منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الريس سوسن" تزاحم الرجال في "صيد" الرزق
نشر في المصريون يوم 30 - 04 - 2017

"الجميلات هن القويات.. يأس يضئ ولا يحترق الجميلات هن الفقيرات.. كالورد في ساحة المعركةْ"، غزل عفيف في المرأة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، ربما يصور حال سيدة قهرت الفقر واصطادت الحياة بشباك الإرادة من جوف النيل.
وأفردت وكالة الأناضول، تقريراً عن حياة الريس (لقب يمنح للصيادين بمصر) سوسن عبد الحميد عطيه (49 ربيعاً)، تناول مزاحتمها للرجال في مهنة صيد الأسماك بنيل محافظة أسيوط
وجاء في التقرير أن "سوسن لم تكن تدري حين وصلت سن العاشرة، وهي تحتضن بين أصابعها شباك صيد، ترميها في النيل فتسحبها مليئة برزق حلال، أن تلك اللحظات هي بداية مشوار طويل في الحياة على مركب خشبي يطفو بها فتغدو خماصا وتروح بطانا".
بطعمة، إحدى قرى مركز البداري في أسيوط، عاشت سوسن، في كنف أبيها الذي تركها وهو مكبل بقيود السجن إثر خصومات أهلية يُعرف بها أهل الصعيد (جنوب)، وفي رقبتها 6 شقيقات وشقيق في نعومة أظافره، لم تكن أكبرهم سناً لكن ظروف الحياة أجبرتها على أن تكون العائل الوحيد للأسرة.
ورغم الموروثات القاسية، التي كانت تمنع المرأة، أن يرى طرفها الرجال في صعيد مصر المعروف بمحافظته الشديدة، خرجت سوسن للعمل ولم يكن لديها سبيل للرزق سوى جوف النيل.
تقول "أنا كالجبل لا أكل ولا أمل مهما تحاملت علي الصعاب، أظل صامدة، فلا يوجد من يقوى على الهم بعائلتي سواي".
ظروف الحياة الموحشة فرضت عليها حمل الشباك وركوب المياه وسط الرجال، فوجدت نفسها وسط نهر النيل الواسع.
قبل ما يقرب من 37 عاماً كانت تأتي هنا في صحبة والدها تظنه يحميها إذا غدر بها النهر أو طمع في أنوثتها أحد الصيادين، ويحميها من لوم أسرتها عندما يعودا معاً دون رزق، أما اليوم فهي تواجه ذلك بمفردها.
فى خيوط الشباك كان الكنز الحقيقي الذى باتت تنتظره بشغف بتلك الكميات الوفيرة التى يرسلها لها الله يومياً، كما تُصَّبر نفسها في اللحظات التى يبخل عليها النيل وتتوقع يوماً ما سيغنيها الله عن هذه اللحظات الصعبة.
لم يعلمها البحر الصبر فقط، وإنما المواجهة كذلك، وتقول "في البداية اعترض أقاربي على امتهاني الصيد، لكن لم يكن هناك بديل للعيش والانفاق على الأسرة فاستسلموا لرغبتي، ووالدي شجعني أنا وشقيقتي".
كان مركبها الشراعي الصغير يشق مياه النيل كل صباح، يحملها وشقيقتها سهام.. قويتان لا تهابان الرجال ولا المياه.
"بسبب شدتي وحزمي في المعاملة.. الناس تعاملت معي على أني رجل.. لم يتفوهوا أبدا بكلمة سيئة في حقي.. كانت حياتي قصة فخر في أحاديث القرى المجاورة"، هكذا تضيف سوسن، وفي عينيها تسطع الإرادة وتلمع العزيمة.
وتتابع "منذ كنت طفلة تحملت مسؤولية أشقائي، ولما كبرت وتزوجت تحملت مسؤولية زوجي المريض حاليا وأولادي ال 10".
قصة زوجها كانت درامية أيضاً، جاءت بعد إصرار على ارتباط بمن ترفضه الأسرة وتحبه هي.
وبعزيمة الرجال في الشدائد ساندت رفيق الحياة، وبعد أسبوعين من الزواج طلبت منه أن يشتري شباكا ويستأجر مركبا.. كانت تمد له يد العون وقتما يلقى الشباك أو يجمعها، تساعده على قدر أنوثتها، وتمنحه أيضاً بعضاً من دفء الحياة.
تقول سوسن "كنت أنا وزوجي نعمل يداً بيد من أجل تربية 6 أولاد و 4 بنات وهبهم الله لنا، لكن شاء القدر أن أكون العائل ثانية وأحمل الشباك بمفردي وأحل محل زوجي الذي يعاني من حصوات في الكلى منذ 11 عاما".
وحول تفاصيل رحلة الصيد اليومية، توضح وفي عينيها إرادة لا يمتلكها رجال، "أستيقظ أثناء قرآن الفجر وأوقظ ابني مدحت التلميذ في الصف الخامس الابتدائي ونذهب لمركبنا المستأجر في النيل، أقف على حافتها أرمي الشباك ويجدف مدحت، نعود للمنزل ظهرا في موعد الغداء ونعيد الكَرَّة مرة تانية بعدها حتى مغيب الشمس".
وتستطرد "يمكن خلال اليوم أن نصطاد 3 أو 4 كيلوجرامات نبيعها، لننفق من ثمنها على متطلبات المنزل في اليوم التالي.. أحاول أن أوفر بعضا من هذا المال البسيط لعلاج زوجي المريض، وأحيانا أعمل ليلا وأبيت في النيل حتى الصباح".
وموضحة تكاليف عملها، تشير إلى أن "إيجار مركب الصيد يتراوح ما بين 10 و15 جنيها (أقل من دولار) في اليوم الواحد، وأحيانا يصل 30 جنيها، وقد يرفض صاحبها تأجيرنا إياها في موسم الصيد".
لا يصب الرزق في الشباك كل يوم، كما توضح سوسن للأناضول، مضيفة "أعمل أياما طوال النهار دون أن نصطاد سمكة واحدة، والرزق حسب اليوم، في الصيف أحيانا كنت أرجع البيت دون صيد نهائيا، واُخرى كنت أبيع ب 10 جنيهات أو 5 وأحيانا 20 واُخرى 100 جنيه حسب الرزق".
ومع ذلك تؤكد الريس سوسن، أنها لن تترك الصيد حتى وإن بخل عليها النيل.
حتى مع آلام حملها كانت تنزل بحثاً عن الرزق في النيل، وفي حالات ولادة 9 من أبنائها كانت تلد مباشرة بمجرد خروجها من المركب وبعد 3 أيام فقط من الولادة تعود للصيد مرة أخرى.
غير أنها ذكرت "أما ابني مدحت ولدته بينما كنت أصطاد، كانت معي ابنتي الكبرى صفاء وخلعت جلبابا أرتديه ولففت فيه وليدي ورجعت البيت، وبعد 3 أيام عاودت العمل".
**ركود يلتهم سمكة الفقير
واجهت سوسن مراراً جشع تجار السمك، حينها كانت تولي وجهها عنهم وتبيع ما تصيد بنفسها في الأسواق، غير أن حالة الركود الاقتصادي الذي تشهده مصر حالياً أثرَّت أيضاً عليها، وتآكل ربحها الزهيد.
وتطالب الريس سوسن، المسؤولين في مصر، النظر إليها ومساعدتها في التغلب على متاعب الحياة، بعد مرض أغلب أبنائها وإصابة بعضهم في العمل، بجانب مرض زوجها المزمن. لكنها تؤمن أنه على هذه الأرض أيضا، هنا في مصر وفوق مياهها، ما يستحق الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.