من المعلوم للجميع أن القنوات الفضائية ما هى إلا مشاريع استثمارية يقوم بإطلاقها أصحاب الأموال لاستثمارها، ومن الطبيعى أن من يقدم على مشروع يجب أنه قام بعمل دراسة الجدوى اللازمة له، ومن هذه المشروعات القنوات الفضائية التى تحتاج إلى رأس مال مرتفع لضخامة ما تنفقه قبل أن تأتى بعائد الأموال المستثمرة، ويكون ضخمًا أيضًا، وفى النهاية ما هى إلا مشروعات خاصة يعود نفعها المادى على أصحابها، ولكن فى الآونة الأخيرة طفت على السطح ظاهرة غريبة، إذ أعلنت بعض هذه القنوات عن احتياجها لدعم مادى حتى تستمر، ومما أثار مشاعر الاستفزاز أن صاحب إحدى هذه القنوات، وهى قناة "الأمة"، كتب على الشاشة: إذا كنت تريد نصرة نبيك والدفاع عنه فيجب أن تتبرع كنوع من إلباس الأمر ثوب الدين واستنفار المشاعر الدينية لدى الناس، ولم تكتفِ القناة بذلك، فخرجت من إطار التبرع بشكل عام إلى توجيه نداء للتبرع بشكل خاص لصاحب محلات التوحيد والنور السيد رجب السوريكى، وحثه على التبرع بعشرة آلاف جنيه كل شهر. وأضافت القناة من خلال البار الإعلانى الذى حمل الرسالة أنها لا تجد غضاضة فى هذا الطلب. يذكر أن قناة الأمة عادت بعد الثورة بعد توقفها قبل ذلك لسنوات، وكانت تنتهج نفس النهج فى جمع التبرعات بحجة الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت تبث من إحدى الدول الأوروبية، خوفًا من تدخل الحكومة المصرية لمنعها من البث إبان حكم المخلوع. أما قناة الحكمة الفضائية، فهى دائمًا فى حاجة للدعم المادى الذى لا يكاد يخلو شريطها الإخبارى من طلبه قبل الثورة وبعد الثورة، رغم ثراء صاحبها وسام عبد الوارث، بحجة أنها أيضًا دينية تدافع عن الدين، وهى فى الأساس قناة تجارية تسعى للربح، بدليل أن هناك قنوات دينية تحظى بنسب مشاهدة عالية وتتمتع بمصداقية عالية لدى المشاهدين، ومن هذه القنوات المجد والرحمة والناس، ولما لم تجد المتبرعين، طرحت أسهمها للاكتتاب وشراء حصص فى شركة الحكمة الإعلامية. أما ثالث القنوات التى فتحت حسابًا لها فى أحد البنوك لتلقى التبرعات عليه، قناة الروائع الإسلامية الجديدة، ونشرت رسالتها عبر قناة جديدة تسمى "بورسعيد"، وجاء فى الرسالة: (لدعم قناة الروائع الإسلامية للعودة من جديد.. الاتصال على الرقم000 أوالتبرع على رقم حساب 0000 البنك الوطنى للتنمية باسم الشيخ محمد أبو كرات. وهناك أيضًا قناة "الفجر" الفضائية التى مل المشاهد من كثرة غلقها وفتحها فى كل مرة، يقوم الشيخ وجدى الغزاوى، سعودى الجنسية وصاحب القناة، بحملة على قناته وفتح حساب فى البنك لتلقى تبرعات عليه، وقد تم ذلك أكثر من عدة مرات، حتى أن بعض الأمراء السعوديين دعمه كثيرًا حتى تستمر القناة، ولاسيما أنها متخصصة فى إذاعة القران الكريم، فهذه القنوات تسىء للدين أكثر من الحفاظ عليه، لأنها تظهر أصحابه بالضعفاء الذين يتسولون من أجل الدفاع عنه. وانضمت قناة "الفراعين" للقنوات التى تبحث لها عن دعم أو تبرع لدى المشاهدين، بحجة أن الحكومة كانت تحاربها ومنعت عنها الإعلانات مع أن صاحبها أطلقها خصيصًا لتكون صوت الحزب الوطنى، وتقربًا من القيادة السياسية، إلا أن الاختلاف وعدم التوافق فى الرؤى والمصالح جعل من المستحيل أن يتم هذا التوافق، فغرد توفيق عكاشة خارج سرب الحزب الوطنى وبعد قيام الثورة، هاجم النظام السابق بضراوة وهو الذى كان فخورًا يومًا ما بانتمائه إليه للدرجة التى جعلته يقبل يد صفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطنى قبل قيام الثورة، ويسعى عكاشة بكل جهده للوقوف خلف المجلس العسكرى، حتى يضمن بقاء قناته التى يظهر على شاشتها أكثر من تواجده فى منزله والتى تعانى من أزمة مالية طاحنة تهدد بإغلاقها، لذلك قام بإطلاق حملة لحث المشاهدين على التبرع كى يستمر دعمًا للثورة، وبالفعل جمع مبالغ تخطت ال300 ألف جنيه، ولكنها لم توفِ بما عليه من التزامات، فما زالت مشكلة أجور العاملين كما هى، فمعظمهم لم يتقاضَ أجره منذ شهور، والسؤال هل تعتمد هذه القنوات على التبرعات؟ وإلى متى ستصمد؟