تُعتبر الولاياتالمتحدة اللاعب الخفي في أزمة سد النهضة، التي تخشى مصر من تبعاتها، حيثُ تُمثل حلقة الوصل بين إثيوبيا وإسرائيل. وذهبت تقارير صحفية إلى أن للولايات المتحدة دورًا كبيرًا في تحريك إثيوبيا وتحريضها على بناء سد النهضة بالمواصفات الموجودة حاليًا والتي تعتبر خطيرة جدًا، خصوصًا وأن السعة التخزينية الحالية لسد النهضة تعتبر "مدمرة" لمصر والسودان. وعول خبراء على اللقاء الذي جمع مؤخرًا بين الرئيس عبدالفتاح السيسي بنظيره الأمريكي دونالد ترامب، في وساطة الأخير في الملف، الذي تعقد بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، مع استمرار أديس أبابا في تشييد السد. وقال الدكتور نور عبدالمنعم، خبير المياه، إن "القضايا الأساسية التي ناقشها السيسي وترامب أكبر بكثير من قضية سد النهضة"، معتبرًا أن "أزمة السد فرعية ولا تعد مشكلة تستحق كل هذا الضجيج". وأوضح عبدالمنعم ل "المصريون"، أن "ترامب والسيسي يشغلهما "الإرهاب" والقضية الفلسطينية"، مضيفًا: "الجانبان لا يشغلهما سد النهضة في شيء، وأعتقد أن أمريكا ليس لها علاقة بالأمر من قريب أو من بعيد". وتساءل الخبير المائي حول ما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه لمصر في هذا الملف تحديدًا؟، لافتًا إلى أن الحلول التي كان يمكنها تقديمها كانت منذ 4 سنوات أو أكثر، حين كانت إثيوبيا لاتزال في البداية وتضع مقاييس السعة التخزينية الجديدة للسد. وأشار إلى أن الأمر "متأخر جدًا"، فالدور الكبير الذي يمكن للولايات المتحدة أن تلعبه كان من البداية، وكان الأمر سيكون محدودًا أيضًا. وتابع: "حتى الآن الأمور لا ترتقي لتدخل الولاياتالمتحدة في الأزمة فهناك ملفات سياسية أعمق بكثير من أزمة سد النهضة". في السياق، قال الدكتور أيمن شبانة، المتخصص في الملف الإفريقي وسد النهضة، إن "العلاقات السياسية بين مصر والولاياتالمتحدة حاليًا تسمح بحل العديد من الإشكاليات والقضايا التي تواجه البلدين، فمصر لديها ملفات خاصة وشائكة منها "الملف الإثيوبي"، كذلك فإن أمريكا يهمها التخلص من الإرهاب بأي طريقة". وأوضح شبانة ل "المصريون"، أن "القضية الأساسية حاليًا هيّ إيجاد أي وسيلة للتأثير على إثيوبيا"، لافتًا إلى أن "هناك دول عدة يمكنها تعديل المعادلة التي تميل على مصر، ومن تلك الدول الولاياتالمتحدة ودول الخليج". وأبدى شبانة، تفهمه لأي محاولة تُحل بها الأزمة الحالية، معتبرًا أن مصر عليها التعامل مع جميع الحلول للأزمة، بما في ذلك طلب وساطات الدول الأخرى. من جانبه، قال الدكتور أحمد الشناوي، أستاذ السدود الدولي، إن الولاياتالمتحدة ليس لها دخل من قريب أو بعيد بسد النهضة، لكن اللاعب الأساسي هي إسرائيل وهي من تمارس ضغوطا على إثيوبيا لزيادة السعة التخزينية للسد. وأعرب الشناوي ل "المصريون" عن اعتقاده بأن الرئيس السيسي لم يناقش مع ترامب أي شيء يخص أزمة سد النهضة، لأن "أمريكا إذا تدخلت ستكون ضد مصر وليست لصالحها، وهي مثل إثيوبيا لا أمان لها ولا عهد".