فى اليوم التالى لإعلان الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، وصول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المعروفة إعلاميًا باسم اتفاقية "تيران وصنافير" إلى البرلمان، ولقاء مساعد وزير الخارجية المصرى لأمير الرياض، أعلنت شركة "أرامكو" السعودية أكبر منتج للنفط فى العالم عن عودة إمدادها النفطية لمصر والتي تم قطعها منذ أربعة أشهر. وأعلن المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، أنه تم الاتفاق على استئناف شركة "أرامكو" شحنات المنتجات البترولية وفقاً للعقد التجارى الموقع بين هيئة البترول والشركة وجار حاليًا تحديد البرامج الزمنية لاستقبال الشحنات تباعًا. وقبلها بساعات، صرح رئيس مجلس النواب، بأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وصلت للمجلس، قائلاً إنه سيتصدى لها وفقًا لاختصاصاته الدستورية. وأعلنت الصحف السعودية، استقبال الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض مساعد وزير الخارجية المصري خالد يسري, والوفد المرافق له، والحديث عن بعض الموضوعات المشتركة. وتسبب النزاع بين الحكومة المصرية وقضية رفعها عدد من المحامين والنشطاء السياسيين برفض اتفاقية التنازل عن جزيرتى وتيران وصنافير فى وقف شركة "أرامكو" السعودية الحكومية الشحنات التى كانت تعطيها إلى مصر بتسهيلات كبيرة. وتأزم الموقف بعد أن حكمت محكمة القضاء الإدارى ببطلان الاتفاقية إلا أن الحكومة المصرية رفعت دعوى أمام المحكمة الدستورية وأحالت الاتفاقية للبرلمان بعد أن وافقت عليها، وقالت إن البرلمان هو من سيقرر صحة الاتفاقية من عدمه. وقال وزير البترول، إن الاتفاق مع "أرامكو" مازال ساريًا بعدما أفادت الشركة بأن تأجيل الشحنات كان لظروف تجارية خاصة بها فى ظل المتغيرات التى شهدتها أسعار البترول العالمية فى الأسواق خلال الفترة الماضية وقيام السعودية بتخفيض فى مستوى إنتاجها من البترول وتزامن ذلك مع أعمال خاصة بالصيانة الدورية لمعامل التكرير. وقال الدكتور زياد عقل الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن "الجزيرتين ليستا أحد أبعاد الأزمة الكبيرة بين مصر والسعودية، وإنما الأساس فيها هو موقف مصر من الشأن السورى، ومن استمرار بشار الأسد وهو المغاير للموقف السعودي، بجانب ما حدث فى مجلس الأمن من التصويت على مشروع قرار تعارضه السعودية". وأضاف ل"المصريون": "المصالح بين مصر والسعودية أكبر من موضوع تيران وصنافير، وشحنات النفط كانت ستعود بمرور الوقت، خاصة وأن النظام السعودى أدرك أن مصالحه عسكريًا مع مصر، وأن تلويح النظام المصرى بالتعامل مع إيران بعد زيارة وزير البترول المصرى واللجوء إلى ليبيا لتدبير الاحتياجات الأساسية من النفط". وأشار إلى أن "توازنات القوى داخل مصر هى التى ستحدد العلاقة فى التعامل مع قضية تيران وصنافير"، متوقعًا أن "تحدث أزمة إذا ما وافق البرلمان على سعودة الجزيرتين لأنه بذلك سيخالف السلطة القضائية ويؤكد علو السلطة التشريعية عليها". من جهته، قال سعد عبود البرلمانى السابق، إن "ربط الأحداث المتلاحقة من إعلان رئيس مجلس النواب عن تحرك خلال أيام الاتفاقية لنظرها من قبل لجنة مختصة، وذهاب وفد مصر إلى السعودية، ثم عودة شحنات النفط البترولية التى أوقفتها السعودية ينبئ بأن هناك أمرًا يحدث فى الخفاء قد يحقق للسعودية رغبتها فى الحصول على الجزيرتين مقابل النفط". وأضاف ل"المصريون": هناك حكم بات نهائي يقول إن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان، وبالتالى نظر البرلمان الاتفاقية رغم وجود الحكم يعد التفافًا على المحكمة، وهذا سيكون مخالفًا للدستور وضد إرادة الشعب المصرى، ويؤكد عدم احترام الحكم القضائى الذى يعد عنوان الحقيقة". ووصف عبود، مجلس النواب ب "الهش والضعيف"، وقال إن "غالبية نوابه فى قبضة النظام ولن يتوانى عن اتخاذ قرار باعتبار أن الجزيرتين سعوديتان وإنزال الصفة المصرية عنهما". وشدد على أنه "لا يجوز اقتطاعة والتفاف على أحكام القضاء النهائية الباتة، وأن الأمور تنذر بالأسوأ فى ظل إصرار النظام على خلق مناخ سيئ بين أفراد الشعب يشوبه الاحتقان وظهر ذلك فى مظاهرات رغيف العيش".