منذ تولى اللواء محمد على مصيلحى وزارة التموين فى سبتمبر 2016 و المعروفة بوزارة الغلابة كما يُطلق عليها البعض، خلفا للدكتور خالد حنفى الذى تقدم بإستقالته نتيجة الهجوم عليه من قبل أعضاء البرلمان بسبب فساد صوامع القمح الذى أكتشفته لجنة تقصى الحقائق بالبرلمان حيث وصلت قيمة الفساد إلى 532 مليون جنيه في 10 صوامع فقط، التي تمت زيارتها من إجمالى 517 صومعة طبعا لتصريحات النائب مجدى ملك رئيس اللجنة، و من وقتها و الأزمات تتلاحق على المواطن الغلبان الواحدة تلو الأخرى مما عجلت بإعفاء اللواء مصيلحى من منصبه فى منتصف فبراير 2017 أى بعد توليه الوزارة بخمس شهور فقط شهدت مصر العديد من الأزمات التى هزت الشارع المصري وعجلت بتركه للكرسي و عانى المواطن الغلبان فى عهده أشد العناء. فبعد استقالة الدكتور خالد حنفى أختار الرئيس السيسى اللواء مصيلحى ليتولى حقيبة التموين لما له من خبرة سابقة فى هذا المجال حيث أنه كان يشغل منصب رئيس هيئة الإمداد والتموين الأسبق فى القوات المسلحة، وبعدها رئيس جهاز الخدمة العامة للقوات المسلحة لمدة 4 سنوات كان له فيها عدة انجازات، و بناءا عليه خاطب الرئيس السيسى البرلمان يخطره فيها رغبته في إجراء تعديل وزاري بتعيين محمد على مصيلحي وزيرًا للتموين، وقرأت الرسالة في الجلسة العامة بتاريخ 6 سبتمبر 2016 و رحب المجلس وقتها بذلك لما للرجل من خبره فى هذا المجال. و لكن ليس كل ما يتمناه مجلس النواب يدركه، و هذا ما حدث مع اللواء مصيلحى، حيث لم يحالفه الحظ و شهدت فترة توليه وزارة التموين العديد من الأزمات الواحدة تلو الأخرى، و التى يعتبر الخاسر الوحيد بها هو المواطن الغلبان. فقد تمثلت الأزمة الأولى ، في عدم قدرته على حل أزمة السكر التي بدأت منذ نهاية يوليو الماضي والمستمرة حتى الآن على بطاقات التموين، نتيجة لغياب الرقابة من جانب مفتشي التموين ومباحث التموين و التى جعلت أمناء مخازن الشركة القابضة للصناعات الغذائية يتاجرون في السكر المدعم ويسهلون لمحتكري السكر شراءه لبيعه في السوق السوداء للاستفادة من فارق السعر، مما جعل السوق يشهد عجزا غير مسبوق فى منتج السكر، حيث وصل سعر كيلو السكر فى المحلات إلى 15 جنيها فى سابقه لم تشهدها مصر من قبل، بالرغم من أن مصرمشهورة بزراعة البنجر و قصب السكراللذان يستخدمان فى صناعة السكر. أما الأزمة الثانية، فهي عدم قدرته على الاتفاق مع الفلاحين على شراء الأرز منهم بأسعار مناسبة تتماشى مع التكلفة الإنتاجية التى كانت يريدها الفلاحون لتصل إلى 3 آلاف جنيه للطن، و وقتها لجأ الوزير إلى أسهل الطرق لحل الأزمة هو استيراد الأرز الهندي ولكنه جاء مخيبا لآماله حيث إن تعويم الجنيه أدى إلى ارتفاع أسعاره في الوقت الحالي ليصل إلى 8.5 جنيها مقارنة ب 4 جنيهات في مارس الماضي . بينما الأزمة الثالثة تمثلت فيما شهده معدل الطحن من تراجع حادًا في فترة تولي اللواء مصيلحي الوزارة مما أدى لنقص عملية التوريد من جانب المطاحن لمنتجى العيش المدعم وهو الأمر الذي قامت على إثره شعبة المخابز بإرسال مذكرات لوزارة التموين تفيد بنقص الدقيق المورد