لا أجد حتى الآن سببًا مقنعًا، لحاجة الرئيس السيسي الدائمة، لسفر وفود لتأييده، في كل زيارة له خاصة لأوروبا الغربية والولايات المتحدة! هذه الظاهرة، لفتت الإعلام الغربي، طبعًا لغرابتها، فهي لم تُعرف إلا مع القذافي، حين كان يصحب معه خيمة؛ لتُنصب له في حديقة قصور الضيافة، ويربط على مدخلها جملًا.. وفي إحدى زياراته أهدى شاعر شعبي ليبي، سيارة فارهة، بعدما استقبله بأغنية مديح له تقول "يا شريب حليب الناقة"! وفي عام 2009، أثناء زيارته لنيويورك، كان القذافي يبحث عن أرض لينصب فيها خيمته البدوية، وفشل في تأمين مكان في متنزه "سنترال بارك" في "مانهاتن"، في الجانب الشرقي العلوي، وفي "أنغليوود بنيوجيرسي". وعقدت الحكومة الليبية، على أثر ذلك، صفقة لنصب الخيمة الشهيرة في مزرعة "سفن سبرينغس" التي تعود ملكيتها ل"ترامب"، وتقع في ضاحية "بدفورد" في نيويورك، إلا أن القذافي لم يقِم بالخيمة. في مقابلة تليفزيونية، قال ترامب أثناء حملته الانتخابية "لا تنسوا، أنا الوحيد فقط، جنيت مالًا كثيرًا من القذافي إذا ما تتذكرون، جاء إلى البلاد وكان عليه إبرام صفقة معي لأنه كان بحاجة إلى مكان للإقامة"، وقال إن العقيد الليبي "دفع لي ثروة، ولم يقم هناك، وأصبح الأمر مزحة كبيرة". وفي تقديري أن المسألة في الحالة المصرية لا تفرق كثيرًا: القذافي أنفق ثروة كبيرة من أجل "المنظرة"، ولفت الانتباه إليه، في سفرياته الخارجية.. ومصر أيضًا تنفق الملايين من أجل "المنظرة" ولفت الانتباه للرئيس "المؤيد".. وفي كلتا الحالتين دخلت الأموال جيوب الأمريكيين، وسط قهقهات وضحك ونكات وسخرية. يقولون إن الإخوان هم السبب.. يفتعلون الشوشرة والمظاهرات المسيئة للسيسي، في كل زيارة له لأوروبا أو لأمريكا! وهذا يحدث لكثير من زعماء العالم.. الرئيس الأمريكي "بوش الابن" ضُرب بالحذاء في بغداد.. وفي يناير من العام الجاري صفع شاب رئيس الوزراء الفرنسي السابق، "مانويل فالس"، أثناء جولته الانتخابية.. وضرب إيطالي رئيس الوزراء الإيطالي "برلكسوني" وكسر أنفسه.. وعندما غرقت العبارة "سول" في كوريا الجنوبية، صفع والد أحد التلاميذ الغرقى، رئيس الوزراء على وجهه، ولم يرد الأخير بل ظل منحنيًا، ومعتذرًا ليقدم بعدها استقالته.. وهو الذي جعل من كوريا الجنوبية، الدولة رقم 7 ضمن أقوى اقتصاديات العالم. النماذج تلك تشير إلى أن المسألة تتجاوز الشوشرة والحشود والمظاهرات.. تتعداها إلى الاعتداء والضرب وكسر الأنف.. ولم تلجأ السلطة إلى حشر الإعلاميين والفنانين ورجال الأعمال والكنائس ورجال الدين، لتنظيم مظاهرات تأييد لهذا الرئيس أو ذاك. ما يحدث من الإخوان في الخارج ضد السيسي، هو من المواقف المتوقعة والعادية، فالعلاقة بينهما علاقة عداء صفرية.. وإذا كان الإخوان ليس بيدهم إلا الشوشرة والمظاهرات وإثارة المتاعب.. فإن السيسي يختلف، لأنه الآن هو صانع القرار، ومن العبث أن يواجه أنصاره الإخوان الشوشرة بشوشرة أو المظاهرات بمظاهرات.. ولكن عليه أن يقدم للرأي العام من إنجازات تقنعه بأنه أي السيسي هو الأفضل. [email protected]