«الله محبة.. أحبوا أعداءكم.. باركوا لاعنيكم.. أحسنوا إلى مبغضيكم.. وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم».. كلمات مقتبسة من الإنجيل، يضعها عماد سمير رياض، 40 عاماً، على حائط محل الذهب الذى يمتلكه، فى منطقة الصاغة بمدينة دمنهور، عاصمة محافظة البحيرة: «بقالنا سنين هنا فى الصاغة، مفيش حاجة اسمها مسلم ومسيحى، وزباين المحل كلهم مسلمين» بهذه الكلمات بدأ عماد سمير حديثه، مضيفاً: «عندى زباين مسلمين، بييجوا يشتروا دهب مرسوم عليه نقوش مسيحية عشان يهدوها للمسيحيين فى الأعياد، ودى ظاهرة باشوفها من أول ما اشتغلت فى مجال الدهب». يُقبل على محل عماد عشرات من المسلمين لشراء ذهب «الشبكة والزواج»، فلا يهم المشترى ديانة البائع ولا يهم البائع ديانة المشترى، فالسمعة الطيبة والتعامل الحسن مع «الزبون» هما ما يدفعه للإقبال عليه. يحرص «عماد» كل عام على تهنئة زملائه فى المهنة وزبائنه المسلمين كل عام، كما يقوم بتوزيع هدايا على زملائه المسلمين والمسيحيين، لكن هذا العام جاء عيد المولد النبوى مع أعياد الميلاد المسيحية، فخصص صاحب محل الذهب هدايا ومطبوعات عليها كتابة إسلامية ليهديها إلى أصدقائه وزبائنه المسلمين، كما خصّص هدايا ومطبوعات مسيحية ليهديها إلى زملائه وأصدقائه المسيحيين، يقول «أنا لا أفرّق بين مسلم أو مسيحى، الأديان جوهرها المحبة، وأنا أتعامل بالحب مع كل الناس، مسلمين أو مسيحيين». ومثل «عماد» يشتهر عدد كبير من المسيحيين بالعمل فى مجال الذهب، وبعض المهن الأخرى كالطب والنجارة. كيرلس وجدى، أحد أطباء القلب والأوعية الدموية، يعمل فى مركز مجدى يعقوب لأمراض القلب، ورفض أن يفتح عيادة خاصة كباقى الأطباء، يقول الطبيب: «محدش بيسألنى عن ديانتى أو اسمى فى المركز اللى أنا شغال فيه، وأنا باتعامل مع الناس كلهم زى بعض، مفيش فرق عندى بين مسيحى ومسلم، وكل المرضى اللى باعالجهم باتعامل معاهم على أنهم بشر، والمرضى المسلمين لما بيعرفوا إنى مسيحى، بيدعوا لى إن ربنا يحمينى». ورشة صغيرة لصناعة الأخشاب يعكف فيها بمهارة مايكل حنا على قطعة خشب، «حنا» الذى يعمل نجاراً منذ عشرين عاماً، محبوب وسط المكان الذى يعمل به فى مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، يقول: «المهنة دى أعشقها وورثتها أباً عن جد، أتعامل مع إخوتى المسلمين وكل الزبائن عندى مسلمين، بيننا أمانة فى التعامل وإتقان للشغل، ولو ماكانتش سمعتى طيبة وسط الناس هاقفل الورشة عشان محدش هيجينى». «مايكل» الذى يحترف صُنع منابر المساجد الخشبية يقول: «كثير من أهل الخير كانوا بيجونى عشان أعمل منبر جامع، كنت باتفنن وأنا باعمله على طراز إسلامى، وباجيب كل المستلزمات، وكنت باكرمهم فى السعر، وماباتعاملش معاهم بسعر سياحى، كنت بس باخد أجرتى ومابادققش فى الفلوس». مهن أخرى يشتهر بها المسلمون، منها الجزارة وبيع الدجاج، فيقبل عليهم زبائن من المسلمين والمسيحيين، فى أحد محلات الجزارة بمنطقة وسط مدينة دمنهور يجلس الحاج أحمد عقدة فى محل الجزارة يستقبل زبائنه من المسلمين والمسيحيين، هذه الأيام ذبح «عقدة» وجهز بعض المواشى من أجل أعياد المسيحيين، يقول: «كل سنة فى الأيام دى باعمل حسابى أن المسيحيين عندهم عيد، فبادبح عجول أكتر، السنة دى موسم المولد النبوى جه مع أعياد المسيحيين، فعملت حسابى أدبح عدد أكبر عشان ألبى رغبة الطرفين». يشير الرجل إلى أنه طوال عمره فى المهنة التى يعمل بها منذ أكثر من ثلاثين عاماً يتعامل مع تجار كبار فى المواشى وأصحاب مزارع ويأتمنون المسلمين فى التجارة، كما يأتمنهم المسلمون: «أنا طول عمرى باخد البضاعة بالعدد اللى أنا عايزه من مزرعة ملك لواحد مسيحى، مابياخدش منى فلوس كاش، وبعد لما بادبح وأخلص وأبيع بابعت الفلوس على حسابه فى البنك، من غير ما أمضى على ورقة، وده يبين قد إيه نوع الثقة اللى بينا وبين بعض». لا يختلف الوضع كثيراً فى محل «الفرارجى» سلامة شوقى فى مدينة دمنهور أيضاً، يقول: «السنة دى أنا زودت البضاعة اللى فى المحل، عشان ده موسم كبير للمسلمين والمسيحيين، زباينى كتار من المسيحيين، وماباتعاملش معاهم بمبدأ مسلم ومسيحى كلنا مصريين». ملف خاص: فى الجنائز: للمسلم «كفن» يؤويه .. وللمسيحى «لحن» يشيعه فى المولد والميلاد: «كيرلس» بيحب «التونى».. و«أحمد» بيسمع ترانيم محمد والمسيح.. «ولد الهدى وبالناس المسرة» فى المواريث: الدين لله.. والتركة للعرف فى الصوم: من «رمضان» إلى «يونان النبى»: إفطاراً شهياً مكوجى الدقى: إذا اجتمع العيدان فالأولوية لملابس الزبون الدائم فى السبوع: الله أكبر.. أجحدك أيها الشيطان مسلم قال لمسيحى بيحتضر: قول الشهادة.. قال له: ليسانس آداب كنائس للمسلمين: شكراً لله.. وللقديسة تريزا فى الزفاف: هنا «كتب كتاب».. . وهنا «إكليل» «مارينا وحنان»: صداقة فى حضن «الآباء اليسوعيين»