في المرحلة الابتدائية كان مدرس اللغة العربية الاستاذ عوض المسيحي يأمر كل الفصل بالوضوء لأن حصة اليوم هي نص قرآني ومازلت أذكرصوته وهو يقرأ " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ .." وفي المرحلة الاعداية قامت مدرسة التربية الفنية الاستاذه ميرفت المسيحية بضرب زميلي لأنه أقسم بالقرآن كاذباً فأخذت تصرخ في وجهه وهي تقول " تحلف كذب بالقرآن الكتاب المقدس يا كذاب وانهالت عليه ضرب بشكل هيستيري .." وفي فترة المراهقة انقذ زميلي عادل المسيحي فتاة مسلمة سقطت في النيل وبعدها استظرف صديقي أحمد وقال له يا محظوظ حملت البنت بايدك فصفعه عادل على وجهه وقال له اعتبرها أختك .. أذكر هذا كله، ثم أسافر بذاكرتي لسنوات أقرب، حين دخلت محل تصليح أحذية – أعزكم الله – فقال لي صاحب المحل: لو تريد محل فلان فهو في آخر الشارع! حينها استغربت، وسألته منكراً: ألا تصلح الأحذية؟! قال: نعم، ولكن..!! فنظرت فإذا صورة العذراء خلفه، وبعض الصور والأيقونات المسيحية، ففهمت الرسالة، ولكني جلست.. عندها تذكرت صديقي الذي نصحني أن اشتري من محال المسلمين لأنهم أولى.. وقد استنتجت أن صديقي هذا له شبيه في "الجانب الآخر"؛ لأن كل الزبائن الذين دخلوا محل هذا الإسكافي المسيحي كانوا مسيحيين.. عرفتهم من الهيئة والصليب.. جلست في المحل وقد بدا الرجل مرتبكاً جداً، حيث أني شرعت أشاهد التلفاز معه وكان يشاهد قناة مسيحية. حاول تغيير القناة بارتباك، ولكني قلت له: أنا ضيفٌ ولا أريد أن أزعجك.. بعدها دخل طفل صغير، يبدو أنه ابن صاحب المحل. سألته عن اسمه، قال: اسمي "كيروليس".. لسبب ما، تذكرت صديقي المسلم الذي رزقه الله بطفل سماه "حنظلة".. ولا أعرف سر انزعاجي من هذا، برغم حبي للتراث والصحابة، وقد أكون مخطئاً تمامًاً في انزعاجي هذا. المهم، انتهت المهمة ودفعت الحساب. و بينما أنا في الطريق رأيت المحل الذي أشار إليه أبو "كريلوس".. كانت هيئة جميع الزبائن تشير أنهم مسلمون، والأغرب أنهم كانوا يشاهدون قناة دينية في حين كان المسجد المجاور يقيم لصلاة العصر ولم يتحرك منهم أحد . وأنا أدعوعلماء الاجتماع وعلماء التاريخ لقراءة هذة المؤشرات في مخططات تقسيم الوطن , فلم تعد أسماءنا متشابهه ولا قنواتنا ولا ملابسنا هذا فضلاً عن الأثر السياسي، وحالة الاستقطاب التي نعيشها: فلأول مرة في التاريخ المصري يوجد لوبي من أقباط المهجر ينصب نفسه للتحدث باسم المسيحين ، ويظهر لوبي متشدد يخلط أوراق اللعب في محاولة ابتزاز حقيرة يستهدف فيها كنائسنا وأصدقاءنا وزملاءنا بمبررات أحقر من أن يراق من أجلها كوب ماء . وأنا أدعو علماء الاجتماع أن يقوموا بدراسة هذه الظواهر التي أراها غريبة وحديثة على المجتمع المصري، وأسأل الله أن أكون مفرطاً في سوء التقدير! ويا استاذي المسيحي " عوض " - متعك الله بالصحة والعافية – أنا مازلت أتوضأ قبل أن أقرأ القرآن كما علمتني . واهدي الجميع رسالة وصلتني من المهندس محمد الذي يعمل في ماليزيا، حيث عشرات الأديان والأعراق والمذاهب، فيقول " نحن أفضل من ماليزيا ولا ينقصنا سوى العدل وروح التعايش " .. فقلت وماذا ابقيت لنا ؟! [email protected]