اقتناعا ببرنامجه السياسي, ولكن من أجل قطع الطريق أمام لوبان، فضلا عن وجود نسبة قياسية من الامتناع من التصويت (25.38%) والأوراق البيضاء والأوراق اللاغية (11.5%). وتابعت " الدور الثاني لانتخابات الرئاسة سجل نسبة قياسية من الامتناع من التصويت والأوراق البيضاء واللاغية, ما يعكس الانقسامات الحادة في صفوف الطبقة السياسية من ناحية, والتصدعات في المجتمع الفرنسي من ناحية أخرى". واستطردت الصحيفة " سباق الرئاسة أظهر أيضا أمورا أخرى خطيرة, من بينها انهيار حزبي اليمين واليسار, واتساع دائرة اليمين المتطرف". وكان مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون فاز بحوالي 66% من أصوات الناخبين بحسب النتائج الأولية للجولة الحاسمة من انتخابات الرئاسة الفرنسية التي أجريت في 7 مايو، بينما أقرت منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان بهزيمتها, واتصلت به هاتفيا لتهنئته. وبحسب تقديرات معهدي الاستطلاع "إيفوب" و"هاريس إنتراكتيف"، حصد ماكرون 65,5% و66,1% من الأصوات. وذكرت "رويترز" أن ماكرون (39 عاما) أصبح بذلك أصغر رئيس في تاريخ فرنسا مع تحقيقه فوزا كبيرا على مرشحة حزب الجبهة الوطنية (48 عاما). وماكرون -الذي لم يكن معروفا لدى الفرنسيين قبل ثلاث سنوات ويصف نفسه بأنه لا ينتمي "لا إلى اليمين ولا إلى اليسار"- استطاع هزيمة منافسته لوبان -التي نالت حسب أول التقديرات 33.9% إلى 34.5%- في ختام حملة انتخابية قاسية كشفت انقسامات عميقة في فرنسا. وفي أول تصريحاته بعد فوزه، قال ماكرون لوكالة الصحافة الفرنسية إن "صفحة جديدة من تاريخنا الطويل بدأت... صفحة لعودة الأمل والثقة من جديد". وبدورها، أشادت لوبان "بنتيجة تاريخية وكبيرة" لحزبها الجبهة الوطنية في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وقالت في بيان مقتضب إنها اتصلت بماكرون لكي تتمنى له "النجاح" في مواجهة "التحديات الكبرى"، معلنة أنها ستقود حزبها إلى الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو المقبل. وحسب "الجزيرة", اعتبر المسجد الرئيسي في باريس أن فوز ماكرون يعطي الأمل لمسلمي فرنسا بأن بوسعهم العيش في انسجام واحترام للقيم الفرنسية. وأشارت توقعات سابقة إلى أن جولة الإعادة بين ماكرون ولوبان ستشهد معدلات امتناع عالية عن التصويت، حيث لا يجد ناخبو اليسار أو المحافظون أنفسهم متحمسين لأي منهما، بينما يغيب للمرة الأولى منذ ستين عاما الحزبان التقليديان الاشتراكي والجمهوريون عن الجولة الثانية.