من المطاحن ما يمثل خطورة على الأمن القومي. فيما جاء نقص بعض السلع الأساسية فى السوق المصري مثل الزيوت و الأرز ليمثل الأزمة الرابعة التى عجلت من مغادرته للوزارة، مما جعل المواطنين يشعرون بكارثة حقيقة في ظل غلاء الأسعار المسيطر على السوق بعد ارتفاع الدولار وتطبيق ضريبة القيمة المضافة. أما الأزمة الخامسة فتمثلت في حذف أسماء بعض المواطنين عن طريق الخطأ من بطاقات التموين أثناء تحديث البطاقات فى يناير الماضى رغم استيفاء شروط حصولهم على التموين الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين و قاموا بتقديم شكاوى لنواب دوائرهم للتدخل فى ذلك. مما جعل نواب البرلمان يقوموا بإستدعاء اللواء الوزير إلى المجلس للإجابة على قرابة ال100 استجواب وطلب إحاطة، ومناقشة كشف حسابه عن فترة توليه الوزارة والأزمات التي قام بحلها وعرض العقبات التي لم يجد لها حلول و ذلك فى جلسة 23 من يناير 2017. إلا أنه بعدها بأسبوع واحد فقط و تحديدا فى الأول من فبراير 2017 قام اللواء الوزير برفع أسعار بعض السلع على البطاقة التموينية حيث تعتبر هذه الزيادة هى الزيادة الرابعة خلال الشهور القليلة الماضية، حيث كان سعر كيلو السكر على البطاقات التموينية 5 جنيهات ارتفع إلى 6 جنيهات ثم إلى 7 جنيهات وأخيراً إلى 8 جنيهات، أما الزيت فقد وصل إلى 12 جنيهاً للزجاجة زنة 800 جرام، كما ارتفع سعر المسلى النباتى ال500 جرام إلى 12 جنيهاً، هذا بخلاف باقى السلع التى خارج المنظومة و التى فى ازدياد يكاد يكون يوميا، و هذه هى القشة التى قسمت ظهر البعير، و التى قرر المهندس شريف اسماعيل بناءا على ضغط نواب البرلمان من إقالة اللواء مصيلحى. و من هنا أستطيع أن أقول لك عزيزى القارئ أننا هنا أمام درس تعليمى قوى، ففى بداية اقالة الدكتور خالد حنفى و تعيين اللواء مصيلحى خلفا له أشاد البعض بهذا القرار بل و منهم من بالغ و قال يا ليت أن يكون كل الوزراء من رجالنا فى القوات المسلحة، و لكنهم لم ينتبهوا أن لكل مقام مقال و لكل حديث حدث، و أن التعميم خط كبير، فبالرغم من أن اللواء مصيلحى كان يشغل منصب رئيس هيئة الإمداد والتموين الأسبق بالقوات المسلحة، وبعدها رئيس جهاز الخدمة العامة للقوات المسلحة لمدة 4 سنوات كان له فيها عدة انجازات إلا أن النظام المدنى يختلف فالمسئولية المدنية أكبر بكثير نظرا لكبر عدد الفئة المستهدفة، فإن كان سيادة اللواء كان يخدم مليون أو أثنين مليون من رجالنا فى القوات المسلحة، ففى الحياة المدنية مطلوب منه أن يخدم 91 مليون مواطن، و الفارق كبير. و هذا ما يؤكد ما أقوله مرارا و تكرارا بأنه ليس من الضرورى عندما ينجح شخص ما فى مجال معين أن ينجح فى مجالات أخرى، بل قد ينجح شخص ما فى مجال معين فى بيئة معينة و إذا تغيرت تلك البيئة لا يستطيع تحقيق ما حققه قبل ذلك من نجاحات فى البيئة الأولى، فلكل مقام مقال و لكل حديث حدث. و أختم كلامى بالدعاء لبلدى الحبيبة مصر أن يرزق شعبها الخير و الأمن و السلام و أن يرفع عنا الغلاء و الوباء.
Yasser Badry عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.