جاء التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في مصر، والتي أبرزت خلاله عدة وقائع اعتبرتها مناهضة لحقوق الإنسان، ما اعتبره حقوقيون "أمرًا روتينيًا، لن يغير من واقع حقوق الإنسان في مصر عامة ومنظمات المجتمع المدني على وجه الخصوص". ورأى عزت غنيم، مدير "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، أن اللقاءات البروتوكولية لا تغير من الوضع شيئًا ولن تحدث أي تغيير في المشهد الحالي، فالغرب يتعامل مع الأنظمة المستبدة ببعض المحاور كالدعم التقني والاستراتيجي والسياسي. وأوضح أن الغرب تحت صيحات ودعوات محاربة الإرهاب لن يتوقف عن دعم الأنظمة الاستبدادية فكما رأينا في قضية إغلاق النديم صيحات إعلامية في الغرب ثم صمت مطبق وكأن شيئًا لم يحدث. وأكد أن المقابلات والتقارير الغربية التقرير ما هي إلا وسائل تنفيس غربية للدول الواقعة تحت أنظمة استبداد عسكري مدعومة من الغرب ينتقدونه في التقارير الإعلامية والحقوقية ليظهروا بمظهر المدافعين عن الإنسان في الشرق وهم في الأصل يدعمون هذه الأنظمة بأحدث أسلحة القمع والقتل. أسامة ناصف، مدير وحدة العدالة الجنائية ب "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، قال إن هذه التقارير تتوقف على عدة معايير؛ لكي يكون لها صدى وتأثير ملموس على أرض الواقع، ومن أول هذه المعايير مدى العلاقة بين الدولة التي صدر التقرير من جانبها والتي صدر بشأنها. وأوضح ل "المصريون"، أن الهدف من التقرير له أهمية كبيرة في مدى تأثيره الإيجابي على حقوق الإنسان في البلدان المستبدة، موضحًا أنه في حال خروج التقرير بشكل سنوي لن يكون له أي تأثير يذكر على واقع حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، لكن خروجه بصورة ضغط على تلك البلاد التي يتم فيها انتهاك حقوق الإنسان سيكون مؤثرًا بشكل ملموس. وأكد أن كل هذه التقارير التي تخرج بشأن انتهاك حقوق الإنسان في مصر لن يكون لها تأثير وخاصة في ظل الانتهاكات الصارخة التي تحدث لكل المعتقلين، فضلاً عن الحقوقيين والمحاميين، لافتًا إلى أن واقع المحاكم وما نشاهده يؤكد عدم وجود تغيير في سياسات النظام القائم بشأن منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان. وأشار إلى أن ما يحدث في مصر خلال الفترة الراهنة يفتقد إلى الشفافية وهو ما لا يستطيع أحد أن يحدد ما ستؤول إليه أوضاع حقوق الإنسان في الفترة المقبلة، خاصة أن النظام السياسي القائم غير حريص على حقوق الإنسان وليس لديه نية في التحسين، وهو ما يؤكده النفي الدائم من قبله في التعدي على حقوق الإنسان. ومن بين هذه الوقائع، وفق تقرير الخارجية الأمريكية الإشارة إلى: "فرض قيود على حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات (الأهلية)، والتأثير السلبي على المناخ السياسي". ومن بين ما حمله التقرير، من اتهامات للسلطات في مصر: "الاستخدام المفرط للقوة والتعذيب من قبل قوات الأمن، ودون إجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، وقمع الحريات المدنية، والاعتقال التعسفي واستخدام المحاكمات العسكرية للمدنيين، وفرض قيود على حرية الإعلام وحرية الاعتقاد والتمييز المجتمعي ضد النساء". وتواجه مصر عدة تقارير حقوقية محلية ودولية، عن عدد من الانتهاكات، أبرزها الاختفاء القسري والتعذيب، والمنع من السفر، فيما ترفض السلطات المصرية وجود هذه الانتهاكات، وتقول إنها شائعات لتشويه مصر التي تلتزم بالقانون والدستور، وفق بيانات سابقة رسمية. محمد عبدالغني، الباحث في "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، قال إن الضغط من الجانب الأوروبي على النظام السياسي القائم فيما يخص عمل منظمات المجتمع المدني والحصول على انفراجة في ممارسة عملها دون قيود أمنية سيكون له تأثير لكنه ليس بالشكل المطلوب. وتوقع عبدالغني ل "المصريون" أن الضغط من الجانب الألماني سيكون له تأثير طفيف في عمل تلك المنظمات؛ لأن الاستجابة من قبل النظام السياسي القائم سيكون بهدف تحسين صورته دوليًا، بالإضافة إلى الحصول على بعض الامتيازات. ولفت إلى أن كل التقارير التي تصدر من الغرب لن يكون لها تأثير على واقع حقوق الإنسان في مصر عامة ومنظمات المجتمع المدني خاصة إلا وفقًا للعلاقة بين مصر وتلك الدول، بالإضافة إلى قوة الضغط من عدم، بجانب مدى استجابة الجانب المصري الذي أصبح أقل اهتماماته في الفترة الراهنة هي حقوق الإنسان. وأوضح أن عودة منظمات المجتمع المدني للعمل في مصر إلى سابق عهدها، وخاصة بعد هروبها من مصر منذ عام 2013 بسبب التضييق الأمني عليها متوقف على مدى الضغط الدولي من جانب الاتحاد الأوروبي عامة وليس ألمانيا وحدها على النظام والتي من شأنه أن يحدث انفراجة كبيرة في عمل تلك المنظمات في الفترة المقبلة.