أهم قضية – بل أهم مشكلة تواجه العالم العربي والإسلامي – تواجه العرب والمسلمين هي قضية فلسطين ، فهل يمكن تحريرها . لا تقلق أخي المسلم . نعم ببساطة شديدة يمكن تحريرها . قد يقول قائل كيف يمكن تحريرها ، وإسرائيل أقوى دولة عسكرياً في المنطقة ، بل إن الغرب جعل جيشها أقوى من كل الجيوش العربية مجتمعة ، وكذا فإن وراءها الجيش والاستخبارات الأمريكية والنفوذ في مجلس الأمن ، والفيتو وهلم جراً . هذا كله صحيح ، ولكن من قال أصلاً أن تحرير فلسطين سوف يكون عن طريق القوة العسكرية . الأمر ببساطة ، أننا لو دعونا كل اللاجئين الفلسطينيين ، وكل العرب وكل المسلمين وكل أحرار العالم ، للزحف سلماً على فلسطين من سوريا ولبنان والأردن ومصر ، وهب أنه تجمع عدة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين ومثلهم من العرب ومثلهم من المسلمين وعدد من أحرار العالم ، وزحفوا إلى فلسطين سلماً ، فمن يستطيع أن يمنع 50 مليون أو حتى عشرة ملايين من الوصول واجتياز الحدود ودخول فلسطينالمحتلة سلماً ، هل يمكن أن تقتل القوات الإسرائيلية مليون مثلاً ، من وجهة نظري لا يمكن ، فالعالم رغم أن ضميره مطاط ، فإن المطاطية لا تصل إلى قتل الملايين الزاحفين سلماً ، هذا أمر فوق طاقة البشرية ، ومن ثم فلو دخلت هذه الملايين إلى فلسطين سلماً لتحررت فلسطين فوراً . والحقيقة إنني أدعو إلى هذه الفكرة منذ ثمانينيات القرن الماضي ، وكتبت في ذلك مقالات وكتب وحوارات تليفزيونية دون أن يستمع إلى أحد ، بل إن العجيب والغريب أن الذين كانوا يسخرون من الفكرة أو يسفهونها كانوا هم الزاعمين بأنهم يريدون تحرير فلسطين ، فالإيرانيون مثلاً الذين يزعمون أنهم يدعمون حزب الله وحماس والجهاد الفلسطيني ، أكثر الناس معارضة للفكرة ، لأنها تفسد عليهم سبوبة الزعم بأنهم يتصدرون الصفوف في مواجهة إسرائيل ، وكذلك الحركات الإسلامية والقومية والوطنية ، ويبدو أن سبوبة فلسطين كبيرة جداً ، لدرجة أنهم لا يريدون إلا طريقتهم التي فشلت منذ عام 1948 وحتى الآن حتى تستمر السبوبة والحقيقة أن هذه الفكرة ليست فكرتي ، بل هي نتيجة التأمل في القرآن الكريم . يقول الله تعالى في سورة الإسراء " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا " . إذن هذه السورة تتحدث عن المسجد الأقصى وما حوله أي عن القدس وما حولها أي فلسطين كلها . وفي الآيات " وقضينا إلي بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً ، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً ، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً ، عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً " . الآيات تتكلم عن علو وإفساد لبني إسرائيل مرتين وهو ما لم يحدث في التاريخ حتى الآن ، إلا هذه المرة ، لأن العلو الأول الذي حدث في عهد نبي الله سليمان ، كان علواً فقط بدون إفساد ، لأن سليمان نبي معصوم ، وكانت بني إسرائيل ساعتها ليست فاسدة ولا كان ملك سليمان فساداً ، إذن نحن أمام أول حالة علو وإفساد معاً لبني إسرائيل . وهكذا فإن الله " فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً " أي جاسوا بمعنى مشوا وليس قاتلوا أو هذا هو المعنى المباشر لكلمة جاسوا ، فلماذا نخرجها عن معناها المباشر والعباد الذين سيبعثهم الله ليجسوا خلال الديار أولي بأس شديد ، أي صابرين يتمسكون بالصبر . وحتى لو أخذنا بتفسيرات أخرى بمعنى أننا في حالة الإفساد الثاني ، فالأمر سيكون كما دخلوه أول مرة أي جاسوا مرة أخرى ومشوا وهكذا فالحل بسيط هو الزحف بالملايين سلماً على فلسطين ، ولكن أصحاب السبوبة لا يريدون أن يستمعوا إلى هذه الفكرة ولا حول ولا قوة إلا بالله