في شهر رجب كان الاحتفاء برحلتي الإسراء والمعراج ، وما فيها من دروس آيات وعبر ، حيث الجهر بالحق والثبات علي المبدأ والفرج بعد الكرب والصبر علي الابتلاء والثقة في الله والأمل فيما عند الله …!! كان الإسراء تسرية عنه صلى الله عليه وسلم ، وكان المعراج تكريما لقدرة وتقوية لقلبه وتسلية بنفسه " لنريه من آياتنا الكبرى " النجم ثم ها هو شهر شعبان يظلنا بنفحاته ، ويبشرنا بإضاءاته ، ويذكرنا ب عبره وعظاته ، كيف ؟ شهر شعبان يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله ربِّ العالمين، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهرٍ من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذاك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، وأحبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم" (حسن رواه النسائي). شهر شعبان فيه تدريبٌ وتهذيب، استعدادًا لموسم الطاعات، وسوق الحسنات، وملتقى الخير مع المؤمنين والمؤمنات، إنه انطلاقة بعيدًا عن جواذب الأرض، وعوادم الحياة ، يسير الإنسان ببدنه إلى خالقه بعد الإسراء، ويعرج المرء بروحه إلى رازقه بعد المعراج، يسموا بروحه فيفرح للقاء ربه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومَن كره لقاء الله كره الله لقاءه" فقيل له يا رسول الله كراهية لقاء الله في كراهية لقاء الموت فكلنا يكره الموت قال: لا إنما ذاك عند موته إذا بشر برحمة الله ومغفرته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإذا بُشِّر بعذاب الله كره لقاء الله وكره الله لقاءه". ويتقن عمله فيفرح برؤيته ربه.. " وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إلى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " التوبة ثم تأتينا محطة أخرى من محطات الدين، ودوحة أخرى من دوحات الإسلام، ومنحة أخرى من رب العالمين ، ذكرى تحويل القبلة، تطهير للنفوس المؤمنة، وتجرد القلوب المخلصة، وتميز الأمة الخيرة، وإسكات للألسنة المتطاولة، وإظهار للنفوس المريضة، وفضح لسفهاء اليوم وكل يوم .. " سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم * وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم " البقرة قيل المراد بالسفهاء هاهنا : المشركون ; مشركو العرب ، قاله الزجاج . وقيل : أحبار يهود ، قاله مجاهد . وقيل : المنافقون ، قاله السدي . والآية عامة في هؤلاء كلهم ، والله أعلم . الطريق الذي سلكه محمد صلى الله عليه وسلم كله أشواك وعقبات وابتلاءات ، لذلك فالذين يسيرون في طريقه و يسلكون مسلكه ، وينتهجون منهجه ويتمسكون بسنته سينالون نفس الابتلاءات ويتعرضون لذات العقبات ..!! " ولن تجد لسنة الله تحويلا " منافقين ، وحاقدين و سفهاء وعملاء لازالوا ينتشرون علي الطريق يشككون بأباطيلهم ، ويحقدون بسمومهم ، ويهدمون بمعاولهم ... وما أكثر سفهاء اليوم … لكن المؤمنين لا يبالون ... كيف ؟!! قال البخاري : حدثنا أبو نعيم ، سمع زهيرا ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، رضي الله عنه ; أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت ، وأنه صلى أول صلاة صلاها ، صلاة العصر ، وصلى معه قوم . فخرج رجل ممن كان صلى معه ، فمر على أهل المسجد وهم راكعون ، فقال : أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة ، فدارو كما هم قبل البيت . وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجال قتلوا لم ندر ما نقول فيهم ، فأنزل الله عز وجل" وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم " البقرة لذلك علي المؤمنين سرعة الاستجابة لأوامر السماء تمهيدا لقبول الدعاء " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يرشدون " البقرة جاءت الاية تعقيباً على جملةٍ من آيات الصيام، القرآن اشتمل على أربعة عشر سؤالاً، وكلها تبدأ ب(يسألونك) ثم يأتي الجواب ب(قل) إلا في آية واحدة (فقل) في سورة طه، إلا هذا الموضع الوحيد، فإنه بدأ بهذه الجملة الشرطية: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي " وجاء جواب الشرط من دون الفعل: قل، بل قال: "فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " فكأن هذا الفاصل مع قصره (قل) كأنه يطيل القرب بين الداعي وربه، فجاء الجواب بدون واسطة: " فَإِنِّي قَرِيبٌ" تنبيها على شدة قرب العبد من ربه في مقام الدعاء!. وهو من أبلغ ما يكون في الجواب عن سبب النزول لو صحّ حينما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: "أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟". اللهم بلغتا رمضان وفرحنا بالقرآن واجعل لنا ولوجا من باب الريان .... خميس النقيب alnakeeb28