لم تكن مناقشة مجلس النواب لقانون الاستثمار الجديد في جلسته العامة يوم الخميس 4 أبريل حسب ما نشر عنه، تشير إلى أنه صيغ بعناية شديدة لجذب المستثمرين الأجانب وضخ العملة الصعبة إلى داخل البلاد. انقسام الحكومة بشأنه والذي بدا جليا في الصراع بين وزيري المالية والاستثمار بصورة خاصة، وبقية وزراء المجموعة الاقتصادية عموما، ومعهم رئيس الحكومة الذي أراد أن يقوم بدور المطبباتي بينهم، تؤكد أن الجميع كان نائما في العسل، بمن فيهم الجهة التشريعية ممثلة في مجلس النواب، وأنهم مهمومون بقوانين أخرى تخص أعضاء هيئات بعينها كالقضاء مثلا والأزهر، إشباعا لغزيرة الانتقام ممن قالوا "لا" وأخواتها، للرئيس السيسي. كان واضحا من المناقشات أنه "سبوبة" وليس قانون استثمار، وأن الوزراء، وحتى أعضاء في مجلس النواب الذين تغلب عليهم صفة رجال البزنس، يطرحون مواده وكأنهم يقولون لها "آكلك منين يا بطة" مع أنه لا توجد بطة ولا يحزنون.. ويا مولاي كما خلقتني. لا أريد أن أعيد وأفسر وأشرح. المعني بهذا القانون أو المهتم بمناقشاته يمكنه الرجوع إليها في مواقع الصحف والمواقع الإخبارية التي تابعته وأبرزت الانتقادات التي وجهها رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال لانقسامات الحكومة بشأنه مطالبا بأن يتحدث باسمها متحدث واحد فقط. ما يعنيني هنا وما أريد أن أضع يدي عليه، هو الجرح الغائر الذي نعانيه متجسدا في الاختيار بين أهل الثقة وليس أهل الخبرة. هذا حاصل في كل حكومات ما بعد ثورة يناير للأسف الشديد، وفي مجلس النواب إذا اعتبرنا – وهذا صحيح إلى حد كبير – أنه جاء بالاختيار في المقام الأول، أو نقولها على بلاطة، هو اختيار الأجهزة الأمنية كما صرح غيري مرارا وتكرارا. لذلك قرأنا هذا الغث بشأن قانون الاستثمار حتى أن المعلقين في وسائل التواصل الاجتماعي وهم أكثر حرفية وشجاعة منا نحن الإعلاميين المحترفين، سخروا بأنه قانون لمستثمري الداخل وليس الخارج، وأن نفوذ كل منهم تداخل بشدة في المناقشات لأكل أكبر جزء من البطة. يبقى أننا بحاجة إلى رئيس وزراء قوي مع احترامنا للمهندس شريف اسماعيل، لكنه للأسف لا يدرك قيمة منصبه في الدستور، وأنه تقريبا يحوز على نصف صلاحيات رئيس الجمهورية، ومنصبه وحكومته لا يجوز أن يكونا في موضع سكرتارية الرئيس. هذا جعله غير قادر على السيطرة على وزرائه، لأنه يعتقد أن الآمر والناهي أعلى منه في هرم السلطة، وأنه ووزراءه مجرد متلقين للتوجيهات. وهنا استعير ما صرح به المهندس أحمد السجيني رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب للمحررين البرلمانيين ونشرته المواقع الإخبارية الجمعة 5 أبريل، بأن قدرة رئيس الحكومة على التواصل والتنسيق والتأثير على وزرائه ضعيفة، وتنعكس سلبا في النهاية على الأداء، وقد تولدت لدى قطاع كبير من النواب بأن أداء رئيس الحكومة في مواجهة الملفات المتشابكة منخفض جدا، والمعيار الزمني مفقود، والأدوات مطموسة، وميزان الأولويات مختل. رئيس الوزراء "رجل طيب".. هل هذا يكفي أو يفيد؟! [email protected]